طوفان الاقصى: مع دخول حرب غزة مرحلة جديدة، إسرائيل تواجه ضغوطاً بشأن مقتل المدنيين
يمن فيوتشر - نيويورك تايمز- ترجمة : ناهد عبدالعليم: الإثنين, 06 نوفمبر, 2023 - 08:52 مساءً
طوفان الاقصى: مع دخول حرب غزة مرحلة جديدة، إسرائيل تواجه ضغوطاً بشأن مقتل المدنيين

بعد مُرور ما يقرب من أسبوع على تدفق الدبابات والقوات الإسرائيلية إلى غزة، يقول المسؤولون العسكريون الإسرائيليون بأنهم حققوا مكاسب مطردة ضد حماس. لكن العملية البرية -التي تطوّق الآن مدينة غزة -تدخل مرحلة محفوفة بالمخاطر للغاية، مع تقدم القوات الإسرائيلية في منطقةٍ حضرية مليئة بالأنفاق ومَوطن للعديد من الفلسطينيين.
وكانت الغارات الجوية الإسرائيلية هذا الأسبوع على حيٍ مُكتظ بالسُكان في شمال غزة -والتي أسفرت عن مقتل العشرات من المدنيين- تُثير المخاوف من أن الحرب قد تمتد إلى جبهة ثانية، و تتجه إلى الضِفة الغربية المُحتلة و التي تُعد أكبر بكثير، حيث غضب الفلسطينيون من القصف الذي أدى إلى مقتل الآلاف.
كما أن الصور المُروعة للقتلى والجرحى تزيد من حِدة الضغوط الدولية على إسرائيل. 
ويوم الجمعة، اظهر وزير الخارجية (أنتوني بلينكن) ضغطًا ملحوظا على رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو) ليأمر بـ”وقفٍ إنساني” للعملية حتى يُسمح بوصول المزيد من المُساعدات إلى المدنيين ومُغادرة المزيد من الأشخاص للقطاع.
 لكن بدا أن السيد (نتنياهو) رفضَ فيما بعد فكرة إيقاف الحملة العسكرية بشكلٍ مؤقت، قائلاً إن أي وقفٍ لإطلاق النار سيعتمد على إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس في غزة.
وقال أحد كِبار المسؤولين العسكريين الإسرائيليين إنه واثق من أن القوات ستُسيطر على غزة، كما تزعم إسرائيل أنها قتلت المئات من نُشطاء حماس في هجماتها. لكن المسؤول لم يكن متأكداً -مع تحول الرأي العام العالمي بشكل حاد ضد إسرائيل- من أنه سيكون لديهم ما يكفي من الوقت للقضاءِ على جميع قوات حماس أم لا، وهي حملة قال القادة الإسرائيليون إنها قد تستغرق أشهُراً.
 ويزعم القادة الإسرائيليون علناً تحقيق مكاسب ثابتة، لكنهم يقدمون القليل من التفاصيل حول ردهم العسكري على هجمات حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، والتي خلّفت 1400 قتيل من الجنود والمدنيين، بما في ذلك النساء والأطفال وكِبار السن، والتي تضمنت التعذيب وسوء المعاملة.
وقال (اللفتنانت جنرال هيرتسي هاليفي) -رئيس أركان الجيش الإسرائيلي- في بيانٍ يوم الخميس: "إن قواتنا في قلب عمليةٍ برية في شمال قِطاع غزة. و نحن نطوق المدينة بالكامل."
وقد صُورت مقابلاتٍ مع كبار المسؤولين العسكريين الإسرائيليين -الذين أصروا على عدم الكشف عن هويتهم لمُناقشة الهجوم المستمر- يقولون فيها أن العملية البرية حققت تقدماً كبيراً ضد مجموعة مُتشددة من مقاتلي حماس.
 وقال المسؤولون إن القوات تتقدم بشكلٍ مطرد في أحياء مدينة غزة، وتواجه مقاتلي حماس الذين يخرجون من الأنفاق أو أماكن أخرى للاختباء لمحاولة القبض عليهم. وقد استخدمت حماس منذ فترةٍ طويلة مثل هذا التكتيك في اشتباكات حرب العصابات مع القوات الإسرائيلية، وكان فعّالاً في إبطاء تقدُم الجنود في الوقت الذي تصرف فيه القادة الإسرائيليون بحذر لتقليل الخسائر في صفوفهم.
 لكن هذه المرة، قال المسؤول العسكري الإسرائيلي الكبير، إن ضخامة هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول جعلت القادة الإسرائيليين أقل نفوراً من المُخاطرة بشأن كيفية الاشتباك مع العدو. ويقول الجيش الإسرائيلي إنه فقد نحو 20 جندياً.
