ثمة شيء واحد مشترك بين تمثال الحرية وبرج إيفل، وهو أن كليهما عُرض في معرض باريس إكسبو، عندما عرض رأس تمثال الحرية لأول مرة في معرض باريس عام 1878، وكان برج إيفل رمزا لمعرض إكسبو باريس عام 1889، الذي أقيم للاحتفال بالذكرى المئوية للثورة الفرنسية.
وبعد حوالي 145 عاما، وقع الاختيار على العاصمة السعودية، الرياض، الثلاثاء، لاستضافة معرض إكسبو العالمي 2030 بعد عرضها الذي ركز على تشكيل مستقبل مزدهر ومستدام، متفوقة على روما ومدينة بوسان الساحلية في كوريا الجنوبية في حدث من المتوقع أن يجذب ملايين الزوار، بحسب وكالة "أسوشيتد برس".
والمعرض الدولي، الذي يقام كل خمس سنوات، ستنظمه المملكة في الفترة من أكتوبر 2030 إلى مارس 2031. وستكون هذه هي المرة الثانية التي يقام فيها هذا الحدث في الشرق الأوسط بعد استضافة دبي لمعرض إكسبو 2020 الذي تأخر بسبب وباء كوفيد، وفقا لوكالة "بلومبرغ".
وكات الحكومة السعودية قد قالت إنها تخطط لإنفاق 7.8 مليار دولار لتنظيم المعرض إذا نجحت في عرضها الذي كان تحت عنوان "عصر التغيير: معًا من أجل غد مستنير".
ما هو إكسبو؟
يعد معرض إكسبو العالمي، الذي يعود تاريخه إلى المعرض الكبير عام 1851 في لندن والمعرض العالمي عام 1889 في باريس الذي شهد بناء برج إيفل، حدثًا استعراضيًا يستمر لأشهر ويجذب ملايين الزوار ويهدف إلى الاستجابة للتحديات العالمية، بحسب وكالة "فرانس برس".
ووفقًا للمكتب الدولي للمعارض (BIE)، المنظمة الحكومية الدولية المسؤولة عن الإشراف على إكسبو وتنظيمها، فإن جميع هذه المعارض الدولية تستمر لأكثر من ثلاثة أسابيع وهي ذات طبيعة غير تجارية.
وفي البداية، كانت المعارض عبارة عن منصات لعرض الاختراعات المبتكرة والتقنيات الجديدة مثل الهاتف والسيارات والآلة الكاتبة والتلفزيون والمصعد. وعلى سبيل المثال، كشف ألكسندر غراهام بيل عن الهاتف في معرض إكسبو عام 1876 الذي أقيم في فيلادلفيا، وتم عرض التلفزيون، الذي اخترعه فيلو تايلور فارنسورث في عام 1927، في معرض إكسبو العالمي في نيويورك عام 1939.
وتوفر هذه المعارض فرصة للاحتفال بالأحداث التاريخية الكبرى. فبالإضافة إلى معرض باريس عام 1889، الذي كان يحتفل بالذكرى المئوية للثورة الفرنسية، استضافت فيلادلفيا معرضًا في عام 1876 للاحتفال بالذكرى المئوية لاستقلال الولايات المتحدة. وشهد معرض دايغون في عام 1993 مرور 100 عام على أول مشاركة لكوريا الجنوبية في المعرض الدولي، وفقا لمجلة "ذا ديبلومات".
وتساعد المعارض في تعزيز الصورة العامة للبلد المضيف والمكانة الوطنية والعالمية.
وعلى مستوى أكثر عملية، من المتوقع أن تحقق استضافة المعرض فوائد اقتصادية ضخمة، خاصة في خلق فرص العمل وتعزيز السياحة، بحسب المجلة.
ويمثل معرض إكسبو فرصًا لجني الأموال الكبيرة للدول المستضيفة، إذ يدر الأموال والوظائف ويُحدث ضجة عالمية، وفقا لمجلة "بوليتيكو".
ما أهمية إكسبو بالنسبة للسعودية؟
أطلقت السعودية حملة تسويقية كبيرة تضمنت معرض "الرياض 2030" بالقرب من برج إيفل وإعلانات واسعة النطاق في جميع أنحاء باريس، بحسب "أسوشيتد برس".
