تقرير: رحلة اليمنيين للبحث عن لقاح كورونا وسط استمرار ممانعة الحوثيين
يمن فيوتشر - نزيه محمد: الإثنين, 22 أغسطس, 2022 - 02:54 مساءً
تقرير: رحلة اليمنيين للبحث عن لقاح كورونا وسط استمرار ممانعة الحوثيين

حُرمت الشابة اليمنية نسرين أحمد من الحصول على لقاح فيروس كورونا المستجد، لوقاية نفسها من إصابة ثانية بالفيروس، بفعل رفض جماعة الحوثيين تطعيم المواطنين في مناطق سيطرتها، وسط اتهام منظمة هيومن رايتس ووتش الجماعة بتقوّيض الجهود الدولية لتوفير اللقاحات ونشر معلومات مضللة حول كوفيد 19.
وتشير المنظمة المدافعة عن حقوق الإنسان في تقرير نشرته على موقعها بشهر يونيو 2021، إلى أن القرار المتعمد من سلطات الحوثيين بإخفاء العدد الحقيقي لحالات كورونا ومعارضتها للّقاحات يهددان حياة اليمنيين، وطالبتهم آنذاك باتخاذ خطوات فورية لتسهيل جهود توفير اللقاحات في شمال اليمن ووقف نشر المعلومات المضللة.

وصول صعب للقاح
تقُول نسرين أحمد (35 عاما) إنَّه كان بالإمكان حماية نفسها من الإصابة مرة أخرى بالفيروس، بعد نحو عام على تعرضها للإصابة الأولى في بداية تفشي الجائحة بالبلد العربي في أبريل 2020، لكنها لاتزال تمني النفس للحصول على جرعة اللقاح التي تحتاج السفر لها إلى المحافظات الواقعة تحت نفوذ الحكومة المعترف بها، بعدما أصرت الجماعة حرمانها وملايين اليمنيين الوقاية من كورونا.
واستغرق جاد علي ثلاث أيام في رحلة سفر شاقة من محافظة حجة شمالي اليمن حتى مدينة عدن الجنوبية للحصول على اللقاح المشترط للسفر إلى إحدى الدول العربية التي تقيد دخول أراضيها الأشخاص غير المحصنين من كوفيد_19.

•"لم يستغرق وقتا"
ويقول جاد (38 عاما) إنَّه عانى مشقة السفر التي استمرت مدة 18 ساعة ذهابا و21 ساعة إيابا، فيما كان "الطريق طويل جدا مع تقطعها بين طرفي النزاع"، لكنه بدأ المهمة بقطع جواز سفر تمهيدا لاستكمال إجراءات السفر.
ويضيف أنَّه لم يستغرق منه وقتا كثيرا حتى أخذ جرعة جونسون اند جونسون، نتيجة وجود تنسيق مسبق في المرفق الصحي، بعد مغادرته مركز صحي أخر، عندما طلبوا منه سماسرة مائة ريال سعودي ما يعادل (31000) ريال يمني، مقابل إعطائه شهادة دون التلقيح بحجة أن اللقاح غير آمن، لكنه رفض ذلك وذهب "دون عناء أو تذمر".
وانتظر عبدالله سعيد خمسة أيام، أمام مركز للقاحات في محافظة تعز، إلى جوار مئات المواطنين الذين يفترشون الأرض تحت أشعة الشمس الحارقة، وطوابير كبيرة طغى عليهم المغتربون اليمنيون في السعودية.

انتظار ومعاناة
ويقول سعيد (25 عاما): "سافرت ليلا من صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين إلى مدينة تعز الخاضعة لنفوذ الحكومة مرورا بطرق جبلية وعرة حتى وصلت إلى مستشفى المظفر حيث المركز المختص لتلقيح المواطنين".
ويضيف أنَّه ظل طيلة هذه الأيام يسابق الزمن للحصول على الجرعة ويسجل أسمة في الاستمارة المخصصة ليتمكن من السفر للسعودية وهروب من غرامة ستفرض عليه نتيجة تأخره من دخول المملكة، لكنه أشار في نفس الوقت إلى تلك الطوابير الطويلة التي تقف جوار المبنى الصحي من المواطنين الراغبين للحصول على اللقاح.
وفي مارس/آذار 2020، حذر زعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي، في حديث نقلته قناة المسيرة المملوكة للجماعة المواطنين من الذعر، مشيرا إلى أن  وباء كورونا يهدف إلى ترويع الناس وتخويفهم وهو حرب بيولوجية، اشتغل عليه الأمريكيون لنشره في مجتمعات معينة، حد قوله.

