ترجمة عبرية: آلة “محور المقاومة” الإعلامية بعيدة المدى في الشرق الأوسط
يمن فيوتشر - thecipherbrief- أري هايستاين- ترجمة: مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية الجمعة, 17 نوفمبر, 2023 - 01:23 مساءً
ترجمة عبرية: آلة “محور المقاومة” الإعلامية بعيدة المدى في الشرق الأوسط

مُنيت السعودية بهزيمة نكراء في حرب المعلومات ضد الحوثيين. وكانت الاستراتيجية الإعلامية للحوثيين فعَّالة في تصوير السعودية بأنها السبب في الحالة الاقتصادية المزرية في اليمن، والتأكيد على أهمية تقديم المساعدات الإنسانية، وممارسة الضغط لكبح جماح التحالف الذي تقوده السعودية. من المحتمل أن تكون الحملة الإعلامية للحوثيين قد جرى تنسيقها وتخطيطها مع المجلس الأعلى لاتحاد الإذاعات والتليفزيونات الإسلامية IRTVU الإيرانية في بيروت، حيث يوجد مقر منبرها الإعلامي “المسيرة”. 
وبينما تقاتل إسرائيل حماس ميدانيًا، فإنها سوف تواجه هجومًا مماثلًا من “المحور الإعلامي” الإيراني، ويتعيّن عليها أن تفكر في كيفية الاستعداد لمواجهة ذلك.
إن تدريب إيران وكلاءها على كيفية شن حرب المعلومات قد أشار إليه مؤخرًا مات ليفيت، الخبير في شؤون حزب الله، في بودكاست بعنوان “خرق القاعدة الذهبية لحزب الله”. وأوضح ليفيت أن حزب الله، الشريك الوثيق لطهران، يدير معسكرًا تدريبيًا في بيروت لتعليم المجندين التابعين لـ “محور المقاومة” الإيراني كيفية إنشاء وتضخيم المعلومات المضللة والتأثير على العمليات. وليس من قبيل الصدفة أن الجماعات الأخرى المدعومة من طهران، ومن بينهم الحوثيون و الجهاد الإسلامي الفلسطيني، تدير أيضًا عملياتها الإعلامية من بيروت على الرغم من أن منظماتها موجودة في بلدان أخرى تمامًا. ومن الجدير بالذكر أيضًا أن الجهود الإعلامية التي تقودها إيران لها حضور في المملكة المتحدة وأوروبا.
إن التشابه الظاهري بين السيناريوهين الإسرائيلي والسعودي واضح. من حيث أنهما بلدانًا أكبر وأكثر ثراءً وأكثر تقدمًا تقاتل جهات مارقة غير حكومية تدربها إيران وتجهزها لاستخدام القدرات غير المتماثلة والإرهاب من داخل المناطق المكتظة بالسكان. في كلتا الحالتين، يسعى الوكيل الإيراني إلى بناء ونشر سردية “داود مقابل جالوت” لتحقيق ميزة في ساحة الرأي العام وكذلك في ساحة المعركة.

سيكون لإسرائيل ثلاث أولويات رئيسية في حرب العلاقات العامة ضد حماس:
- تحقيق أقصى قدر من حرية العمل من حيث كثافة حملتها.
- زيادة الفترة الزمنية التي ستحظى حملة إسرائيل من خلالها بدعم دولي واسع النطاق، ويكون هناك ضغط محدود لوقف إطلاق النار.
- الحفاظ على صورة دولية إيجابية لدى الجمهور العام باعتبارها دولة لديها واجب أخلاقي لحماية مواطنيها مع تجنب وقوع إصابات في صفوف المدنيين الفلسطينيين قدر الإمكان.

وبينما تسعى القدس إلى تعزيز هذه الأهداف، فمن المرجح أن تواجه انتقادات كبيرة؛ لأنه من غير المرجح استئصال منظمة “إرهابية” ضخمة وشرسة من بين عامة السكان بدقة وبسرعة. ومن المرجح تضخيم أي ادعاءات بارتكاب إسرائيل أخطاء أثناء الصراع، سواء جرى التحقق منها أم لا، من خلال الحملة الإعلامية التي تقودها إيران للضغط على إسرائيل لإنهاء حملتها قبل الأوان مع ترك البنية التحتية لحماس قائمة.

