وسط حالة من الشك السياسي والاقتصادي، فضلًا عن التطورات التكنولوجية السريعة، من المتوقع أن يكون 2024 عامًا مهمًا بالنسبة للصحافة.
ومن المهم أن يتفكر الصحفيون في حالة الإعلام في الوقت الحالي وأن يحددوا التوجهات الشائعة لتحديد أفضل الطُرق لمواجهة تحديات المشهد الإخباري المُتغير.
وفي جلسة نظمها منتدى باميلا هوارد لتغطية الأزمات العالمية التابع للمركز الدولي للصحفيين، ناقش الباحث في معهد رويترز لدراسة الصحافة، نيك نيومان، التوجهات الشائعة والتنبؤات للصحافة في العام الحالي.
وأوجز نيومان نتائج التقرير البحثي الذي نشره مع معهد رويترز، والذي يتعمق في التوجهات الشائعة المُحتملة في الإعلام في هذا العام، وخصوصًا المُتعلقة بالتكنولوجيا.
وحذر نيومان من أنّ "أقل من نصف المشاركين واثقون بشأن آفاق الصحافة في العام المقبل"، موضحًا أنّ "هناك نسبة كبيرة لا تشعر بالثقة بشكل واضح بشأن العام الحالي".
ونقدم إليكم 3 توقعات للصحافة في 2024، بِناء على بحث نيومان:
(1) حدوث تغيرات كبرى في وسائل الإعلام التقليدية ومنصات التواصل الاجتماعي
وتنبأ نيومان أنّه سيحدث تغير كبير في العلاقة المُعقدة بالفعل بين منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التقليدية، في 2024.
وأشار نيومان إلى أنّ المؤثرين يحصدون شعبية أكبر، ونتيجة لذلك، من المُرجح أن تُصبح المعلومات التي ينشرونها أكثر رواجًا من الأخبار التي تنشرها وسائل الإعلام التقليدية.
لقد شهد توزيع الأخبار تغيرًا جذريًا بالفعل في السنوات الأخيرة مع زيادة شعبية تطبيقات الفيديو مثل تيك توك ويوتيوب، وعكست النتائج التي توصل إليها نيومان هذا الأمر: "توضح البيانات بالفعل هذا التحول إلى نظام أكثر تعقيدًا فيما يتعلق بتوزيع المعلومات، ولكنّه أيضًا نظام لا يتضمن تواجد فيسبوك بقوة".
واستجابة لذلك، يوسع الناشرون كيفية وصولهم إلى مستهلكي الأخبار، وذلك من خلال استخدام قنوات بث واتسآب، على سبيل المثال، لإرسال المحتوى ذي الطابع المُخصص للأشخاص.
(2) الذكاء الاصطناعي
سيظل ظهور الذكاء الاصطناعي، الذي نوقش كثيرًا، يُشكل عائقًا كبيرًا في 2024.
ووجد بحث نيومان أنّ كثيرًا من الناشرين والصحفيين يشعرون بقلق بالغ بشأن مخاطر الذكاء الاصطناعي، ولا سيما فيما يتعلق بكيفية تغيير التكنولوجيا لصناعة المحتوى. واعتقد المشاركون في البحث أنّ استخدام الذكاء الاصطناعي فيما هو أكثر من مهام المساعدة البسيطة يُهدد نزاهة المحتوى الصحفي والثقة مع الجماهير.
والتهديد الآخر الذي يُشكله الذكاء الاصطناعي، هو عرقلة البحث، أو احتمالية أن يحل الذكاء الاصطناعي محل وسائل الإعلام التقليدية عند بحث المستهلكين عن المعلومات. وقال نيومان: "يرى بعض الناشرين أنّ هذا الأمر يُشكل تهديدًا وجوديًا وهو أنّ التجارب المُولدة بالبحث ستحل محل بعض ما تقوم به وسائل الإعلام".
وشدد نيومان على أنّ تأثيرات الذكاء الاصطناعي لم تُعرف بعد بشكل كامل، مما يحُد من القدرة على التنبؤ بكيفية استجابة صناعة الأخبار لهذا الأمر. وأوضح نيومان أنّ السؤال الرئيسي هو: "إلى أي مدى وبأي سرعة سيُعرقل الذكاء الاصطناعي نماذج الأعمال تلك؟"، سيعتمد هذا الأمر على كيفية استجابة الناشرين.
(3) تمويل وسائل الإعلام التقليدية سيشهد تطورًا
وقال نيومان إن الناشرين يبحثون عن طرق جديدة لتمويل أنفسهم، ويقدمون بالفعل نماذج اشتراكات جديدة، بما في ذلك تجميع المحتوى، وهو نموذج يجمع أنواعًا مختلفة من المحتوى في حزمة اشتراك واحدة، وقد أثبت هذا أنّه أدى إلى خفض معدلات إلغاء الاشتراك بين الجماهير.
وبسبب مشكلات التمويل المستمرة اليوم، تهتم الكثير من وسائل الإعلام بمن باستطاعته دفع ثمن الحصول على أخبارها، وهذا يؤدي إلى تعذر الوصول لقطاعات كبيرة من السكان. وتابع نيومان: "يكمن التحدي في كيفية تمويل نوع الصحافة الذي يحتاجه الجمهور ليتخذوا قرارات ديمقراطية؟".
وسيكون للتطورات هذا العام أهمية بالغة لفهم كيف ستستجيب وسائل الإعلام للتغيرات المستقبلية في سلوك الجمهور والتطورات التكنولوجية. وأضاف نيومان أنّه من المُرجح أن يتطلع الناشرون إلى المزيد من العلاقات المباشرة مع عملائهم وسط هذه التغيرات.
وفي النهاية، خلص نيومان: "سيُحَدد في العام الحالي الكثير من النماذج لكيفية عمل العالم في السنوات العشر المقبلة".