العراق: «كتائب حزب الله» وراء حملة التبرعات "الشعبية" لصالح مسيرات الحوثيين في اليمن
يمن فيوتشر - معهد واشنطن- حمدي مالك ومايكل نايتس الخميس, 03 فبراير, 2022 - 10:32 صباحاً
العراق: «كتائب حزب الله» وراء حملة التبرعات

حاولت «كتائب حزب الله» جعل حملة جديدة لجمع التبرعات لليمن تبدو وكأنها مسعى "شعبي" ناجح، في حين كانت في الواقع حملة مركزية غير ناجحة إلى حدّ كبير.
في 23 كانون الثاني/يناير 2022، أطلقت "كتائب حزب الله" حملة لجمع التبرعات تهدف إلى مساعدة حركة «أنصار الله» اليمنية (الحوثيون) في تمويل برنامجها للطائرات المسيّرة. 
وتمّ الترويج للحملة على أنها مبادرة "شعبية" وحملت تسمية "حملة شباب العراق". ولكن ثمة دليل واضح ومقنع يشير إلى أنها مبادرة من تنظيم «كتائب حزب الله».
اطلقت الحملة بشكل علني في 23 كانون الثاني/يناير 2022 من قبل أمير الموسوي، الناطق باسم "تجمع شباب الشريعة"، ("التجمع") وهو منظمة تعمل كمظلة شبابية خاضعة لسيطرة «كتائب حزب الله».
وفي مقطع مصوّر نشرته وسائل التواصل الاجتماعي التابعة لـ"المقاومة" العراقية في وقت لاحق، قال الموسوي:
"بعد سلسلة من الاعتداءات المتواصلة من قبل أولئك الذين جعلوا الحلم الصهيوني حقيقة [أي الإماراتيين] ضد الشعب اليمني المظلوم والمنتصر، كان على أبناء العراق الكرام الى جانب دعم إخوانهم اليمنيين. لذلك سنطلق حملة كبيرة تحت شعار "أموالكم مسيّرات" (أموالكم [ستتحول إلى طائرات بدون طيار) على آل زايد [العائلة الحاكمة في الإمارات] للتبرع بالأموال للشعب اليمني لشراء طائرات بدون طيار؛ وهي مسيّرات ستحمل اسم أبابيل*، ومعدّة لمعاقبة...آل سلول -مصطلح مهين يُستخدم لوصف آل سعود، العائلة الحاكمة في السعودية وآل زايد-.
تم نشر المقطع المصوّر مع رقميْن لهاتف خلوي للناس للاتصال والتبرع بالمال.
وعلى الرغم من أن حسابات "تجمع شباب الشريعة" على وسائل التواصل الاجتماعي لم تنشر المقطع المصور للموسوي، إلا أن قناة "التجمع" على "تلغرام" كانت أكثر قنوات "المقاومة" نشاطاً على وسائل التواصل الاجتماعي التي تروج للحملة. وأنتج "التجمع" مقاطع فيديو تُظهر شباباً يقيمون أكشاكاً في الشارع تضم صناديق لكي يتبرع الناس فيها في إطار حملة جمع الأموال.
كذلك، روّجت قنوات التواصل الاجتماعي الأخرى التابعة لـ «كتائب حزب الله» للحملة بشكل نشط. وكانت حسابات "تحالف ثورة العشرين الثانية"، وهو تجمّع قبلي تُقدر "الأضواء الكاشفة للميليشيات" أنه يخضع لإدارة «كتائب حزب الله»، على وسائل التواصل الاجتماعي من بين العدد الضئيل لقنوات "تلغرام" التي تنشر مقاطع فيديو تروّج لحملة جمع التبرعات. وقد أعاد "تجمع شباب الشريعة" نشر بعض هذه المقاطع.
بالإضافة إلى ذلك، تشير بعض الرسومات التي نُشرت دعماً لحملة جمع التبرعات بوضوح أن «كتائب حزب الله» هي الجهة المنظمة للحملة. وقد نشر "ميدو"، أحد أبرز مصممي الغرافيك في "المقاومة" العراقية، رسماً غرافيكياً يُظهر مقاتلاً يرتدي زياً يُقصد به بوضوح أن يشبه ملابس «كتائب حزب الله»: قبعة واسعة الحواف وشريط عسكري على الصدر يحمل الاسم، يُظهران العدد "313" المرتبط عن كثب وبشكل حصري تقريباً بمقاتلي «كتائب حزب الله». (للعدد 313  دلالات دينية مهمة بالنسبة للشيعة، فهو عدد المحاربين الذين سيرافقون الإمام المهدي عند عودته الثانية. ونتيجةً لذلك، تستخدم العديد من الميليشيات الشيعية في العراق هذا العدد لتسمية وحداتها أو طبعه على ملابسها، غير أن استخدامه على القبعات وشرائط الاسم العسكرية على الصدر يبدو خاصاً بـ «كتائب حزب الله»).  
وجاء الدعم الأكبر الذي تم التعهد به لحملة جمع التبرعات من أبو علي العسكري، المسؤول في «كتائب حزب الله». فقد أَعلن في بيان صدر في 28 كانون الثاني/يناير 2022 أن الميليشيا التابع لها تبرعت بمليار دينار عراقي للحملة (ما يساوي 685 ألف دولار). وتمّ نشر البيان على حساب "كاف" على تويتر، باستخدام الهاشتاغ "أموالكم مسيّرات" (أي أموالكم [ستتحول] إلى طائرات بدون طيار) (الشكل 5). يُذكر أن "كاف" هي العلامة الرسمية لـ «كتائب حزب الله» على وسائل التواصل الاجتماعي. 

