ترجمة عبرية: هل تشرف الحرب في اليمن على نهايتها
يمن فيوتشر - منتدى التفكير الإقليمي-دورين ليزر- ترجمة مركز صنعاء للدراسات: الأحد, 27 أغسطس, 2023 - 02:06 مساءً
ترجمة عبرية: هل تشرف الحرب في اليمن على نهايتها

تناول منتدى التفكير الإقليمي -الذي ينشر معلوماتٍ وتحليلاتٍ معمّقة لمحاضرين وطلاب أبحاث في مؤسسات التعليم العالي في إسرائيل حول الشرق الأوسط -في تقرير تحليلي تأثير التقارب السعودي الإيراني على الحرب في اليمن، بعد أن رعت الصين، في مارس، اتفاقًا مفاجئًا بين الغريمين الإقليميين في الشرق الأوسط. قررت الدولتان إعادة العلاقات الدبلوماسية وفتح سفاراتهما بعد سنوات من العداء المتبادل، بعد أن توسطت بكين في عقد أول اجتماع رفيع المستوى بين البلدين منذ أكثر من سبع سنوات، في تأكيد على دور بكين المتنامي في الشرق الأوسط. بعد أسابيع قليلة من توقيع هذا الاتفاق، التقى وفد سعودي بمسؤولين حوثيين في صنعاء للتفاوض على إنهاء الأعمال العدائية في اليمن.

وسلط تقرير المنتدى الضوء لمعرفة أسباب التقدم الملحوظ في المفاوضات بين الطرفين بعد سنوات من النضال والقتال. وهل هي بداية لاتفاق سلام أم مجرد تهدئة قبل العاصفة؟

وذكر التقرير أنه في عام 2020 تبيّن أن الحرب في اليمن، التي كانت مستمرة حينها منذ خمس سنوات، قد وصلت إلى طريق مسدود، وأن الحسم العسكري لا يبدو في المستقبل القريب. لقد ترتب على العبء الإنساني والسياسي الناجم عن استمرار الحرب عبئًا اقتصاديًا ثقيلًا على السعودية التي عاشت فترة ركود اقتصادي بسبب انتشار وباء كورونا وانهيار أسعار النفط عام 2020. كان لذلك تداعيات على مشاريع تطوير الدولة السعودية وخططها الاستراتيجية، وخاصة على رؤية 2030. كما أن انسحاب القوات الإماراتية من التحالف العربي في فبراير 2020 والتغيير في الموقف الأمريكي من الحرب زاد من الضغط على السعودية، ولهذا قررت الخروج تدريجيًا من اليمن، وأدارت، في الوقت نفسه، قنوات اتصال مع الحوثيين. وتعزز هذا النهج السعودي مع بداية إدارة بايدن وقراره في فبراير 2021 بوقف المساعدات العسكرية للسعودية وخاصة الهجومية، وشطب الحوثيين من قائمة التنظيمات الإرهابية.

كما كان للحوثيين دوافع عديدة لمواصلة المفاوضات مع السعودية، من بينها، التغيير في موقف إيران بعد توقيعها اتفاقية بكين لتحسين العلاقات مع السعودية. كما أن استمرار الحرب والحصار كان لهما كلفة سياسية واقتصادية لم يعد بإمكانهم تحملها.

في 2 أبريل 2022، أُعلن عن التوصل إلى وقف إطلاق نار إنساني يُجدد كل شهرين. وعلى الرغم من أن وقف إطلاق النار ساعد على خفض مستوى العنف وتحسين الوضع الإنساني، إلا أنه أعطى الحوثيين فرصة لتعزيز مواقعهم العسكرية، والأمنية، والاقتصادية دون تحقيق أي مكاسب واضحة للحكومة اليمنية من ناحية أخرى. في الوقت نفسه، قلقت السعودية بشأن تأمين نفسها ضد أي غارات جوية قد يشنها الحوثيون.