وخصصت المملكة ما لا يقل عن 7.8 مليار دولار للمشروع التاريخي الذي يحمل شعار: "عصر التغيير: معًا لغدٍ مستنير"، وفقا لـ"بوليتيكو".
وحظي العرض السعودي، الذي يسعى إلى تنويع اقتصاد المملكة وتعزيز مكانتها الدولية، بدعم رسمي من الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بحسب "أسوشيتد برس".
وبالنسبة للسعودية، ترى الوكالة أن استضافة المعرض من شأنه أن يعزز مساعي ولي عهد السعودية، الأمير محمد بن سلمان، لتنويع اقتصاد المملكة الذي يهيمن عليه النفط وجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي.
وتشمل الخطط السعودية شبكة نقل عام رئيسية ومساحة مستديرة رئيسية فيها حدائق عامة ومرافق ألعاب إلكترونية ومنصات للعروض واسعة النطاق وأماكن رياضية. ويتضمن المشروع التركيز على "تسريع الابتكارات" للحفاظ على النظم البيئية الطبيعية، وفقا لـ"أسوشيتد برس".
وقال الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمدينة الرياض، فهد الرشيد، للوكالة إن خطة معرض المملكة تتضمن تحويل الرياض إلى "معرض فني مفتوح بلا جدران".
وتأمل المملكة أن يجلب المعرض 40 مليون زائر إلى عاصمتها، بحسب الوكالة.
وأشار ولي عهد السعودية، الأمير محمد بن سلمان، في بيان إلى المعرض باعتباره فرصة للتوسع في خططه التنموية. وقال في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية: "أصبحت المملكة العربية السعودية وجهة مثالية لاستضافة الأحداث الدولية الكبرى، بما في ذلك معرض إكسبو العالمي الموقر".
وترى "فرانس برس" أن استضافة المعرض تحظى بأهمية كبيرة بالنسبة للسعودية التي يسعى ولي عهدها لتنظيم أهم الأحداث في العالم لوضع المملكة على الخريطة العالمية ولإثبات سيرها في اتجاه أكثر تقدمية اجتماعيًا، فضلا عن احتضانها لقطاعات متطورة مثل التكنولوجيا الخضراء والرعاية الصحية.
كما يُعد تاريخ 2030 أيضًا رمزيًا إلى حد كبير لأنه يتزامن مع معلم رئيسي في برنامج رؤية 2030 لبن سلمان لتنويع صورة السعودية اقتصاديًا وثقافيًا أيضًا.
وأيد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، السعودية أمام إيطاليا وكوريا الجنوبية. ويأتي تأييد باريس في الوقت الذي كثف فيه ماكرون جهوده لتعزيز العلاقات الدبلوماسية مع الرياض، بما في ذلك من خلال زيارتين لمحمد بن سلمان إلى الإليزيه على مدى العامين الماضيين، وفقا لـ"بوليتيكو".
وبنى ماكرون ومحمد بن سلمان علاقة شخصية جيدة يمكن أن تكون مفيدة من الناحية الاستراتيجية لفرنسا خاصة أنه من المتوقع أن تلعب المملكة دورًا رئيسيًا في محاولات حل الصراع بين إسرائيل وحماس، بحسب المجلة.
وتعد المصالح التجارية والاستراتيجية القوية أيضًا، بحسب المجلة، أمرًا بالغ الأهمية لهذه العلاقة، حيث تتطلع الشركات الفرنسية إلى إبرام عقود مدنية وعسكرية ضخمة في السعودية.
واستخدمت دبي معرض إكسبو 2020، الذي تأخر لمدة عام بسبب جائحة كوفيد-19 في عام 2021، كوسيلة لإنعاش اقتصادها في وقت بدأ فيه العالم في الخروج من عمليات إغلاق السفر. وقالت إن أكثر من 24 مليون شخص زاروا الموقع خلال الحدث الذي استمر ستة أشهر، وفقا لـ"بلومبرغ".
وحاليا ستستخدم دبي موقع المعرض، الذي تبلغ تكلفته 7 مليارات دولار، لاستضافة محادثات المناخ "كوب 28 " للأمم المتحدة، الأسبوع الجاري، بحسب "أسوشيتد برس".