وقال اثنان من المسؤولين إن بعض قيادات حماس انهارت، لكن في أماكن أخرى لا يزال المسلحون يقاتلون بقوة. ولا يزال العديد منهم مُختبئين في الأنفاق، كما يفعل كِبار قادة التنظيم.
 وقال مسؤولون إسرائيليون أيضاً إنهم يعتقدون أن قيادة حماس كانت في حالةٍ من الفوضى منذ بِدء العملية البرية، عندما تم قطع خدمات الإنترنت والهاتف الخلوي والأرضي عن غزة.
 ومع ذلك، فإن العملية لم تحقق بعد أحد أهدافها الرئيسية، مثل فرض ضغوط كافية على حماس لإجبارها على التفاوض بشأن إطلاق سراح أكثر من 200 شخص اُختِطفوا خلال الهجمات، أو تمكين إسرائيل من إنقاذهم في عملية عسكرية خاصة.
ويتحدث زُعماء حماس السياسيون بلهجةٍ مُتحدية.  حيث قال (غازي حمد) -أحد كبار القادة- إن الجماعة ستُنفذ المزيد من الهجمات على إسرائيل حتى يتم إبادتهم. ونشرت حماس يوم الخميس لقطاتٍ قالت إنها تُظهر مقاتليها وهم يُطلِقون قاذفة قنابل يدوية على دبابةٍ إسرائيلية. كما تُطالب حماس أيضاً بتسليم الوقود كشرطٍ لإطلاق سراح الرهائن على الرغم من أن الأمم المتحدة قالت إن الحركة تقوم بتخزين الوقود.
 وأكدت حماس مقتل بعض قادتها من ذوي الرُتب المتوسطة والعليا في الهجمات الأخيرة، لكنها نفت المزاعم الإسرائيلية بمقتل ضُباط كبار آخرين.
و بعد ثلاثةِ أيامٍ مُتتالية من الغارات الجوية الإسرائيلية على حي جباليا شمال غزة، كان رجال الإنقاذ يبحثون عن ناجين بين أنقاض المباني المنهارة. و وفقاً لوزارة الصحة في غزة التي تسيطر عليها حماس فإن تلك الغارات الجوية قتلت وجرحت أكثر من 1000 شخص، بينهم العديد من الأطفال. ومع ارتفاع عدد القتلى في هذه الهجمات وغيرها، تزايدت المُطالبات بوقفِ إطلاق النار في جميع أنحاء العالم.
وكرر (بلينكن) -الذي التقى (نتنياهو) في تل أبيب الجمعة- دعوة الرئيس (بايدن) لوقفِ الحملة الانتخابية. وقال وزير الخارجية إن ذلك سيُسهل إيصال المُساعدات للمدنيين ويمكن أن يساعد في إطلاق سراح 240 شخصاً تحتجزهم حماس وإخراجهم من غزة.
 وقال (بلينكن) في مؤتمرٍ صحفي: “نحن نُدرك أن هذا سيستغرق وقتاً للتحضير”، مُشيراً إلى أنه يجب ألا يُسمح لحماس باستغلال وقف القتال. ولم يقدم أي تفاصيل حول توقيت أو مُدة فترات التوقف المُقترحة، وأشار إلى أن هذا الأمر لا يزال قيد النقاش مع الإسرائيليين.
وبينما تستمر هذه المناقشات، قامت القوات الإسرائيلية بتقسيم قطاع غزة إلى نصفين، بعد أن تسابقت عبر القطاع من الشرق إلى الغرب ووصلت إلى البحر الأبيض المتوسط ​​يوم الثلاثاء.  و تقوم إسرائيل الآن بالسيطرة على وسط غزة، وهي منطقة أقل استيطاناً و تضم ​​مُخيمات متناثرة للاجئين.  وقطعت القوات الطرق الرئيسية الممتدة بين الشمال والجنوب المؤدية إلى مدينة غزة، مما حرم حماس من المعدات والمركبات والتعزيزات الأخرى المنقولة فوق الأرض. لكن العديد من الأنفاق لا تزال سليمة.
و من المُحتمل أن يكون فقدان خدمة الإنترنت والهاتف في غزة في المرحلة الأولى من العملية قد أعاق قُدرة قادة حماس على جمع المعلومات الاستخبارية من الميدان أو التواصل مع قادتهم السياسيين في لبنان. كما ساعد أيضاً في منعهم من بث صور الهجوم إلى العالم، وهو الأمر الذي كان من الممكن أن يزيد الضغط على إسرائيل للتوقف.