ضعف الاقبال
ويعود أسباب ضعف اقبال اليمنيين على أخذ اللقاح إلى عدة تحديات أبرزها عدم رغبة الحوثيين في قبول إعطاء اللقاحات بمناطق سيطرتهم، وانتشار الشائعات الخاطئة حول اللقاح، وفق مكتب منظمة الصحة العالمية في اليمن الذي أكد العمل مع شركائه على تقديم معلومات واقعية ومثبتة علمياً حول مأمونية اللقاح.
وتضيف المنظمة الدولية أنها وفرت أكثر من "مليوني ونصف المليون" جرعة لقاح خصصت لليمن مجاناً، بينما تم تلقيح نحو "مليون وأربعمائة ألف" شخص من اجمالي سكان البلد حتى الآن، وتحث بنفس الوقت وسائل الإعلام على نشر المعلومات الصحية الصحيحة حول أثر هذه الجائحة وخطورتها على المجتمع.
كما جهزت 1400 مركزا صحيا لتقديم لقاح كوفيد 19 للمواطنيين، فضلا عن توفير خدمة التوعية والتطعيم، ضمن أنشطة التحصين المتكاملة في المجتمع، بما في ذلك المناطق التي يصعب الوصول إليها. 
  
جهود حكومية مستمرة
وتمكنت الحكومة اليمنية من إعطاء المواطنين 870 ألف و559 جرعة لقاح، منها جرعة أولى 700 ألف 465، بالإضافة إلى الجرعة ثانية 170 ألف 94، منذ شهر أبريل 2021 حتى 12 أغسطس الجاري، وفق وكيل وزارة الصحة لقطاع الرعاية الصحية في عدن الدكتور علي الوليدي.
ويضيف "الوليدي": عندما استلمت وزارته أول جرعة لقاحات في 31 مارس2021، عملت على فتح مركز واحد في كل من 120 مديرية واقعة تحت نفوذ الحكومة المعترف بها، بينما تعمل كل شهر حملة نشاط تستهدف مصالح السجون والجامعات والكوادر الصحية.
كما يجري التخطيط مع المنظمات الدولية لعمل حملة شاملة في شهر سبتمبر القادم ستشمل 400 ألف مواطن إلى جوار المراكز الروتينية المتوفر فيها اللقاح سينوفاك وجونسون و استرازينيكا وكلها لقاحات مآمونة.
ويؤكد أنَّ 10 ألف جرعة لقاح وصلت إلى العاصمة صنعاء عبر منظمة الصحة العالمية، لكن جماعة الحوثيين رفضتها، ما أدى إلى إتلاف ما يعادل 68 بالمائة منها،  فيما أبلغ المنظمات الدولية بدور واضح في إدانة ممارسات الحوثيين ضد حقوق الإنسان وسلوكهم الكارثي صوب المواطنين في مناطق سيطرتهم.
ويشير المسؤول الحكومي إلى أنَّ اللقاحات ترسل باستمرار إلى صنعاء  لتلقيح موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، في وقت ترسل وزارة الصحة بعدن كافة الأدوية والمستلزمات الطبية إلى جميع المحافظات اليمنية، بما في ذلك الواقعة تحت سلطة الحوثيين.
وطمئن المواطنين بوجود مخزون كاف من اللقاحات الآمنة والحاصلة على شهادة منظمة الصحة العالمية واليونيسف وحلفا اللقاح العالمي وكوفاكس، داعيا إلى أخذ اللقاح بسبب استمرار تسجيل حالات إصابة بالفيروس وعدم إعلان الصحة العالمية عن انتهاء الجائحة.
وسجلت السلطات الصحية حتى يوم الإثنين 15 أغسطس 2022، 11914 حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا في مناطق نفوذ الحكومة، منها 2152 حالة وفاة و9119 حالة تعاف.

"تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR - صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا".


التعليقات