غيّرت الحرب كلّ شي في محمية الحسوة في مدينة عدن في جنوب اليمن.
فالمساحة الخضراء التي نالت مكافأة من الأمم المتحدة عام 2014 تقديرا لجهود حماية التنوع الحيوي فيها، استحالت بقعة مهملة تفوح منها رائحة الصرف الصحي وتحوم فوقها الغربان.
عند مدخل المحمية المتهالك غرب عدن، لم يبق سوى مبنى تذاكر مهجور، ولم تعد المحمية تستقبل زوارا بعد أن شكّلت في الماضي متنفسا ومقصدا للسكان في المدينة الساحلية.
وأعلنت الحكومة اليمنية رسميا الحسوة الممتدة على مساحة 19 هكتارا، محمية طبيعية في عام 2006. اليوم، لا تزال تتواجد فيها بعض الحيوانات والطيور، ولكن تفوح منها رائحة صرف صحي قوية. وتنتشر فيها هنا وهناك، أغصان أشجار مقطوعة، ومخلفات من النفايات ومواد البناء.
في سنة 2014، حازت المحمية جائزة "خط الاستواء" من الأمم المتحدة، التي تكرّم أصحاب الجهود المبذولة لحماية التنوع الحيوي وتعزيز السياحة المراعية للبيئة.
وقالت لجنة الجائزة في حينه إنّه تم "تحويل مكب النفايات إلى نظام بيئي فعّال للأراضي الرطبة يوفّر موقعًا لتكاثر أكثر من 100 نوع من الطيور المهاجرة".
وكانت هذه المبادرة الأولى من نوعها في اليمن. وتمكنت من خلق فرص عمل في المجتمع المحلي، وبلغت الإيرادات منه 96 ألف دولار عام 2012.
•مكب للنفايات
لكن منذ بدء النزاع في اليمن في 2014 بين حكومة يساندها منذ 2015 تحالف عسكري تقوده السعودية، والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران الذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها وعلى العاصمة صنعاء منذ 2014، باتت المحمية في حكم المنسية.
ويتذكّر إبراهيم سهيل، أحد سكان عدن، كيف كانت الحسوة "متنفسا للسكان والسياح"، ولكن بعد الحرب "أصبحت مكبا لرمي النفايات ومكانا لتجمّع الحشرات ومياه الصرف الصحي".
ويقول مدير إدارة المحميات الطبيعية في اليمن سالم بسيس لوكالة فرانس برس "منذ عام 2015، لم يتم توفير الصيانة لأحواض معالجة المياه والمنظومة التابعة" لمحمية الحسوة.
ويوضح بسيس أنه تم أيضا "الاستيلاء على أراض تابعة لمشروع معالجة مياه الصرف الصحي (داخل المحمية)، ما أدى إلى تعطيل سبل صيانة منظومة معالجة هذه المياه".
بعد اندلاع الحرب، تراجع الدعم السياسي والمادي للمحمية، وتراجع كذلك عدد الزوار، وتحوّل جزء من أراضي المحمية إلى مكب للنفايات، بحسب "مرصد الصراع والبيئة" البريطاني الذي يصدر نشرات بشأن الأوضاع البيئية في مناطق النزاع حول العالم.
بالإضافة إلى ذلك، أشار المرصد في تقرير له في تموز/يوليو 2021 إلى أن "مكب النفايات غير الرسمي (..) عاد للعمل خلال الصراع".
وتسبّب النزاع في اليمن بمقتل أكثر من 377 ألف شخص بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وفقا للأمم المتحدة، وبملايين النازحين، وبأسوأ أزمة إنسانية في العالم.