الايكونوميست: انسحاب التحالف من ميناء رئيسي يؤكد معاناته
يمن فيوتشر - الإيكونوميست: الخميس, 25 نوفمبر, 2021 - 11:25 مساءً
الايكونوميست: انسحاب التحالف من ميناء رئيسي يؤكد معاناته

خلال الحرب الكورية، قال جنرال أمريكي ساخرا إن قواته المحاصرة لم تتراجع، بل "تتقدم باتجاه مختلف". كان الأمر كذلك بالنسبة للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، الذي سحب في منتصف نوفمبر / تشرين الثاني قواته من الحديدة، الميناء الرئيسي على ساحل البحر الأحمر غربي البلاد.  
واكتسح الحوثيون، وهم مجموعة من المتمردين الشيعة الذين يقاتلون التحالف منذ 2015، مناطق الانسحاب للسيطرة عليها.
 كان الانسحاب مفاجأة للجميع تقريبًا، حتى مراقبي الأمم المتحدة الذين تم نشرهم في المنطقة منذ عام 2018. قالوا ان "هذا يمثل تحولًا كبيرًا في الخطوط الأمامية".
و بحسب رواية التحالف كان الانسحاب خيارًا استراتيجيًا، ربما متأثرا برغبة الامارات العربية المتحدة، الشريك القوي في التحالف الذي يدعم المقاتلين المحليين.  
كان الهدف من اتفاق وقف إطلاق النار القديم، الموقع في ستوكهولم أن يكون خطوة أولى نحو سلام أوسع بين الحوثيين والحكومة المعترف بها دوليًا. و بدلاً من ذلك اضيف جمود للوضع الراهن، اذ لم ينسحب المقاتلون من الحديدة أبدًا كما هو مطلوب، لكن الهدنة قللت من العنف، و ان تم انتهاكها بشكل روتيني. و مع الجمود على الأرض، ربما كان من الأفضل نشر قوات التحالف في مكان آخر.
كانت الحديدة ذات يوم من أولويات التحالف، لكنها اليوم تكاد تكون عرضًا جانبيًا للمعركة الأكبر التي تحدث على بعد 260 كيلومترًا (162 ميلًا) إلى الشمال الشرقي في مأرب.  
تلك المدينة، التي كانت ذات يوم واحة سلام نسبيًا، تستضيف حوالى مليون نازح داخليًا، وفيها مصفاة النفط الوحيدة في شمال اليمن التي تعمل الان، كما انها تقع على طريق سريع يربط اليمن بالمملكة العربية السعودية.  
سيكون الاستيلاء على مأرب انتصارًا رمزيًا واستراتيجيًا، ويبدو أن الحوثيين لهم اليد العليا بشكل متزايد.
منذ أن صعد المتمردون من هجومهم نحو مأرب في فبراير استقر الطرفان في حرب استنزاف طويلة.  حفرت قوات التحالف تحصينات في التلال المحيطة بالمدينة، مع دعم مكثف من الطائرات السعودية التي تحلق في سماء المنطقة.
و تنشر وسائل الإعلام الموالية للسعودية بلاغات متكررة عن الضربات الجوية التي تقتل العشرات من الحوثيين يوميا.
 لا تنكر الجماعة التكلفة، بل قالت وزارة الدفاع التي يسيطر عليها الحوثيون إن 14700 من مقاتليها قتلوا في مأرب منذ يونيو / حزيران فقط.  
كان العديد من المجندين بلا شك بمن فيهم الأطفال مضغوطين للقتال، ومضوا قدمًا في هجمات "الموجة البشرية" التي أضعفت دفاعات المدينة.  
وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 40 ألف شخص نزحوا في مأرب خلال الشهرين الماضيين.
وزاد القتال من بؤس اليمن، اذا يحتاج حوالي 80٪ من السكان البالغ عددهم 30 مليون نسمة إلى المساعدة للبقاء على قيد الحياة، كما يعاني أكثر من مليوني طفل من سوء التغذية الحاد.
و سجل الريال اليمني، مستويات قياسية عدة مرات هذا العام في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، مما ترك عديد العائلات غير قادرة على تحمل تكاليف الطعام والضروريات الأخرى.
 سافر تيم ليندركينغ المبعوث الأمريكي الخاص، إلى المنطقة لإجراء محادثات في نوفمبر، كان لديه القليل فيما يبدو ليقدمه خلال عشرات من هذه الرحلات هذا العام. ولم يكن حال ممثل الأمم المتحدة أفضل.  
يقع اللوم في المأزق الدبلوماسي إلى حد كبير على عاتق الحوثيين، الذين يعتقدون أنهم ينتصرون ولا يرون سبباً كافياً للتفاوض. السعوديون، على النقيض من ذلك يزدادون يأسا من انهاء الحرب.  
وبدلاً من ذلك أصبح الصراع الذي تم تسويقه للجمهور عام 2015 كمسرح سريع، مستنقعًا، و كلف المملكة مليارات لا حصر لها وألحق الضرر بالعلاقات مع الشركاء الرئيسيين، لا سيما أمريكا.  كما دفعت الحوثيين إلى شن هجمات متكررة بطائرات مسيرة وصواريخ بالستية.  
يقول التحالف إنه اعترض 90٪ من الهجمات (وهو رقم يصعب التحقق منه).  ومع ذلك فقد ضرب عدد قليل المطارات والبنية التحتية الحيوية الأخرى.  
يتحرك السعوديون لتعزيز دفاعاتهم الحدودية، استعدادا فيما يبدو لما بعد تقدم الحوثيين في مأرب.
مع تعثر المحادثات الأمريكية والأممية، بدأ السعوديون التفاوض مع خصمهم اللدود إيران، التي دعمت الحوثيين بالسلاح والمال.  
وأجرت القوتان الإقليميتان محادثات منخفضة المستوى في وقت سابق من هذا العام.  
ومع ذلك ليس لدى السعوديين الكثير ليقدموه لإيران، التي يروقها رؤية عدوها ينزف.
 حتى لو أرادت إيران المساعدة، فمن المحتمل أنها لا تملك سيطرة كافية على الحوثيين لإجبارهم على إبرام صفقة.  
اما السعوديون فحريصون على تقليص خسائرهم لكنهم لا يستطيعون إيجاد طريقة للقيام بذلك.


التعليقات