انعكست المحادثات السعودية العلنية والمباشرة مع الحوثيين، أولًا وقبل كل شيء، في اعتراف السعودية بأن الحوثيين طرفًا شرعيًا، رغم أنها كانت تعدهم حتى ذلك الحين متمردين استولوا على السلطة بالقوة. لذلك أصر الحوثيون على أن تكون مفاوضاتهم مباشرة مع السعودية وليس مع الحكومة اليمنية. خلال المفاوضات، نشب خلاف حول توصيف الدور السعودي فيها، إذ قدَّم السعوديون أنفسهم على أنهم وسطاء في المصالحة بين مختلف الأطراف في اليمن وليسوا طرفًا في الصراع، في حين أصر الحوثيون على أن السعودية طرفًا أساسيًا ومهمًا فيه، خاصة وأن هذا يتعلق بمسألتي التعويضات وإعادة الإعمار.

ومن المقرر أن تبدأ جولة ثانية من المفاوضات بين الجانبين في المستقبل القريب بالرياض بعد أن تناقش السعودية والحكومة اليمنية القضايا الخلافية التي يدرجها الحوثيون تحت عنوان “الملف الإنساني”. ويصر الحوثيون على تلبية هذه القضايا في إطار المفاوضات، لأنها أساس استمرار الهدنة والعبور للسلام.

وهذه القضايا هي: التزام الحكومة بدفع رواتب موظفي الخدمة المدنية في عموم البلاد، بما فيها مناطق سيطرة الحوثيين، والفتح غير المقيَّد للمطارات والموانئ، وإطلاق سراح الأسرى كافة، إضافة إلى مطلب خروج القوات الأجنبية التي يمثِّل وجودها بالنسبة إلى الحوثيين “باعثًا لتجدُّد العنف”. لكن قد يلجأ الطرفان نظرًا لصعوبة القضايا المطروحة وتعقيداتها -وفقًا لما يروجان له من أجواء إيجابية في المرحلة الراهنة -إلى تمديد الهدنة الإنسانية وزيادة سقفها الزمني، وتضمينها حلولًا جزئية للقضايا المتعلقة بفتح المطارات والموانئ، وتقاسم أعباء رواتب الموظفين بين مختلف الأطراف، بمن فيهم السعودية، وتأجيل معالجة القضايا الخلافية على نحو نهائي إلى جولة مفاوضات جديدة، يجري خلالها تحديد تدابير عملية السلام الشامل التي تراعي مطالب الأطراف كافة. لكن يبقى احتمال تعثّر المفاوضات وجمودها قائمًا، لتستمر حالتا اللاسِلم واللاحرب، أو ارتفاع وتيرة العنف من جديد.

ختامًا، لم تسفر المفاوضات بين السعودية والحوثيين -حتى الآن -عن حل سياسي لقضايا اليمن، أو تغيير في مواقع القوى المسيطرة على الأرض. ولعلّ المسارات الجديدة التي اتخذتها العلاقات بين الطرفين قد تُفضي إلى حلّ سياسي أو قد يجري الاتفاق على ما يمهّد لمثل هذا الحلّ. وإن لم يتحقق ذلك، فقد يبقى الحوثيون بوصفهم حكومة أمر واقع في صنعاء في ظل هدنة دائمة وخطوات تسهل حياة الناس وتسيّر الاقتصاد اليمني.

وتجدر الإشارة إلى أنَّ تغيّر الموقف السعودي وقراره الانسحاب من الحرب اليمنية، يمثِّل دافعًا مهمًا لإنهاء الصراع، لكنّ الحوثيين قد يفهمونه دليل ضعف؛ وقد يغريهم هذا الأمر بالمزيد من التعنُّت ومحاولة فرض شروطهم، خاصة أنهم باتوا يدركون أن صمودهم يؤتي ثماره، وعامل الوقت في صالحهم، وأن هناك إمكانية لتكرار السيناريو الأفغاني؛ إذ يستأثرون بالسلطة ويفرضون أمرًا واقعًا، وهذا ما لا يمهِّد لأيِّ سلام حقيقي.


التعليقات