بينما يدين العالم العربي القصف الإسرائيلي المتواصل لقطاع غزة رداً على هجوم حماس الدموي في 7 أكتوبر/تشرين الأول، يزعم بعض مُستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي أن اليمن أعلنت الحرب دعماً للفلسطينيين.
و هذا غير صحيح؛ صحيح أن المتمردين الحوثيين في اليمن قاموا باستهداف إسرائيل بطائراتٍ بدون طيار وصواريخ باليستية، لكنهم لم يعلنوا الحرب رسمياً، ولا حتى الحكومة الرسمية في البلاد.
يقول (جاكسون هينكل)، المُعلّق السياسي الأمريكي الذي نشر مِراراً وتكراراً معلوماتٍ مُضللة حول الحرب بين إسرائيل وحماس، في منشور بتاريخ 31 أكتوبر 2023، على موقع X، المعروف سابقًا باسم Twitter: "قامت اليمن بالإعلان أنهم الآن في حالة حربٍ مع إسرائيل".
و حظيت المُطالبات المُماثلة بآلاف التفاعلات على X وانتشرت على YouTube وInstagram وFacebook. و تتضمن المنشورات مقطع فيديو لما يبدو أنه مؤتمر صحفي يعقدهُ ضابطٌ في الجيش.
وانتشرت هذه المزاعم مع دخول إسرائيل مرحلةً جديدة من حربها التي استمرت شهراً، حيث طوقت مدينة غزة وحثّت سكان المنطقة المحاصرة على التوجه جنوباً.
واندلع القتال بسبب الغارات الدموية التي شنّتها حماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول والتي يقول مسؤولون إسرائيليون إنها أسفرت عن مقتل أكثر من 1400 شخص معظمهم من المدنيين.
وتقول وزارة الصحة في غزة التي تُديرها حماس إن أكثر من 9200 شخص قُتلوا في الغارات الجوية الإسرائيلية، معظمهم من النساء والأطفال.
و قام كبير الدبلوماسيين الأمريكيين (أنتوني بلينكن) بزيارة إسرائيل في 3 تشرين الثاني/نوفمبر لحثِّ قادتها على بذل المزيد من الجهود لحماية المدنيين الفلسطينيين في غزة، لكن الرئيس (بنيامين نتنياهو) حذّر من أنه لن تكون هناك "هدنةٌ مؤقتة" ما لم تطلق حماس سراح ما يقدر بنحو 241 رهينة إسرائيلية وأجنبية احتجزتها خلال هجمات 7 أكتوبر/ تشرين الأول.
كما اتحد العالم العربي في إدانة الضربات الجوية الإسرائيلية، لكن منشورات وسائل التواصل الاجتماعي بما يتعلق باليمن غير دقيقة.
وقد أدانت حكومة البلاد المعترف بها دولياً مراتٍ كثيرة العمليات الإسرائيلية في غزة، لكنها لم تتخذ أي إجراءٍ عسكري حتى 3 نوفمبر/تشرين الثاني.
وأعلن المتمردون الحوثيون في اليمن مسؤوليتهم عن الهجمات الجوية على إسرائيل، وهي جماعةٌ مدعومة من إيران استولت على العاصمة اليمنية صنعاء في عام 2014 وتسيطر على مساحاتٍ كبيرة من البلاد.
وفي 31 أكتوبر/تشرين الأول، تَعهد الحوثيون بمزيدٍ من الهجمات ضد إسرائيل في حال استمرت حربها على حماس في غزة، قائلين إنهم أطلقوا بالفعل طائراتٍ بدون طيار وصواريخ باليستية في ثلاث عمليات مُنفصلة.
وقال (أحمد ناجي) -أحد كبار المحللين في مجموعة الأزمات الدولية- في 1 تشرين الثاني/نوفمبر: "كثيراً ما يؤكد الحوثيون أنفسهم كمُمثلين شرعيين لليمن، وهو موقف غالباً ما يتم تضخيمه في قنواتهم الإعلامية. لكن الحوثيين في حقيقة الأمر ليسوا السلطات الرسمية في اليمن."
وقال (ناجي) أيضاً: "إن الحكومة اليمنية الرسمية امتنعت عن التدخلات العسكرية".
و يُشير البحثُ العكسي للصور إلى أن الضابط في الفيديو الذي تمت مشاركته على وسائل التواصل الاجتماعي هو (يحيى سريع) المتحدث العسكري الحوثي. و قامت شبكة الأخبار France 24 بنشر نُسخةٍ مُدبلجة من الفيديو في 1 نوفمبر/ تشرين الثاني.
حيث قال (سريع) في خطابه: "إن القوات المُسلحة اليمنية تؤكد أنها ستواصل تنفيذ الضربات النوعية بالصواريخ والطائرات المسيرة حتى توقف العدوان الإسرائيلي".
لكن (محمد الباشا) -مُحلل شؤون الشرق الأوسط في مجموعة نافانتي البحثية ومقرها فيرجينيا- قال: "إنه على الرُغم من هذه التصريحات وادعاءات المسؤولية، إلا أن المتمردين الحوثيين لم يقوموا بإعلان الحرب رسمياً".
وقال (الباشا) لوكالة فرانس برس في 2 نوفمبر/ تشرين الثاني: "في هذه الأثناء، انتقدت الحكومة المُعترف بها دولياً في عدن العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة لكنها لم تُصدر إعلان حرب أيضاً".
ولا تزالُ إسرائيل تواجه هجماتٍ جوية من مجموعاتٍ في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بما في ذلك المتمردين الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان.