اليمن: مخاطر جمّة تواجه المجلس الرئاسي الجديد
يمن فيوتشر - مركز صنعاء للدراسات: ميساء شجاع الدين* الأحد, 10 أبريل, 2022 - 03:12 مساءً
اليمن: مخاطر جمّة تواجه المجلس الرئاسي الجديد

انقضى عام تقريبًا منذ أن اقترحت في إحدى مقالاتي تشكيل مجلس رئاسي يحل محل الرئيس عبدربه منصور هادي. مضى عقد من الزمن على تولي هادي الرئاسة، حيث كان يُفترض أن يتبوأ المنصب مؤقتًا لفترة انتقالية مدتها سنتان، وقضى معظم فترة حكمه في المنفى بعدد سنوات الحرب التي شُنت لاستعادة شرعيته.
شهد اليمن على مدى تاريخه تشكيل العديد من المجالس الرئاسية. فشلت معظمها لأنها أُنشئت إما كستار للحكم الفردي، أو كانت تتألف من أحزاب منقسمة، ما أدى إلى اندلاع العنف والصراعات. يحاول هذا المجلس المشكل حديثًا تفادي أخطاء المجالس السابقة من خلال تحديد مهامه. ورغم أنه يمثل مجموعة متنوعة من الأحزاب والآراء السياسية، فمن السابق لأوانه تخمين كيف سيوازن بين الصلاحيات والولايات المسندة إلى أعضائه. يُذكر أن لجنة قانونية قد شُكلت لصياغة القواعد التي تنظم عمل المجلس.
اختيار رشاد العليمي لرئاسة المجلس مثيرًا للاهتمام. فقد كان من أكثر رجال اليمن الموثوقين لدى السعودية منذ بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حين كان مسؤولًا عن التعاون الأمني بين البلدين. في الوقت ذاته، يُعد العليمي سياسيًا مُحنكًا وذكيًا، وله حضور قوي ويميل إلى الحلول الوسطية. وينبغي أن تساعده هذه السمات على التعامل مع تحديات منصبه في مجلس يضم أطرافًا متباينة أيديولوجيًا.
و تجدر الملاحظة أيضًا أن هذا المجلس شُكل وأُعلن عنه من خارج اليمن، ويبدو أن الحفاظ على التوازن بين الموالين للسعودية والإمارات كان المعيار الأساسي في اختيار أعضائه. أصبح اليمن بشكل متزايد ساحة معركة لحروب جهات أخرى، وحتى القرارات الأكثر أهمية باتت تُتخذ من قَبل القوى الخارجية، وليس اليمنيين. وهذا يعني أن أعضاء المجلس سيخضعون للمساءلة أمام الدول التي عيّنتهم، وليس أمام الأحزاب السياسية أو النخب اليمنية، لذلك يمكن توقّع أن يقدموا مطالب وأجندة رُعاتهم على مطالب الشارع اليمني.
لم يكن للمشاركين اليمنيين في مؤتمر الرياض أدنى فكرة عن تشكيل هذا المجلس حتى لحظة الإعلان عنه بعد ساعات من المناقشات السرية خلف الأبواب الموصدة بين الحاكم الفعلي للسعودية محمد بن سلمان ومجموعة صغيرة من السياسيين اليمنيين. ليس بمقدور أحد الادعاء من منظور واقعي أن “المشاورات” أسفرت عن تشكيل هذا المجلس. وهذا يثير إشكاليات عميقة بشأن افتقار هذا المجلس الواضح إلى الشرعية، والذي يتفاقم مع غياب أي مرجع لمثل هذا التشكيل في الدستور اليمني، أو المبادرة الخليجية لعام 2011، أو مؤتمر الحوار الوطني 2013-2014، أو حتى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، الذي أضفى شرعية أولية على رئاسة هادي أمام المجتمع الدولي.
لم تُحدد بعد فترة ولاية هذا المجلس الرئاسي، رغم أنه من الضروري أن يُشكل هذا النوع من الهيئات التوافقية لفترة مؤقتة، كونها تهدد بزيادة الاستقطاب السياسي والاجتماعي القائم وإضعاف مؤسسة الرئاسة بمرور الوقت.


* ميساء شجاع الدين هي باحثة أولى في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية. نشرت كتاباتها وتحليلاتها في العديد من وسائل الإعلام، مثل موقع جدلية، والسفير العربي، وصحيفة العربي الجديد، وموقع المونيتور.
شجاع الدين حاصلة على ماجستير في الدراسات الإسلامية من الجامعة الأميركية بالقاهرة، حيث ركزت أطروحتها على صعود التطرف الزيدي في اليمن.
-جاءت هذه المقاربة ضمن موجز لكبار باحثي مركز صنعاء، حول خروج الرئيس هادي من المعادلة ينشرها "يمن فيوتشر" تباعا.


التعليقات