نظم مكتب الشؤون العامة للبهائيين في اليمن ندوة حوارية افتراضية حول "استكشاف دور الأسرة في تماسكنا المجتمعي"، شارك فيها باحثون وأكاديميون وإعلاميون وممثلون عن منظمات المجتمع المدني، لمناقشة الدور الجوهري للأسرة اليمنية في حماية النسيج الاجتماعي وتعزيز ثقافة التعايش وسط الانقسامات والتحديات المتفاقمة في البلاد.
وأجمع المشاركون على أن الأسرة هي النواة الأولى لبناء مجتمع متماسك، وأن قيم التسامح والحوار تبدأ من داخل البيت قبل أن تُترجم في مؤسسات التعليم والحياة العامة.
وأوضح يحيى اليريمي، رئيس قسم الأصول والإدارة التربوية بجامعة مأرب، أن التعايش ليس قرارًا سياسيًا، قدر ما هو ثمرة تربية طويلة تبدأ من حضن الأسرة وتُغذى في المدرسة والجامعة.
وأشار في مداخلته إلى أن المجتمع اليمني عرف عبر تاريخه نمطًا فريدًا من التعايش القائم على الكرم والتكافل، غير أن النزاعات والحروب الأخيرة مزقت هذا الإرث وأضعفت دور مؤسسات التنشئة.
وبيّن اليريمي أن دراساته الميدانية كشفت عن ضعف ثقافة الحوار داخل الأسرة اليمنية وهيمنة الأسلوب السلطوي في التربية، ما يؤدي إلى إنتاج أجيال تميل إلى الإقصاء، مقابل أسر تعتمد الحوار والديمقراطية، فتنشئ أبناء قادرين على تقبل التنوع والانفتاح على الآخر.
ودعا إلى إنشاء مجلس وطني تربوي مستقل يعزز القيم الإنسانية في التعليم ويبتعد عن الاصطفافات الدينية والسياسية لبناء جيل جديد يؤمن بالعيش المشترك.
وفي محور موازٍ، استعرض الصحافي محمد الغباري دور الإعلام في التربية على التعايش، مؤكدًا أن المنصات الإعلامية الحديثة قادرة على إعادة تشكيل الوعي الجمعي إذا ما تحلت بالمهنية والمسؤولية.
وقال الغباري، وهو مراسل وكالة رويترز في اليمن، إن الإعلام يمكن أن يكون إما أداة بناء للسلام أو سلاحًا لتأجيج الكراهية، مشيرًا إلى ضرورة أن تصبح وسائل الإعلام منصات للحوار والنماذج الإيجابية التي تُبرز قصص التعاون والتنوع في مختلف المحافظات.
وفي ختام الندوة، خرج المشاركون بعدد من التوصيات، أبرزها "تفعيل دور الأسرة في غرس قيم التعايش وقبول الآخر منذ الطفولة"، و"تعزيز التكامل بين الأسرة والمدرسة والإعلام لبناء بيئة حاضنة للتنوع"، إلى جانب "ترسيخ الوعي بقيمة التنوع بوصفه ركيزة للوحدة الوطنية لا سببًا للانقسام"، و"إطلاق مبادرات حوارية مستدامة لترميم الثقة بين مكونات المجتمع اليمني".
واعتبر المشاركون أن الندوة تمثل خطوة أولى نحو حوار وطني جامع يعيد للأسرة دورها الريادي في تحصين المجتمع من التمزق وبناء ثقافة قائمة على الحوار والانتماء والمسؤولية المشتركة.