يأتي شهر رمضان للعام الثامن على التوالي، مع استمرار الحرب وآثارها الكارثية على حياة الغالبية العظمى من اليمنيين، في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية والإنسانية وتدهور أسعار العملة المحلية أمام الدولار.
هذا المزيج من الأزمات التي يواجه اليمن، أدى إلى إحداث تراجع اقتصادي ومعيشي للسكان في مختلف المحافظات دون استثناء، وشكل ارتفاعا جنونيا في المواد الغذائية والدقيق والخضار.
مدينة تعز اليمنية (أكبر مدن اليمن من حيث السكان) ترتفع فيها وتيرة الحركة التجارية وتزدحم بالمتسوقين مع قدوم الشهر الكريم، لكن القوة الشرائية ضعيفة لشح وفرة السيولة.
ألقت الأزمات الاقتصادية والإنسانية بظلالها على حياة السكان إلى حد كبيرٍ، مع تأثر شريحة كبيرة من السكان الذين فقدوا مصادر دخلهم بسبب توقف مصالح ومؤسسات وشركات في القطاعين العام والخاص.
يقول المواطن أحمد حمود سعيد، للأناضول: "دخلنا العام الثامن على التوالي من الحرب ويدخل أيضاً علينا الشهر الكريم للمرة الثامنة ونحن نعيش أوضاع اقتصادية صعبة".
وأضاف: "لكن هذه المرة كان حلول رمضان الأشد علينا، حيث يعيش الناس ببطالة كبيرة ولا يملكون المال لشراء حاجيات الشهر، غير القلة القلية من المواطنين والذين يعتمدون بشكل كبير على عائدات المغتربين.
وترتفع أسعار السلع الرئيسة في اليمن بنسبة تتراوح بين 15 بالمئة - 40 بالمئة، عما كانت عليه نهاية العام الماضي، خاصة القمح ومشتقاته، والخضار والفواكه، والأرز، وبعض المواد التموينية الرئيسة.
ويقول سعيد: "حرب أوكرانيا وروسيا زادت من الطين بِله.. وتسببت بارتفاع القمح والدقيق وجشع التجار.. بينما التجار يتحكمون في أسعار السلع التي تشهد زيادات غير مبررة.. المواطن اليمني لا يستطيع تحمل كل هذه المنغصات".
ولم يستثن ارتفاع الأسعار أية مدينة يمنية سواء تحت سيطرة الحكومة الشرعية، أو حتى تحت سيطرة مناطق الحوثي.
وتأتي هذه الأزمة كذلك، بالتزامن مع نقل البنك المركزي إلى محافظة عدن وعدم التزام دول التحالف العربي بإنقاذ اليمن بوديعة مالية أو الاستفادة من تصدير النفط والغاز.
وتواجه العملة المحلية (الريال) انهيارا كبيرا، إلى متوسط 1200 لكل دولار، بينما وصل قبل عدة شهور 1600 ريال لكل دولار، مقارنة مع 215 قبل الحرب في عام 2015.
أمام هذا التراجع، أضحت الحكومة عاجزة عن الإيفاء بالتزاماتها تجاه المواطنين، وعجزت حتى عن تسديد رواتب الموظفين الحكوميين، وكل ذلك ألقى بظلاله على استقبال رمضان في مختلف المناطق.
يقول عبد الباسط الشميري، موظف حكومي لم يتسلم راتبه منذ عام ونصف العام: "نقاوم الحياة بصعوبة نتيجة الغلاء الفاحش.. المواطن اليمني غير قادر على شراء أي شيء".
وأضاف الشميري أن فارق الأسعار بين العام الحالي والسابق كبير، مبينًا بالقول: "لم استطيع شراء علبة (سمن) وجدت الفارق بينها وبين السابق أكثر من 7 آلاف ريال (5 دولارات)".
وقال: "الأسماك التي هي من خيرات بحار اليمن وصل سعر الكيلو فيها إلى 8 آلاف ريال (6 دولارات) وعلى حكومتنا أن تصحو وترحم الشعب".
وأفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الأحد، بأن احتياجات اليمن "هائلة تتجاوز الخيال"، وذلك في رسالة لليمنيين بمناسبة شهر رمضان.
والأسبوع الماضي، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، أن أكثر من 25.5 مليون يمني باتوا يعيشون تحت خط الفقر، جراء تداعيات الحرب المستمرة منذ أكثر من سبع سنوات.
وأوضحت المنظمة في تغريدة عبر تويتر أن "سبع سنوات من حرب اليمن، جعلت 25.5 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر"، من أصل 30 مليونا إجمالي السكان.
ويشهد اليمن حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة المدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران، المسيطرين على عدة محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر/ أيلول 2014.