مرت نحو ستة أشهر تقريبا منذ أن فقد الطفل رائد جربحي ساقه اليمنى في انفجار لغم أرضي بعد عودة عائلته من مخيم للنازحين إلى منزلهم في ضواحي مدينة ميدي الساحلية المحاصرة في محافظة حجة شمال غرب اليمن.
لقد التأمت جروحه، لكن معاناته وآلامه مستمرة.
وقال رائد (12 عاما)، لوكالة أنباء "شينخوا" بينما كان يجلس في منزله بقرية بني فايد بجواره عكازه: "أصبحت حياتي صعبة جدا بعد أن فقدت ساقي في انفجار اللغم بينما كنت أرعى الأغنام .. ضاقت بي الحياة ولم أعد أستطيع الحركة إلا على العكاز بين جدران المنزل وحظيرة الأغنام".
وأضاف "أريد ساقا صناعية حتى أتمكن من العودة إلى المدرسة واللعب مع أصدقائي ورعي الأغنام".
ويعيش رائد مع والديه واخوانه في منزل من عدة غرف صغيرة مبنية من القش والطين (كوخ)، وهو بناء بسيط منتشر بشكل واسع في المناطق الساحلية الشمالية لليمن المحاذية للبحر الأحمر.
ويتمنى شقيقه الأكبر، علي، مستقبلا أفضل لرائد، لكن لا يوجد حل فوري متاح الآن حيث لا توجد أي مختبرات طبية في المدينة المحاصرة تصنع الأطراف الاصطناعية.
وكانت الحكومة اليمنية قد نقلت رائد في ديسمبر إلى مستشفى في المملكة العربية السعودية لتلقي العلاج، حيث مكث هناك قرابة الشهرين.
وقال حسن مصبح، وهو شيخ قبلي في القرية، لـ "شينخوا" إن "أعداد ضحايا انفجار الألغام يتزايدون وسط انعدام الرعاية الصحية والنفسية بعد أن دمرت الحرب المستشفيات في المنطقة وأخرجت النظام الصحي عن الجاهزية".
وأضاف: "تسببت الألغام المزروعة تحت رمال المزارع والمراعي والطرق في كارثة إنسانية ورعب كبير بين السكان هنا حيث يتزايد عدد الضحايا يوما بعد يوم.. وأكثر الضحايا هم من الأطفال والمزارعين ... كما دمرت عشرات الآليات الزراعية وقتلت الكثير من الأغنام والجمال والأبقار".
وفي الوقت نفسه، تواصل الحكومة اليمنية المدعومة من قوات التحالف بقيادة السعودية، البحث عن الألغام الأرضية وإزالتها من عدة مناطق، من ضمنها ميدي.
ومؤخرا، أطلقت الحكومة وعدد كبير من المنظمات والنشطاء الحقوقيين، حملة على وسائل التواصل الاجتماعي وقنوات التلفزيون الرسمية، تطالب بتسليم خرائط الألغام لإزالتها وتأمين السكان وإنقاذ مستقبل الأجيال.
وقالت قبول العبسي من مؤسسة قرار للإعلام والتنمية (منظمة غير حكومية)، إن "الحملة جاءت خلال الهدنة الجارية منذ شهرين التي توسطت بها الأمم المتحدة بين الأطراف اليمنية المتحاربة للضغط على جماعة الحوثي لتسليم خرائط الألغام التي تسببت بكارثة كبيرة في البلاد وتهدد حياة الملايين".
وأضافت قبول أن "عملية إزالة الألغام قد تستغرق سنوات عديدة" بسبب رفض تسليم تلك الخرائط.
وقالت المحامية، هدى الصراري، رئيسة مؤسسة دفاع للحقوق والحريات (منظمة غير حكومية)، إن "الحملة تحاول أيضا منع وقوع المزيد من الضحايا المدنيين حيث أن معظم الضحايا هم من الأطفال والنساء، وكذلك تهدف إلى لفت انتباه المجتمع الدولي نحو هذه الكارثة".
ويقول خبراء إزالة الألغام في اليمن إنه تم زرع أكثر من مليون لغم منذ اندلاع الحرب الأهلية في أواخر عام 2014 عندما سيطرت جماعة الحوثي على عدة محافظات شمالية وأجبرت الحكومة اليمنية على الخروج من العاصمة صنعاء.
وقد صنعت معظم هذه الألغام محليًا من البلاستيك على شكل صخور صغيرة وعلب طعام وزجاجات مياه.
وبحسب آخر الإحصائيات المنشورة على موقع المشروع السعودي (مسام) في اليمن، والذي يساعد الجيش اليمني في إزالة الألغام، فإن المشروع قد أزال حتى الآن 339431 لغما من جميع أنحاء اليمن منذ منتصف عام 2018.