انتقدت وكالات الإغاثة التابعة للأمم عمليات الاغتصاب والعنف الجنسي التي تستهدف النساء والفتيات السودانيات منذ نحو ثلاثة أشهر، مع بدء النزاع المسلح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الذي أودى بحياة أكثر من 2000 شخص وشرد الملايين. فيما دعت هذه المنظمات إلى فتح تحقيقات مستقلة ومعاقبة مرتكبي هذه الأفعال، فضلا عن السماح لهاته النساء بالوصول إلى المرافق الصحية.
ألقى النزاع المسلح الدائر في السودان منذ أبريل/نيسان الماضي بين الجيش النظامي بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بزعامة محمد حمدان دقلو، بظلاله على النساء بسبب استخدام المقاتلين العنف الجنسي والاغتصاب كوسيلة لإرهاب الناس والعائلات. وعبرت المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة عن "قلقها الشديد" إزاء تردي أوضاع النساء، لا سيما اللواتي غادرن السودان باتجاه بلدان ومناطق مجاورة، أو اللواتي نزحن داخل البلاد بحثا عن مناطق أكثر أمنا.
وتشير الحصيلة التي نشرتها الأمم المتحدة بداية الأسبوع الجاري إلى أن 21 امرأة تعرضن إلى العنف الجنسي منذ بداية الصراع قبل ثلاثة أشهر، و20 أخريات إلى الاغتصاب خلال هجوم واحد. فيما دعت جميع وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة المتناحرين في بيان إلى احترام حقوق النساء وعدم التعدي عليهن جسديا أو جنسيا.
كما أوضح البيان "بالنظر إلى أنه لا يتم الإبلاغ عن العديد من حالات العنف القائم على العرق في السودان، فإن الرقم الحقيقي قد يكون أعلى بكثير".
فتح تحقيقات مستقلة بشأن الانتهاكات الجسيمة والإساءة لحقوق الإنسان
وأضاف أن "الإبلاغ عن الانتهاكات وطلب المساعدة قد يكون صعبا، وربما مستحيلا، بسبب انعدام الكهرباء وانقطاع الاتصالات. إضافة إلى انعدام وصول المساعدات الإنسانية بسبب الوضع الأمني غير المستقر".
وأكد أن "هناك حاجة ماسة لزيادة المساعدة في مواقع استقبال النازحات واللاجئات في المناطق المتضررة في السودان، وكذلك في دول الجوار"، كتشاد ومصر وأوغندا...
بدورها، دعت مسؤولات في الأمم المتحدة وأخريات تعملن في منظمات الإغاثة التابعة لها إلى "فتح تحقيقات فورية وشاملة ومحايدة ومستقلة بشأن الانتهاكات الجسيمة والإساءة لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي، ومحاسبة مرتكبي تلك الجرائم".
فيما أشارت منظمة اليونيسف على موقعها إلى "معاناة أكثر من 4 مليون امرأة سودانية من العنف القائم على النوع الجنسي والاجتماعي في الوقت الحالي، مقابل 3 ملايين امرأة قبل بدء الصراع المسلح في أبريل/ نيسان الفارط"، مضيفة أن "احتلال بعض المرافق الطبية من قبل مقاتلين أو الهجوم عليها جعل النساء التي وقعت ضحية العنف الجنسي لا تستفيد من العلاجات الطارئة".
نقص الإمكانات المادية لمواجهة العنف الجنسي في السودان
وقالت كاترين روسيل، المديرة العامة لمنظمة اليونيسف: "ما نلاحظه بحزن هو ارتفاع حالات العنف الممارس ضد النساء في أوقات الأزمات والصراعات المسلحة. هناك خرق متكرر لحقوق الانسان يؤثر بشكل كبير وسريع على الحالة النفسية والجسدية للنساء الضحايا".
من ناحيتها، أضافت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن نسبة العنف تتزايد عندما تتنقل النساء والفتيات للبحث عن أماكن آمنة لا يسود فيها العنف. وفي هذا الشأن، قال فيليبو غراندي، المفوض العام لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة: " فرقنا في الميدان شاهدت تعرض النساء إلى العديد من أشكال العنف أثناء مغادرتها للسودان. يجب وقف العنف الممارس ضدهن وبسرعة. كما يجب أيضا أن نقدم يد العون في جميع المناطق لكن الإمكانيات المادية تنقصنا".
" عمليات الاغتصاب ليست جديدة في السودان"
وإلى ذلك، دعا تيدروس أدانوم، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، إلى "الوقوف بالمرصاد تجاه العنف الممارس ضد النساء والسماح لهن بالوصول إلى المستشفيات ومراكز العناية الصحية".
أما المحلل السياسي السوداني عبد الكريم جبريل القوني، فأكد لوسائل إعلام عربية أن عدد النساء اللواتي يتعرضن إلى العنف في السودان أكبر بكثير من الحصيلة التي أعلنت عنها الأمم المتحدة"، موضحا في نفس الوقت "أن أسباب العنف متعددة، أبرزها كون المجتمع السوداني مجتمع ذكوري إضافة إلى قلة التعليم وضعف تنفيذ القانون من قبل الشرطة ومؤسسات أمنية تابعة للدولة".
أما حسن إسماعيل وهو محلل سوداني آخر يعيش في إسطنبول، اتهم مجموعات مقاتلة غير سودانية بالمشاركة في عمليات العنف ضد النساء، من بينها مجموعات خارجية لا تربطها أي أواصر القرب مع السودانيين. فيما أضاف عبد الكريم جبريل القوني أن عمليات الاغتصاب ليست جديدة في السودان بل عمل قديم كان يقوم به النظام السابق في حربه في دارفور.
ويعيش السودان حالة حرب داخلية تدور بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ ثلاثة أشهر. فيما أدى النزاع المسلح إلى مقتل أكثر من 2000 شخص وتشريد ونزوح أكثر من مليون ونصف سوداني.