 

‏•فشل حملة «كتائب حزب الله» لجمع التبرعات
لا يبدو أن حملة جمع التبرعات كانت ناجحة للغاية. أولاً، لم تتبرع أي ميليشيات أخرى تابعة لـ"المقاومة" علناً للقضية حتى أنها لم تقدّم الدعم عبر قنواتها التلفزيونية. وفي حين غطت قناة "الاتجاه" التلفزيونية التابعة لـ «كتائب حزب الله» الحملة، إلّا أن قنوات تلفزيونية أخرى تابعة للميليشيات، مثل قناة "العهد" التابعة لـ"عصائب أهل الحق" أو "قناة النجباء" التابعة لـ"حركة حزب الله النجباء"، لم تقدم سوى القليل من الدعم وبشكل غير اعتيادي للحملة.      
كما أن حسابات وسائل التواصل الاجتماعي غير التابعة لـ «كتائب حزب الله» أعطت القليل من الاهتمام لجمع التبرعات. فتغطية "صابرين نيوز" للحملة لم تبدأ إلا بعد أربعة أيام على الإعلان عنها، وشملت منشوراً واحداً على "تلغرام". وهذه النسبة الضئيلة من الدعم - إلى جانب الدعم المحدود غير الاعتيادي من معظم وسائل الإعلام الأخرى لـ"المقاومة" - هي مؤشر دامغ على الإحجام المتعمد عن تقديم الدعم من قبل "صابرين نيوز".
إذاً لماذا تقف «كتائب حزب الله» وحدها غير مدعومة إلى حدّ كبير عند تسليطها الضوء على قضية مفضلة لعموم "المقاومة" مثل حرب اليمن؟ ربما يتمثل أحد التفسيرات بالطبيعة الإرهابية الصريحة لنداء «الكتائب» لجمع الأموال لشراء طائرات مسيرة لاستهداف الإمارات. وقد تكون وسائل إعلام أخرى، بما فيها بعض قنوات وسائل التواصل الاجتماعي، قد أرادت تجنب هذا المستوى من الانخراط في شراء أسلحة وتنفيذ هجمات إرهابية ضد الإمارات، التي تُعتبر قدرتها كبيرة في السياسة الإقليمية، وقطاعات الأعمال، والسفر، والمصارف. وقد ينطوي تفسير آخر على عادة «كتائب حزب الله» على المبالغة في ما هو مصمم ليكون مساعي شاملة للمقاومة، ولكن يبدو أنه مصمم لخدمة مصالح «الكتائب» في المقام الأول. وأياً كانت الأسباب، فقد كان المسعى فشلاً واضحاً ويُظهر الصعوبة المتزايدة التي تواجهها "المقاومة" في تنسيق حتى الحملات الدعائية الأساسية حول القضايا التي يجب أن تكون موضع اهتمام مشترك كبير.

*إشارة إلى طيور الأبابيل المذكورة في القرآن الكريم بأنها حمت الكعبة من خلال رمي حجارة على جيش كان يجتاح مكة.


التعليقات