التكتيك الأول الذي يمكن توقعه من وسائل إعلام “المقاومة” هو الترويج للجماعات المدعومة من إيران باعتبارهم المدافعين الشرعيين عن الشعب الذي يحكمونه. وهم يفعلون ذلك من خلال تأطير الجماعة في المقام الأول في سياق الصراع الخارجي للبلاد بدلًا من ديناميكياتها الداخلية. يكاد يكون من المستحيل في الأنظمة الشمولية، مثل حماس والحوثيين، إجراء أي نوع من استطلاعات الرأي، لذلك من الصعب إثبات أو دحض مزاعم الدعم الشعبي لهذه الجماعات. وفي الوقت نفسه، من المستحيل إنكار مدى إيذاء هذه الجماعات لسكانها.

ثانياً، صورت وسائل إعلام “المقاومة” الأوضاع الاقتصادية المزرية للدول التي يحكمها وكلاء إيران على أنها نتيجة للعقوبات أو الحصار. وهذا الهدف له شقين: إلقاء اللوم على الغرب بأنهم سبب بؤس السكان الخاضعين لسيطرتهم، مع ممارسة ضغوط دولية لتخفيف الحصار بطريقة تيسر تدفق كميات أكبر من السلع ذات الاستخدام المزدوج و تهريب العتاد.

ثالثًا، تبالغ وسائل الإعلام التي تقودها إيران في الحاجة إلى المساعدات الإنسانية وفوائدها. وفي اليمن، كما في غزة، ستؤكد الأنظمة وأبواقها على نقطة مفادها أنه لا يوجد ما يكفي من المساعدات الخارجية نظرًا لخطورة الوضع. وبما أن الأموال قابلة للاستبدال، فإن السماح باستمرار ضخ المساعدات هو، في أفضل الأحوال، دعم لسوء حكم النظام من خلال تمكينه من الاستمرار في تخصيص الموارد لتحقيق أهداف أكثر ضررًا، وفي أسوأ الأحوال، ملء جيوب النظام مباشرة.
يمكن أن تواجه المنظمات، التي تبلغ نفقاتها عشرات أو مئات الملايين من الدولارات سنويًا، صعوبة في تتبع النفقات وفحص الموردين في أفضل الظروف، ناهيك عن مناطق الحرب في بلدان غير مألوفة ذات اقتصادات غير رسمية كبيرة وفساد مؤسسي.

