يعانى ساكنو العاصمة صنعاء من انطفاء متكرر للتيار الكهربائي لساعات طويلة من قبل ملاك المحطات التجارية الذين قرروا معاقبة المواطنين احتجاجاً على قرار وزارة الكهرباء الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي، بإلغاء رسوم الاشتراك الأسبوعي والشهري الذي تفرضه محطات الكهرباء التجارية على المواطنين.
تسبب الأمر بوقوع أزمة ماتزال قائمة إلى اليوم وتقول وزارة الكهرباء الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي، ان ملاك محطات الكهرباء التجارية يجنون أموالاً طائلة، بينما يرد ملاك المحطات التجارية بأن رسوم الاشتراك هي جزء من الأموال التي تذهب للعامين في تلك المحطات كمرتبات ،ولرسوم تجنيها حكومة الحوثيين تحت مسميات رسوم نظافة،ورسوم أخرى .فماهي الحقيقة ؟
الادعاء
اتهام وزارة الكهرباء والمؤسسة العامة للكهرباء الواقعتين تحت سيطرة جماعة الحوثي لملاك المحطات التجارية بإبتزاز المواطنين في صنعاء والمناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعة، من خلال فرض رسوم مالية عليهم كإشتراك شهري نظير استخدام المواطنين للتيار الكهربائي التي تقدمه تلك المحطات،إضافة إلى رفع تسعيرة تعرفه الكهرباء التجاري عليهم.
الخبر المتداول
نشرت وكالة “سبأ” الناطقة بإسم جماعة الحوثي في مطلع نوفمبر الجاري، خبراً مفاده بأن وزارة الكهرباء والطاقة الواقعة تحت سيرة جماعة الحوثي ، دشنت حملة ضبط ملاك محطات الطاقة المشتراة، في أمانة العاصمة، الذين لم يلتزموا بإلغاء الاشتراك الشهري ورسوم الخدمات الأخرى.
وأضافت الوكالة أن الحملة نُفذت بالتعاون مع الأجهزة الأمنية، حيث قاموا بتنزيل شبكات عدد من المحطات المخالفة، وفصل الكابلات الخاصة بها،تنفيذاً للقرار الصادر من الوزارة القاضي بإلغاء ما يسمى “الاشتراك الشهري ورسوم الخدمات الأخرى”.
ونقلت الوكالة تصريح لوزير الكهرباء في حكومة الحوثيين أحمد العليي أفاد فيه،بأن هذه الحملة نابعة من حرص الوزارة على تخفيف معاناة المواطنين الذين يتحملون أعباء فوق طاقاتهم، وأن الحملة ستستمر لتشمل كافة المحطات المخالفة وغير الملتزمة بتنفيذ القرار.
وكانت وزارة الكهرباء والطاقة الواقعة تحت سيطرة الحوثيين ، قد أعلنت في وقت سابق تخفيض سعر الكيلو وات من التيار الكهربائي الذي تزوده مؤسسة الكهرباء الحكومية والتجاري على حد سواء،ليصبح سعر الكيلو وات المزود من مؤسسة الكهرباء الحكومية 200 ريال والتجاري إلى 260 ريال.
من جانبها رفضت النقابة العامة لمحطات توليد وتوزيع الكهرباء التجارية في صنعاء، قرار تخفيض التعرفة السعرية في أسعار الكهرباء.
وقالت النقابة العامة لمحطات توليد وتوزيع الكهرباء التجارية في بيان اطلع“المشاهد” على نسخة منه: إن وزارة الكهرباء تستلم من ملاك محطات الكهرباء التجارية أموالا كعوائد شهرية تدفع لوزارة ومؤسسة الكهرباء الحكوميتين التابعتين لجماعة الحوثي، وأن ملاك المحطات التجارية للكهرباء يعانون من فرض إتاوات خارجة عن القانون، كذلك تعسفات يومية من قبل جهات النظافة وأقسام الشرطة.
ولفت البيان إلى أن حملات التشهير التي طالت محطات وشركات الكهرباء التجارية تصب في مصلحة لوبي الفساد داخل وزارة الكهرباء ومؤسسة الكهرباء الحكومية.
وأشار البيان إلى أن شركات الكهرباء التجارية قد تضطر إلى القيام بإطفاء الكهرباء التي يتم ايصالها للناس مجاناً في الحارات، وفي الشوارع والمؤسسات الحكومية.
تحقق المشاهد
بعد التحقق من الخبر المتداول تبين أن وزارة الكهرباء في حكومة الحوثيين أصدرت فعلا قرارا في 12 أكتوبر 2021 وبرقم 123 يقضي بإلغاء الإشتراك الشهري للأفراد المشتركين في محطات الطاقة المشتراة في صنعاء. لكن القرار لم يطبق حتى تاريخ تحرير هذا التحقق في ديسمبر 2021، حسب مواطنين تحدثوا للمشاهد بشأن تنفيذ القرار. يصل الإشتراك الشهري للفرد حوالي (2100 ريالا) مايعادل 3.5 دولارا حسب سعر الصرف في صنعاء. ويصر ملاك المحطات أن رسوم الإشتراك تذهب كأجور للعاملين في محطات الطاقة المشتراة وإتاوات غير قانونية لوزارة الكهرباء ومؤسسة الكهرباء، حسب بيان نقابة ملاك المحطات التجارية.
وتقدم الكهرباء الحكومية حاليا بشكل محدود وبسعر يصل إلى 200 ريال يمني للكيلووات مقارنة ب 6 ريالات للكيلو وات قبل اندلاع الحرب في أوائل 2015.
وأكدت الوزارة في بيان لها، اطلع”المشاهد”على نسخة منه أنها ستتخذ كافة الإجراءات القانونية الحازمة تجاه كل من لم يلتزم بتنفيذ القرار،وأنها ستقوم بإغلاق المحطات المخالفة وإزالة الشبكات التابعة لكل محطة مخالفة.
مراسل”المشاهد”في صنعاء بعد أن استطلع أراء عدداً من المواطنين المشتركين في تلك المحطات،أكد بأن القرار لم ينفذه ملاك المحطات التجارية للكهرباء،خاصة في مديريات”الثورة ومعين والتحرير والسبعين”.
وفي حديثه لـ”المشاهد”،نفى عبدالرحمن اليعري رئيس النقابة العامة لمحطات توليد وتوزيع الكهرباء الخاصة،اتهامات وزارة الكهرباء لمحطات الكهرباء التجارية بأنها تبتز المواطنين، وقال اليعري: “لا يمكن لأحد أن ينسى الأدوار الإيجابية لمحطات الكهرباء التجارية في انعاش الحركة الاقتصادية في صنعاء،وكذلك تزويد المواطنين بالتيار الكهربائي،لذا لابد من إنصاف تلك الشركات”.
من جهته يقول المواطن عبدالعزيز الوذن،إن : “وزارة الكهرباء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين لايهمها معاناة المواطن،والدليل على ذلك أنها لم تعيد التيار الكهربائي لمنازل المواطنين كما كان عليه قبل الحرب، بل أصبحت الوزارة تنافس الكهرباء التجاري من خلال تزويدها للتيار الكهربائي للمؤسسات التجارية”.
ويضيف الوذن لـ”المشاهد”،قائلًا :”لايوجد فرق بين جشع وزارة الكهرباء وبين محطات الكهرباء التجارية فكلاهما يسعى لتحقيق أرباحاً مالية مهولة من جيوب المواطنين”.
السياق الزمني
منذ العام 2014،حينما اندلعت الحرب في المناطق الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي تعرض قطاع الكهرباء الحكومي لتدمير ممنهج، وتوقفت مؤسسة الكهرباء الحكومية تزويد منازل المواطنين والمؤسسات التجارية بالتيار الكهربائي بشكل كلي في العام 2015، حينها اعتمد المواطنون على الطاقة الشمسية كبديل عن التيار الكهربائي، واستمر الحال حتى 2017 حين أنشار عدد من التجار ورجال الأعمال محطات تعتمد على مولدات كهربائية صغيرة ومتوسطة تعمل بالديزل في عدد من أحياء وحارات العاصمة صنعاء. ومنذ ذلك الحين زاد عدد هذه المحطات حتى أصبحت اليوم هي المزود الرئيسي للكهرباء في صنعاء وعدد من المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعة.
وحينما رأت وزارة الكهرباء أنها لم يعد لها أي دور بعدما سيطر المستثمرون من رجال المال والأعمال على قطاع الكهرباء، أنشأت الوزارة الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي مجلس تنظيم أنشطة الكهرباء ،برئاسة الوزير المعين من الحوثيين لطف الجرموزي ومن ثم أحمد العليي.ومنذ العام 2017،أصدرت الوزارة عدد من القرارات كان أخرها إلغاء الاشتراك الشهري للكهرباء.