منصة "خيوط" في استقصاء من جحيم محرقة منسوبة للحوثيين: وفاة اكثر من 100 لاجئ بالحريق الذي ارعب الأمة
يمن فيوتشر - منصة خيوط: الاربعاء, 10 مارس, 2021 - 12:06 صباحاً
منصة

[ ارشيف ]

في ظهيرة السابع من مارس 2021 فُجع اليمنيون بنبأ حريق في سجن مبنى الجوازات بصنعاء وبداخله عشرات السجناء اللاجئين أغلبهم أثيوبيون. اختلط هواء العاصمة برائحة أجساد اللاجئين المحترقة، وأحال نهار المدينة إلى سواد وكومة من الحزن.
وخلّف الحريق المميت 30 قتيلاً على الأقل حسب وسائل إعلامية، وأكثر من 150 جريحاً ما زالوا يتلقون الرعاية في المستشفى الجمهوري بصنعاء، حيث أغلقت جماعة أنصار الله (الحوثيين) الطابقين السادس والسابع من المشفى اللذين يتواجد بهما المصابون (حسب مصدر خاص) ومنعت الزيارة عنهما، بينما يتوزع القتلى وبقية الجرحى على هيئات مستشفى الثورة العام ومستشفى الكويت الجامعي.
المنظمة الدولية للهجرة قالت في بيان نشر عبر الانترنت إن ما يقارب من 900 مهاجر، معظمهم من الإثيوبيين، كانوا في مركز الاحتجاز، 350 منهم كانوا بداخل الهنجر الذي اندلع فيه الحريق.
وأعلنت المنظمة أن العدد الإجمالي للوفيات ما يزال غير مؤكد، وأن 170 مصاباً ما زالوا يتلقون العلاج بينهم العديد في حالات حرجة.
وقالت المنظمة في تغريدة على حسابها على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "‏نشعر بحزن بالغ إزاء وفاة عدد من المهاجرين والحراس بسبب حريق نشب في مركز احتجاز في مدينة صنعاء اليمنية".

•ضحايا بالعشرات
تتبعت منصة خيوط القصة وحصلت على شهادة مروعة نقلها أحد شهود العيان عن شهادات ناجين وفضّل عدم الكشف عن هويته، حيث قال، إن عراك نشب عند الساعة الواحدة والنصف ظهراً في أحد السجون التابعة لمبنى الجوازات الذي يتم فيها احتجاز اللاجئين بعد خلاف بين أحد اللاجئين وأحد الحراس التابع لجماعة أنصار الله (الحوثيين) عقب إضراب المحتجزين عن تناول الطعام احتجاجاً على ظروف الاحتجاز.
قال مصدر طبي لـ"خيوط"، إن أكثر من 100 شخص توفوا جراء الحادثة، وهناك 150 مصابا بحروق مختلفة
وأضاف: "تطور الأمر إلى اشتباك بالأيدي، بعدها بدقائق وصلت عدة عناصر من قوات مكافحة الشغب وكانوا يرتدون الأقنعة والزي الأمني، وبمجرد وصولهم قاموا بإطلاق قنبلتين مسيلتين للدموع داخل مقر الاحتجاز وقنبلتين خارجَه، مما تسبب في حالة من الذعر الخارج عن السيطرة، ثم اندلع حريق هائل وتدافُع وشغب".
وتواصلت خيوط بأحد الناجين وكان مذعوراً ورفض الإدلاء بأي شهادة.
وقال مصدر اّخر نقل عن شهود ناجين إن جماعة أنصار الله (الحوثيين) رفضت الإفصاح عن أي معلومات بخصوص الحادثة، كما رفضت دخوله للمستشفى لمعاينة الجرحى.
وأضاف: "سرّحت جماعة أنصار الله (الحوثيين) كل العاملين الأثيوبيين في المستشفى الجمهوري خوفاً من تسرب أي معلومات حول الضحايا".
بحسب مصادر طبية، توجد في ثلاجة مستشفى الجمهوري خمس جثث متفحمة، وست جثث في مستشفى الكويت، وخمس جثث أخرى في مستشفيات متفرقة، جميعها تفحمت بسبب الحريق.
وعند تواصلت "خيوط" مع أحد المصادر الإدارية عن إمكانية الحديث مع أحد الضحايا حول الحادثة، قال إن الأمر صعب وغير ممكن، حيث إن هناك مخاطرة في الحديث مع أي منهم حاليًا. 

•تنكيل بالمهاجرين
تداولت مواقع إخبارية تصريحًا منسوبًا لجماعة أنصار الله (الحوثيين) عبر وزارة الداخلية الخاضعة لسيطرتهم: "إن الحريق الذي اندلع غير معروف الأسباب، وحمّل منظمة الهجرة الدولية والأمم المتحدة المسؤولية الكاملة عن الحادث؛ لتقاعسها عن القيام بدورها في توفير الملاجئ المخصصة لتجميع وإيواء المهاجرين غير الشرعيين، وترحيلهم إلى بلدانهم". ولم يشر التصريح لأسباب الحريق أو إعداد الضحايا.
مصدر طبي رفض الكشف عن هويته تحدث لـ"خيوط"، بالقول، "إن عدد الجرحى الذين وصلوا الى مستشفى الجمهوري 150 شخصا جميعهم مصابون بحروق مختلفة. أما بالنسبة للجنسيات فغير معروفة بسبب عدم وجود أوراق ثبوتية، وقد تم تسجيلهم في الكشوفات أنهم من أثيوبيا".
في السياق، أكد عبد الرشيد الفقيه المدير التنفيذي لمنظمة مواطنة لحقوق الإنسان في تصريح لـ"خيوط"، أن جماعة أنصار الله (الحوثيين) سجلت سابقة في التنكيل بالمهاجرين والاستهتار بحياتهم، حيث ينمّ هذا الفعل عن سلوك فاضح ومخزٍ، وممارسات لا تقيم للإنسان وكرامته أيّ وزن، وهو نتيجة واضحة لغياب المساءلة لسنوات طويلة".
وأضاف: "على جماعة أنصار الله أن تعرف بأن البشرية ليست بهذا الرخص. وعلى المجتمع الدولي أن يقف بشكل جاد أمام هذه الانتهاكات وغيرها بالدعم الجاد لجهود المساءلة والإنصاف".
وتستقبل اليمن منذ خمس سنوات عشرات الآلاف من المهاجرين، عدد منهم يتخذون من اليمن مقر عبور نحو المملكة العربية السعودية، وأغلبهم ينشدون اللجوء في هذا البلد الفقير.

قالت المنظمة الدولية للهجرة عبر موقعها على الانترنت، في 8 مارس/آذار، إنّ عدد الواصلين إلى اليمن من المهاجرين الأفارقة خلال العام 2019، بلغ أكثر من 138000  شخصًا. لكن جائحة كورونا عملت على تقليص الرقم ليصبح في العام الماضي قرابة 37500.
ولم تحرف الحرب المتأجّجة في اليمن منذ ربيع عام 2015 وجهة المراكب المكتظّة بالمهاجرين الأفارقة نحو البلد الفقير، في إحدى أقوى مفارقات الهجرة والحرب. 
فالهاربون من بؤس الأوضاع وجحيم الصراعات في البلدان الأفريقيّة الواقعة على الضفّة الأخرى من البحر الأحمر، ما زالوا يتدفّقون بالوتيرة نفسها إلى اليمن، الذي لحق بمعظم بلدان القارّة السمراء إلى هاوية البؤس والصراع المسلّح.


التعليقات