ردًا على هذه التكتيكات، ينبغي لإسرائيل أن تسعى إلى التأكيد على ثلاث رسائل مهمة:
لا ينبغي الخلط بين قتال حماس ضد المدنيين الإسرائيليين باعتباره مماثلًا للنضال من أجل الحقوق الفلسطينية. تتمتع حماس بتاريخ طويل من إعدام معارضيها (الفلسطينيين) بإجراءات موجزة، وتعذيب الصحفيين، وإجراء الاعتقالات التعسفية، وكل ذلك في الوقت التي تثري نفسها على حساب سكانها. وحتى لو كانت هذه الجماعات تتمتع بدعم كبير بين بعض قطاعات السكان، فلا شك أن هناك أيضًا فئات عريضة في المجتمع ضحية لاستمرار حكمها. ومن خلال ارتداء عباءة معاداة إسرائيل، تسعى حماس إلى تبرير أو التستر على جرائمها ضد الفلسطينيين. وفي الوقت نفسه، ومن خلال إثارة الحرب وترك المدنيين عرضة للغارات الجوية الإسرائيلية في حين أن مقاتليها وأسلحتها آمنون في الأنفاق، فقد أظهرت حماس بوضوح ازدراءها أو عدم اكتراثها بحياة المدنيين الفلسطينيين. وينبغي أن يكون للجماعات الحقوقية الفلسطينية مصلحة قوية في تعزيز هذا التمييز أيضًا، وإلا فإنها تخاطر بخلط قضيتها مع منظمة إرهابية أجنبية.
إن الجزء الأكبر من مسؤولية الانهيار الاقتصادي في غزة يقع على عاتق حكامها. ومن غير المتصور أن يكون لقطاع مثل غزة، الذي يفتقر إلى نظام قانوني فعال وتحكمه منظمة “إرهابية”، اقتصاد مزدهر. ويصدق هذا بشكل خاص عندما يستثمر نفس النظام الإرهابي مئات الملايين من الدولارات من ميزانيته المحدودة في الأسلحة والأنفاق كل عام من أجل إثارة الصراع، بدلًا من تطوير أي نوع من الصناعة التي يمكن أن تمكن السكان من الاستفادة من الاقتصاد العالمي. ومن المهم أيضًا ملاحظة أنه في بعض الحالات، لا يكون النقص في السلع وهميًا بقدر ما يكون مفتعلًا. وبما أن الوقود هو أحد أهم السلع الأساسية للحياة اليومية، فإن الأنظمة غالباً ما تقوم بتخزين كميات هائلة منه. لم يكن نقص الوقود في اليمن نتيجة لنقص الإمدادات، بل كان بسبب احتكار نظام الحوثيين؛ وقد مكنهم ذلك من ملء جيوبهم عن طريق بيع كميات كبيرة في السوق السوداء مقابل أسعار متميزة. وعلى نحو مماثل، فمن المعروف أن حماس تحتفظ بمخزون من الوقود في حين يكافح سكانها المدنيون ومستشفياتها من أجل تشغيل مولداتهم الكهربائية. وبالمثل، أفادت التقارير أن حماس تستخدم سلطتها على حدود غزة وطرق التهريب لخلق شح في الوقود يمكن من التلاعب بالأسعار على سكان غزة.
باعتبارهم حكامًا مستبدين لقطاعاتهم، تقوم حماس بلا خجل بالاحتيال على المساعدات الإنسانية، وسرقتها، واستغلالها لتحقيق مصلحتها الخاصة. وفي غزة، لا توجد طريقة مجدية لضمان أين سينتهي المطاف بالأموال والإمدادات ومن سيستفيد منها. وتتفاقم هذه المشكلة بسبب حقيقة أن المنظمات الدولية لا تملك الجرأة لمواجهة هذه الأنظمة، كما ظهر مؤخرًا في كل من اليمن و غزة. لا شك أن الحصار يضر والمعونات تساعد، ولكن المشكلة الأساسية تكمن في وجود حكومة ترهب المستثمرين، وتختطف الأجانب، وتعطي الأولوية للحرب على التطور. إن الجهود حسنة النية لتحسين حياة الفلسطينيين لا يمكن تعزيزها بمجرد إنفاق المزيد من الأموال على المشكلة.
إن “محور المقاومة” مستعد لهذه الحرب وقد صاغ رسالته لجذب الجماهير الغربية. أثبت صراع السيطرة على الفضاء المعلوماتي أنه مهمة صعبة بالنسبة للسعوديين، الذين تعرضوا منذ ذلك الحين لضغوط من شريكهم الغربي لوقف القتال والبدء في التفاوض على الرغم من أنهم لا يملكون النفوذ اللازم للتوصل إلى اتفاق مناسب.
لا يمكن إسرائيل أن تخفف من حملتها ضد حماس كما فعلت السعودية (تحت ضغط كبير) مع الحوثيين؛ وهذا خيار غير جذاب بشكل خاص لأن القرارات السعودية بالسعي إلى وقف إطلاق النار من جانب واحد، وتخفيف الحصار، والتفاوض مع الحوثيين، فشلت في إنهاء تهديد الحوثيين وتخفيف الأزمة الإنسانية في شمال اليمن الذي يسيطر عليه الحوثيون.
لا يمكن لإسرائيل أن تكون بطيئة ومتفاعلة في رسائلها إذا كانت تسعى إلى حماية مصالحها الأساسية فيما يتعلق بحرية العمل في ظل كثافة حملتها ومدتها. ويتعيّن على فريق المتحدثين الإسرائيليين المحترفين والمتطوعين أن ينجح فيما فشل فيه السعوديون، وإلا فإنه يخاطر مجبرًا بإنهاء حملة تفكيك حماس قبل الأوان.

لقراءة المقال من موقعه الاصلي، يرجى زيارة الرابط التالي:


التعليقات