حث وزراء الخارجية العرب إسرائيل على الوفاء بالتزاماتها الدولية كقوة احتلال والعودة إلى المفاوضات بشأن حل الدولتين الذي يوفر دولة قابلة للحياة لفلسطين.
وشدد الوزراء خلال اجتماع طارئ للجامعة العربية في القاهرة يوم الأربعاء على “أهمية استئناف عملية السلام وبدء مفاوضاتٍ جادة بين مُنظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل”.
وتُشكّل هذه الخطوة جُزءاً من مبادرة ذات مسارٍ مزدوج ــ تقودها السعودية بشكل كبير ــ وتهدف إلى تهدئة الأزمة، ولكنها أيضاً تجعل إسرائيل تقبل أن رفضها للتفاوض أدى إلى انهيار العلاقات مع حماس.
وقد أعربت إدارة بايدن سراً عن خيبة أملها من أن المملكة العربية السعودية -بعيداً عن إدانة الهجمات الوحشية التي شنتها حماس في نهاية الأسبوع- تؤكد أن العنف لم يكن ليحدث لو مُنح الفلسطينيون الدولة المستقلة التي طالبوا بها منذ عقود.
وتقارن واشنطن الموقف السعودي بشكلٍ سلبي باستعداد دولة الإمارات العربية المتحدة لإدانة الجرائم التي ترتكبها حماس صراحةً. حيث قامت الإمارات العربية المُتحدة بتطبيع علاقاتها بالكامل مع إسرائيل بعد اتفاقيات أبراهام لعام 2019، لكن الرياض لم تفعل ذلك، على الرغم من التلويح بتقاربٍ محتمل.
و منذ هجوم حماس غير المسبوق يوم السبت، كان (فيصل بن فرحان) وزير الخارجية السعودي، على اتصالٍ هاتفي مع القادة الخليجيين والغربيين – بما في ذلك التحدث إلى وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي– سعياً إلى تهدئة الأزمة. وحث بيانٌ سعودي بعد ذلك المجتمع الدولي على “العمل معاً لتلبية تطلعات الشعب الفلسطيني الشقيق”. كما أشارت القراءة إلى ضرورة حماية المدنيين العُزّل نتيجة العمليات العسكرية.
وألقى البيان السعودي الأولي باللوم في التصعيد على "استمرار الاحتلال" و"حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة".
ولعبت المملكة العربية السعودية أيضًا دوراً كبيراً في مجلس التعاون الأوروبي والخليجي المُشترك الذي دعا إلى حل الدولتين. ومن المفهوم أن الرياض غير متأثرة بالقرار الأمريكي بإرسال حاملة طائرات إلى المنطقة.
وفي إشارة إلى أن السعودية لن تتخلى عن القضية الفلسطينية، اتصل ولي العهد الأمير (محمد بن سلمان) بالفعل برئيس السلطة الفلسطينية (محمود عباس) للتأكيد على أن المملكة السعودية “تبذل كل جهد ممكن للتعامل مع جميع الأطراف الدولية والإقليمية”، و ذلك لوقف التصعيد المستمر ومنع انتشاره في المنطقة»، مشدداً على أهمية الحفاظ على حياة المدنيين.
كما أكد ولي العهد دعم المملكة المستمر للشعب الفلسطيني “في سعيه للحصول على حقوقه المشروعة”، دون أن يذكر إنشاء دولة فلسطينية.
على الرغم من أن المملكة العربية السعودية دولة استبدادية لا تتسامح مع انتقادات العائلة المالكة، إلا أن دبلوماسييها يقظون للرأي العام العربي، وهو أحد الأسباب وراء عدم استعدادها بعد للانضمام إلى الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والسودان في تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وتتفاوض الرياض على نسختها الخاصة من الاتفاقيات مع الولايات المتحدة، لكنها تقول إنها لن توقع على اتفاق يُضعف السلطة.
وتُجري السعودية اتصالات مع الجناح السياسي لحركة حماس، عبر قطر بشكلٍ رئيسي، لكن ليس لديها أي علاقة مع قيادتها. ولم تتهم بعد حماس بمحاولة إنهاء المصالحة في الشرق الأوسط أو تزعم أن إيران كانت وراء هجوم نهاية الأسبوع. حيث طلبت إيران من السعودية عدم إبرام صفقة مع الولايات المتحدة، محذرّةً من أن السعوديين سيدعمون الطرف الخطأ.
و قد أصبحت الصحف السعودية أكثر وضوحاً في القول بأنه لن يكون هناك سلام في المنطقة ما لم يتم منح فلسطين دولتها الخاصة، حتى لو كانت مترددة في اتهام حماس علناً بالتآمر لتخريب اتفاق سلام ثلاثي محتمل بين إسرائيل والسعودية و الولايات المتحدة، و هو ما تخشى حماس أن يكون قد قضى على آمال الفلسطينيين العالقة في حل الدولتين.
وقال (فيصل عباس) رئيس تحرير صحيفة عرب نيوز ومقرها الرياض، أن فريقاً مُتخصصاً في وزارة الخارجية السعودية كان يعمل خلال العامين الماضيين على "مبادرة السلام العربية" المصممة لتوفير حوافز لكلا الطرفين.
وقال إن المملكة أوضحت دائماً أن أي اتفاق تطبيع ثلاثي أوسع يشمل السعودية والولايات المتحدة وإسرائيل يجب أن يتضمن تقدماً مُحدداً بشأن السلام.
و قال: "الآن يجب علينا أن نتحرك بسرعة لتجنب الكارثة. وأضاف: "لا أحد يتوقع تكرار السيناريوهات السابقة المتمثلة في بضعة أيام من التصعيد، أو دعوات لضبط النفس، أو اتفاق لوقف إطلاق النار، أو عرض قطري أو سعودي لإعادة بناء غزة"، مُحذراً من أن "الحل الترميمي ليس كافياً، وكل دورة من دورات العنف تزداد سوءاً."
واعترف (عباس) بصعوبة نزع فتيل الأزمة الحالية. وقال: “نحن نتعامل مع الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل ولم تعرف حماس قط أنها معقولة منذ عام 2007”.
وأضاف أنه قبل هجوم حماس، كان النجوم يصطفون من أجل التوصل إلى اتفاق ثلاثي من شأنه أن يلبي الاحتياجات الأمنية السعودية، ويمنح (جو بايدن) إرثاً في السياسة الخارجية، وربما ينهي عقوداً من الصراع حول فلسطين.
وقال: "الأزمة تعيدنا بضعة أسابيع أو بضعة أشهر إلى الوراء - أو حتى إلى السبعينيات".