 ومع ذلك، و وفقاً لوزارة الصحة في غزة، فقد أدى ذلك إلى تعميق الأزمة بالنسبة للمدنيين في القطاع. وارتفع عدد القتلى جراء الغارات الجوية إلى أكثر من 9000، حيث نفدت المستشفيات في القطاع من الوقود والإمدادات الأساسية، ويقول بعض الأطباء إنهم اضطروا إلى إجراء عملية جراحية دون تخدير.
 وتؤدي الكارثة الإنسانية إلى زيادة التوترات في الضفة الغربية التي تعاني بالفعل من موجة من الهجمات العنيفة التي يشنُها مستوطنون يهود مدججون بالسلاح على الفلسطينيين واعتداءات مُسلحي حماس على اليهود.
وقال مسؤولون عسكريون ومخابرات إسرائيليون إنهم يشعرون بالقلق من اندلاع أعمال عُنف على نطاق أوسع قد يتطلب رداً كبيراً من قِبل جيشٍ منتشر بكثافة في عملية غزة وللحماية من هجومٍ محتمل في شمال إسرائيل من قبل حزب الله اللبناني.
وفي الأشهر الستة الماضية، تم نقل القوات الإسرائيلية لتعزيز تلك الموجودة في الضفة الغربية.  ولكن بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، تم استبدالهم بوحدات احتياطية أصغر حجماً وأقل خبرة، لأن إسرائيل كانت بحاجة إلى قواتها على الخطوط الأمامية في غزة.
 وقال محللون عسكريون إن الجيش الإسرائيلي لديه ما يكفي من القوات لشنِّ الهجوم البري أثناء قيامه بعمليات منتظمة في الضفة الغربية. لكن (ياجيل ليفي) -الخبير في شؤون الجيش الإسرائيلي في الجامعة المفتوحة في إسرائيل- قال إنه سيكون أمراً مُرهقاً في حال شُنَّ هجوماً موازياً في الضفة الغربية
 و قال أيضاً البروفيسور ليفي: “كان ينبغي على الجيش تهدئة الضفة الغربية. لكنهم فقدوا الكثير من سيطرتهم هناك."
و منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، أدّى العُنف الذي يُمارسه المستوطنون في الضفة الغربية إلى نزوح أكثر من 800 فلسطيني. وقالت الأمم المتحدة إن 120 فلسطينياً قُتلوا في اشتباكاتٍ إما مع المستوطنين أو مع الجيش الإسرائيلي، و معظمهم قتلوا في اشتباكات مع الجنود.
 ويقول منتقدون إن إسرائيل أدت إلى تفاقم التوترات في الضفة الغربية من خلال وقف تحويل عائدات الضرائب والجمارك إلى السُلطة الفلسطينية، التي تسيطر على المنطقة، بعد هجمات حماس.  ورفض وزير المالية الإسرائيلي، (بتسلئيل سموتريتش) -وهو عضو يميني متطرف في حكومة نتنياهو- تسليم المدفوعات التي تجمعها إسرائيل نيابة عن السلطة، بحجة أن الأموال ستذهب لدعم حماس.
كما قالت المخابرات العسكرية الإسرائيلية وجهاز الأمن الداخلي (شين بيت) إن السلطة الفلسطينية لها قيمة في الحرب ضد إرهاب حماس وأن هذه الأموال ضرورية لدفع رواتب موظفي السلطة. وقال بعض المسؤولين العسكريين إنه بدون التعاون الفلسطيني في مكافحة الإرهاب، قد تواجه الضفة الغربية انتفاضة ثالثة، بعد الانتفاضات الفلسطينية القاتلة في عامي 1987 و2000.
وقد أدت خطوة (السيد سموتريش) إلى حدوثِ انقسام مرير في مجلس الوزراء. لذا قام وزير الدفاع الإسرائيلي (يوآف غالانت) بالمطالبة برفع التجميد، قائلاً في بيان له إنه "يجب تحويل الأموال على الفور حتى يمكن استخدامها من قِبل الآلية التنفيذية للسلطة الفلسطينية وقطاعات السلطة الفلسطينية التي تعمل مع مكافحة الإرهاب.
 وقال محللون إن السلطة الفلسطينية ورئيسها (محمود عباس) قد استنزفتا وفقدتا مصداقيتهما بسبب انقسامهما مع حماس، وهو ما قال منتقدون إن نتنياهو قام باستغلاله. وقالوا إنه نتيجة لذلك، أصبح لدى السلطة الآن تأثيرٌ محدود على الميليشيات المسلحة التي تجوب الضفة الغربية والتي حفزها القتال في غزة.
 وأضاف البروفيسور (ليفي) القول: "حتى لو كان الرئيس عباس يريد استقرار الوضع، فأنا لست متأكداً من موافقة الميليشيات، فهم يميلون إلى القيام بأي شيء لإظهار تعاطفهم مع إخوانهم في غزة".


التعليقات