قالت منظمة مواطنة اليمنية لحقوق الانسان، ان سلطة جماعة انصار الله الحوثيين، نفذت السبت الماضي، عملية اعدام وحشية عقب "محاكمات فادحة الجور" بحق تسعة متهمين مفترضين بالتخابر مع العدو لاغتيال رئيس مجلس الحكم في سلطة الجماعة صالح الصماد بغارة جوية تبناها التحالف بقيادة السعودية قبل نحو ثلاث سنوات.
و اكدت المنظمة ان المحكمة الجزائية المتخصصة "انتهكت اشتراطات وضمانات الحق في المحاكمة العادلة طبقاً للقواعد والمعايير القانونية الدولية والوطنية".
واشارت الى "ان ما حدث من إعدام سلطات أنصار الله (الحوثيين) لتسعة أشخاص السبت الماضي يمثل تصعيداً خطيراً في طريقة استخدام المحكمة الجزائية المتخصصة للتنكيل حد القتل".
و قالت رضية المتوكل رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان: "إن هذا الإعدام الجماعي الذي يندى له الجبين ما كان ليتم لولا ركون جماعة أنصار الله (الحوثيون) إلى سياسة الإفلات من العقاب". اضافت: "هذه الواقعة المروعة هي تذكير للمجتمع الدولي بضرورة مساندة جهود المساءلة وتشكيل آلية تحقيق جنائية دولية لليمن." .
وفي الوقت الذي تدين فيه مواطنة لحقوق الإنسان هذا الإنتهاك المروع، تحذر من كون تنفيذ حكم الإعدام بحق التسعة الضحايا بقضية مقتل الصماد قد يمهد الطريق أمام اقتراف جماعة أنصار الله "الحوثيين" مزيد من عمليات الإعدام، لا سيما وأن المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء سبق وأن قضت في أواخر أغسطس/ آب 2021 بإعدام 11 شخصا، بينهم امرأتان ضمن ما سمي "خلية عمار عفاش ".
كما لا يزال الصحفيون الأربعة أكرم الوليدي، وعبد الخالق عمران، وحارث حميد، وتوفيق المنصوري وغيرهم ممن حكمت عليهم المحكمة الجزائية المتخصصة الخاضعة لسيطرة الجماعة، بعقوبة الإعدام، معرضين لخطر تنفيذ ذلك الحكم الجائر، اضافة لأحكام إعدام أخرى صادرة عن محاكمات شابتها خروقات جسيمة.
وتظهر درلسة قانونية أصدرتها "مواطنة" أن أطراف النزاع المسلح في اليمن ارتكبت انتهاكات شتى بحق محتجزين مثلوا أمام هذه المحاكم الجزائية المتخصصة "للتنكيل بالخصوم السياسيين والمعارضين المناوئين"، بموجب الحقائق التالية:
-أن قرارات الاتهام المقدمة من النيابة الجزائية الى المحكمة الجزائية المتخصصة في القضايا المنظورة، كانت مبنية على محاضر جمع الاستدلالات فقط.
-ان جميع الأحكام الصادرة عن المحاكم الجزائية اعتمدت على محاضر جمع الاستدلالات التي تنحصر غالبا في اعترافات المُتهمين أمام الجهات الأمنية وأمام النيابة الجزائية الخاضعة لسلطات أطراف النزاع، دون استقصاء جاد في مدى حقيقتها أو في حقيقة ثبوت الوقائع التي أنكرها المتهمون أمام القضاء، حيث أفاد بعضهم بأن تلك الاعترافات انتزعت بالإكراه وتحت التعذيب الجسدي والنفسي خلال فترة الاحتجاز الطويلة، وهو ما يشكك في قيمتها القانونية كأدلة للإثبات وفقا للقانون.
-ان الخلفية التاريخية لنشأة المحكمة والنيابة الجزائية المتخصصة في اليمن عام 1999، بما في ذلك التحول الجذري في وظيفتها وإطارها عقب التعديل الذي تضمنه القرار الجمهوري رقم (8) لعام 2004، بعد انقضاء خمسة أعوام على إنشائها، الذي أضاف إلى اختصاصها الجرائم الماسة بأمن الدولة وذات الخطر العام، ما يعكس تحويلها صراحة إلى محاكم أمن دولة، حيث عمدت السلطات المتعاقبة، منذ ذلك الحين، إلى محاكمة المناوئين السياسيين والصحفيين وأصحاب الرأي واتباع الاقليات الدينية امام المحكمة الجزائية المتخصصة عوضاً عن المحاكم الجنائية العادية، بهدف ترويعهم والتنكيل بهم.
- توصلت الدراسة إلى أن الحالات التي قُدم فيها دفوع بعدم اختصاص المحكمة الجزائية المتخصصة بنظر الدعوى المعروضة أمامها، رفضتها المحكمة وقرّرت المُضي قدما باجراءاتها، وفوق ذلك أكدت رفضها للدفوع بعدم الاختصاص في حكمها النهائي.
