واشنطن: هيغسيث أنشأ خط إنترنت غير آمن في مكتبه للاتصال بتطبيق "سيغنال"
يمن فيوتشر - اسوشيتد برس- ترجمة خاصة: الجمعة, 25 أبريل, 2025 - 07:33 مساءً
واشنطن: هيغسيث أنشأ خط إنترنت غير آمن في مكتبه للاتصال بتطبيق

 أفاد شخصان مطلعان لوكالة أسوشيتد برس بأن وزير الدفاع (بيت هيغسيث) قام بتركيب خط إنترنت يتجاوز بروتوكولات الأمان التابعة للبنتاغون داخل مكتبه، لاستخدام تطبيق المراسلة "سيغنال" عبر جهاز كمبيوتر شخصي.
ويُعد وجود هذا الاتصال غير المؤمّن أحدثَ ما كُشف بشأن استخدام هيغسيث لتطبيق لا يخضع لتصنيفاتٍ أمنية، ويثير احتمال تعرّض معلومات دفاعية حساسة لمخاطر الاختراق أو المراقبة.
ويُعرف هذا النوع من الاتصالات في قطاع تكنولوجيا المعلومات باسم "الخط القذر" (Dirty Line)، حيث يتصل مباشرة بالإنترنت العام دون المرور بمرشحات الأمان أو بروتوكولات الحماية التي تفرضها الشبكات المؤمنة للبنتاغون.
ورغم أن بعض مكاتب البنتاغون الأخرى سبق أن استخدمت هذا النوع من الخطوط، خصوصاً في الحالات التي تستدعي مراقبة محتوى أو مواقع إلكترونية محجوبة على الشبكات الرسمية، فإن الميزة الأهم في هذا الاتصال هي قدرته على إخفاء هوية المستخدم، بحيث لا يظهر ضمن عناوين بروتوكول الإنترنت (IP) التابعة لوزارة الدفاع، وفقاً لمسؤول أميركي رفيع مطّلع على أمن الشبكات العسكرية.
لكن هذا النوع من الخطوط قد يعرّض المستخدمين لمخاطر القرصنة والتجسس، كما أنه، تماماً كالاتصالات العامة، قد لا يوفّر سجلات الاستخدام المطلوبة قانوناً بموجب التشريعات الفدرالية، بحسب ما أفاد به المسؤول ذاته.
وقد تحدث الأشخاص الثلاثة شريطة عدم الكشف عن هويتهم، نظراً لحساسية الموضوع.


• خط إنترنت "غير مؤمَن" لاستخدام تطبيق سيغنال
قال شخصان مطلعان على تفاصيل الاتصال إن هيغسيث أنشأ خط الإنترنت داخل مكتبه من أجل استخدام تطبيق "سيغنال"، الذي أصبح محور جدل بعد الكشف عن أنه نشر معلومات حساسة تتعلق بضربة جوية عسكرية ضمن محادثتين جماعيتين، ضمت كل واحدة منهما أكثر من عشرة أشخاص. و إحدى المحادثتين شملت زوجته وشقيقه، بينما ضمّت الأخرى كبار مستشاري الأمن القومي للرئيس دونالد ترامب.
وعندما سُئل المتحدث باسم البنتاغون (شون بارنيل)، عن استخدام هيغسيث لتطبيق "سيغنال" في مكتبه -وهي معلومات أوردتها صحيفة واشنطن بوست أولاً- أجاب بأن "طريقة استخدام الوزير لأنظمة وقنوات الاتصال تخضع لتصنيف سري".
وأضاف بارنيل في بيان: "ومع ذلك، يمكننا تأكيد أن الوزير لم يستخدم مطلقاً، ولا يستخدم حالياً، تطبيق سيغنال على جهازه الحكومي".
ويُعد هذا التطور الأحدث في سلسلة من الكشفات التي هزّت وزارة الدفاع. فإلى جانب مواجهته انتقادات من الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء بشأن تعامله مع معلومات حساسة، قام هيغسيث بإقالة أو نقل عدد من مستشاريه المقرّبين، ما ضيّق نطاق دائرته الداخلية وساهم في حالة الاضطراب التي أعقبت الإطاحة بعدد من كبار الضباط العسكريين في الأشهر الأخيرة.
و من جهته، أعرب ترامب وعدد من مسؤولي الإدارة عن دعمهم الكامل لهيغسيث، محمّلين مسؤولية تسريب المعلومات لموظفين ساخطين، على حد وصفهم، حيث قال ترامب هذا الأسبوع: "كلها أخبار زائفة. هم فقط يختلقون القصص".
وأضاف نائب الرئيس (جي دي ڤانس)، للصحفيين يوم الأربعاء: "لدي ثقة تامة في الوزير"، وتابع: "أعلم أن الرئيس يثق به، وفي الواقع، الفريق بأكمله كذلك".


• وسائل الاتصال المؤمّنة في البنتاغون

يمتلك البنتاغون مجموعة من الوسائل المؤمّنة التي تتيح للوزير هيغسيث وكبار القادة العسكريين تبادل الاتصالات، وتشمل:
— شبكة بروتوكول الإنترنت غير المصنفة (NIPRNet): تُستخدم لتبادل المعلومات الحساسة على أدنى المستويات. وتوفّر قدراً محدوداً من الوصول إلى الإنترنت لكنها محصّنة بجدران نارية (firewalls) وتخضع لمستويات من الحماية الإلكترونية لا تتوفر في الخطوط غير المؤمّنة. ومع ذلك، فهي لا تتيح تداول معلومات مصنّفة سرّية.
— شبكة بروتوكول الإنترنت الآمنة (SIPRNet): مخصّصة لتداول المعلومات المصنفة على مستوى "سرّي".
— نظام الاتصالات الاستخباراتية العالمي المشترك (JWICS): يُستخدم للمعلومات شديدة السرية والمجزأة (TS/SCI)، وهي من أعلى درجات السرية الأمنية.
ووفقاً لأحد المطلعين، كان هيغسيث في البداية يستخدم الجزء الخلفي من مكتبه للاتصال بشبكة "واي فاي" بهدف تشغيل أجهزته الشخصية، ثم طلب لاحقاً تزويده بخط اتصال مباشر إلى مكتبه ليتمكن من استخدام جهازه الخاص.
وبحسب المصدرين، كان ذلك يعني وجود ثلاثة أجهزة كمبيوتر على مكتبه في أوقات معيّنة: جهاز شخصي، وآخر مخصّص للمعلومات السرّية، وثالث لمعالجة معلومات دفاعية حساسة.
وبما أن الأجهزة الإلكترونية عرضة للتجسس، يُمنع إدخالها إلى مكتب وزير الدفاع. وتحتوي المكاتب الحساسة داخل البنتاغون عادة على خزانة أو درج مخصّص لإيداع الأجهزة الإلكترونية من قِبل الموظفين والزوار على حد سواء.

 

• تداعيات استخدام تطبيق "سيغنال"

تطبيق "سيغنال" هو تطبيق تجاري متاح للجمهور، ولا يُصرَّح باستخدامه في تبادل المعلومات الحساسة أو المصنّفة. ورغم أنه يستخدم التشفير، إلا أنه يظل قابلاً للاختراق.
وبينما يوفر "سيغنال" مستويات حماية أعلى من الرسائل النصية العادية، فإنه لا يقدّم ضماناً كاملاً للأمان. وأشارت (تيريزا بايتون) -كبيرة مسؤولي المعلومات في البيت الأبيض خلال إدارة الرئيس جورج دبليو بوش والرئيسة التنفيذية حالياً لشركة Fortalice المتخصصة في الأمن السيبراني- إلى أن المسؤولين ملزمون أيضاً بضمان تأمين أجهزتهم واتصالاتهم.
وأضافت بايتون أن اتصالات كبار المسؤولين الحكوميين تُعد هدفاً بالغ الأهمية لخصوم مثل روسيا أو الصين.
وكانت وكالة الأمن القومي الأميركية قد أصدرت تحذيراً في وقتٍ سابق من هذا العام من إمكانية سعي قراصنة أجانب لاستهداف مسؤولين حكوميين عبر تطبيق "سيغنال". كما حذّرت شركة "غوغل" من محاولات محتملة لقراصنة موالين لروسيا لاختراق مستخدمي التطبيق.
ويخضع استخدام هيغسيث لتطبيق "سيغنال" حالياً لتحقيق رسمي من قبل القائم بأعمال المفتش العام في وزارة الدفاع، وذلك بناءً على طلب من قيادة لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، من كلا الحزبين.
وكان هيغسيث قد استخرج معلومات تتعلق بضربة جوية ضد الحوثيين في اليمن الشهر الماضي من قناة اتصالات آمنة تستخدمها "القيادة المركزية الأميركية"، ثم شاركها عبر "سيغنال". وقد نفى بشدة أنه نشر "خطط حرب" أو معلومات سرّية.
لكن عدداً من المسؤولين العسكريين الحاليين والسابقين أكدوا أن المعلومات التي نشرها في المحادثات، مثل توقيتات الإطلاق الدقيقة ولحظات إسقاط القنابل، تُعد معلومات مصنفة، وكان من شأنها تعريض حياة الجنود للخطر. ويُشار إلى أن هذه المعلومات تم إرسالها قبل أن تقلع الطائرات أو تعود من مهمتها بسلام.


التعليقات