اليمن، التي كانت واحدة من أفقر دول العالم قبل اندلاع الحرب وتعتبر الآن أسوأ أزمة إنسانية في العالم، تحتاج إلى مساعدات تنموية كبيرة، فضلاً عن علاقات سلمية مع جيرانها في شبه الجزيرة العربية والمجتمع الدولي لإعادة بناءها.
ووفقًا لدراسة حديثة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أدى الصراع بالفعل إلى تباطؤ التنمية البشرية في اليمن بمقدار 21 عامًا.
كما أن هنا العديد من التحديات بما في ذلك قدرة الحكومة المحدودة على استيعاب تعهدات المانحين والإجراءات المعقدة والبيروقراطية المفرطة التي تصاحب تنفيذ المشروع الممول من المانحين.
و لأكثر من ستة عقود تم توجيه الدعم الدولي لليمن من خلال المساهمات الثنائية ومتعددة الأطراف من دول مجلس التعاون الخليجي، والاتحاد الأوروبي، ومنظمات الأمم المتحدة، والولايات المتحدة ، والمؤسسات المالية الإقليمية والدولية، والبنوك.
و تم استخدام هذه المساعدة إلى حد كبير لدعم الميزانية الوطنية والعملة، كما تم توفير التمويل الخارجي للبنية التحتية مثل المصانع والطرق والجسور والمطارات والمستشفيات ومؤسسات التعليم العام والفني والصحة العامة ومشاريع تطوير المياه والصرف الصحي.
من الأهمية ملاحظة أن خطط الإصلاح التي طورها المانحون والجهات الفاعلة الخارجية كان لها تأثير محدود لأنها كانت في معظمها مجزأة وفشلت في تلبية الحاجة الماسة إلى إصلاح منهجي وشامل، لذا تتطلب الإصلاحات في أي مجتمع رؤى سياسية واقتصادية واجتماعية بعيدة النظر، فضلاً عن عقد اجتماعي يؤسس لنظام قائم على احترام الدستور والقانون والتداول السلمي المنتظم للسلطة من خلال صناديق الاقتراع، وبهذا فإن المواطنة المتساوية، وتوسيع المشاركة السياسية، وحماية حقوق وثقافة المجتمعات المحلية التي من شأنها أن تقطع شوطاً طويلاً نحو تأمين أُسس الإصلاح السياسي والاقتصادي والثقافي.
إن مستقبل اليمن الذي تمليه القيادة مع تأثير لا داعي له من الجهات الخارجية معيب ومحكوم عليه بالفشل.
حيث أبرزت الاحتجاجات التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس صالح في عام 2011 برغبة المواطنين اليمنيين في تشكيل مستقبلهم، و الالمام بأهمية بناء المجتمع الدولي على مهارات الوساطة لدى اليمنيين بدلاً من محاولة فرض إرادتهم، و لن يؤدي هذا إلى زيادة قبول المانحين فحسب ، بل سيمكن أيضًا المواطنين اليمنيين من تقرير مستقبلهم.
و الحاجة الأكثر إلحاحاً هي إنهاء القتال والحصار، وبذلك فقط وقف العنف بمقدوره أن يسمح بالتدفق المطلوب للسلع والخدمات إلى اليمن، بما في ذلك الغذاء والدواء والمواد الزراعية ولوازم البناء.
و عندما يتم التوصل إلى اتفاق يجب اتخاذ عدة خطوات، حيث تتمثل الخطوة الأولى في إصلاح وإعادة فتح المطارات والموانئ المدنية الرئيسية حتى يتمكن اليمنيون من السفر بحرية من وإلى بلادهم، و نظرًا لمستوى الدمار الناجم عن النزاع، فإن بعض المدن في اليمن - ولا سيما صعدة وتعز- سوف تتطلب إعادة إعمار مكثفة.
لا يمكن تحقيق التنمية الاقتصادية فقط من خلال مساعدة المانحين وتنشيط الإيرادات الحكومية، بل يرتبط مستقبل اليمن ايضاً ارتباطًا وثيقًا بمستقبل شعبه الذي يبلغ عدده الآن أكثر من 29 مليونًا- شباب اليمن الفئة العمرية المهيمنة في البلاد يمتلكون المستقبل، كما انهم يحتاجون إلى نظام تعليمي يمكن أن يعزز المواطنة الصالحة ، ويحافظ على صحتهم ، ويزودهم بالمهارات اللازمة للتوظيف في اليمن وأماكن أخرى.
ومن الأهمية إشراك المرأة اليمنية في عملية صنع السلام، وهي تشكل أكثر من نصف سكان اليمن ؛ وبالتالي فإن دورهم حاسم في النمو الاقتصادي للبلاد.
فشلت سياسات التنمية في الماضي إلى حد كبير لأنه تم تصميمها وتنفيذها من أعلى إلى أسفل، و إن المشاركة النشطة للمجتمعات المحلية والمجتمع المدني تعد أصلية مزدهرة وهما أمران أساسيان لضمان النجاح، و الطريق بالفعل مليء بالعقبات، لكن اليمنيين يحتاجون إلى التئام جروح الحرب حتى يتمكنوا من العيش والازدهار في بلد حر يعيش في سلام مع نفسه ومع جيرانه.