-من بين الدعاوى التي رفضت فيها المحكمة الجزائية الابتدائية المتخصصة بأمانة العاصمة الدفع بعدم الاختصاص على سبيل المثال، الدعوى المتعلقة بمحاكمة الصحفيين، حيث استمرت المحكمة النظر بالدعوى وأصدرت حكما يقضي بإعدام أربعة صحفيين لارتكابهم ما أسمته جرائم نشر كيّفتها على أنها ضمن الجرائم الماسة بأمن الدولة.
-كشفت الدراسة في خلاصاتها عن أن المحاكم والنيابات الجزائية المتخصصة – الخاضعة لأطراف النزاع - تغاضت عن دعاوى ودفوع المتهمين أمامها بانتهاك اشتراطات وضمانات الحق في المحاكمة العادلة المُقرة بمقتضى القوانيين الدولية والوطنية بما فيها: عدم مشروعية إجراءات الضبط، والقيام بممارسة الاحتجاز التعسفي، والاختفاء القسري لفترات طويلة في السجون، واستخدام اساليب التعذيب وغيرها من صنوف المعاملة اللاإنسانية، وحرمان المتهمين من الرعاية الطبية، ومنعهم من الاتصال بعائلاتهم أو محاميهم.
-ان العديد من القضايا استغرقت فيها المحاكمة فترة زمنية غير معقولة، ويمكن تصنيفها ضمن المحاكمات الجائرة، وفقا للمعايير الدولية، من حيث الفترة الزمنية التي استغرقتها، إذ بلغت جلسات المُحاكمة على سبيل المثال أمام المحكمة الجزائية الابتدائية المتخصصة بأمانة العاصمة في واحدة من القضايا المهمة (33) جلسة، ولم يصدر الحُكم فيها إلا بعد ثلاث سنوات كاملة من بدء المحاكمة، كما استغرقت جلسات المحاكمة في القضية نفسها أمام الشعبة الاستئنافية المتخصصة بأمانة العاصمة (20) جلسة، ولم يصدر الحكم فيها إلا بعد مضي سنة وثلاثة أشهر، وقبل ذلك، فإن جلسات المحاكمة لم تبدأ أمام الشعبة الاستئنافية إلا بعد سنة كاملة منذ تسجيل عريضة الطعن في الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية.
-ان المحاكم والنيابات الجزائية المتخصصة تتغاضي عن دعاوى ودفوع المتهمين أمامها بانتهاك حقوقهم وضماناتهم المقررة بموجب الدستور والقانون من قبل جهات الضبط والتحقيق، وخاصة فيما يتعلق بعدم مشروعية إجراءات الضبط، والاحتجاز لفترات طويلة في سجون الجهات الأمنية، وتعرضهم للتعذيب أحيانا، وحرمانهم من الرعاية الطبية، ومنعهم من الاتصال بعائلاتهم أو محاميهم، وعدم قيام المحاكم بالتحقيق الجدي في تلك الدفوع التي يتوقف على البت فيها صحة أو بطلان الإجراءات والأدلة وبالتالي صحة أو بطلان الأحكام، وهو ما يشكل إخلالا جوهريا بضمانات وحقوق المتهمين في محاكمة عادلة وفقا للمعايير الدولية والوطنية.
-ان الجزاء الذي يُرتبه القانون على عدم احترام حقوق وضمانات المتهمين هو بطلان المُحاكمة أو بطلان الإجراءات، وبالتالي حق كل من يتضرر من ذلك في التعويض وجبر الضّرر.
-بينت الدراسة جانب من الممارسات التي تهدر بها المحاكم الجزائية المتخصصة حق الدفاع على المتهمين، منها عدم السماح للمتهمين في قضايا أمن الدولة بالاختيار الحُر لمحاميهم الذين يثقون بهم وبكفاءتهم في الدفاع عنهم ، وتكليف (تنصيب) محامين من قبل المحكمة لمجرد استيفاء الشكل القانوني للمحاكمة، عدا حالات نادرة، اضافة إلى تعمد عدم تمكين المحامين، المُكلفين من قبل المحاكم، وغالبا في الجلسة الأولى للمحاكمة من الاطلاع على كامل ملف الدعوى، والحصول على صورة منه، وفي الحالات التي سُمح لهم بذلك لم يتم اعطائهم الوقت الكافي لإعداد دفاعهم، ولا بالتواصل الحُر مع موكليهم خارج اطار جلسات المحاكمة، بل ومنعهم من الترافع أمام المحكمة أحيانا.
-انتهت الدراسة إلى أن المحاكم الجزائية المتخصصة -كمؤسسة وأفراد- سقطت تحت تأثير ونفوذ أطراف النزاع خاصة حينما يتعلق الأمر بالنظر في القضايا التي يتم تكييفها باعتبارها ماسة بأمن الدولة، وقد أبدت أطراف النزاع عدم احترام فاضح لمبدأ استقلال القضاء، بما يتضمن تجاهل واضح لسيادة القانون.