في المغربة، وهي منطقة نائية من محافظة حجة شمالي اليمن، تلجأ العائلات إلى تناول الأوراق الشمعية لشجرة محلية بعد غليها وتليينها لتصبح عجينة سهلة الهضم من اجل البقاء على قيد الحياة.
مغربه هي واحدة من 11 منطقة يمنية كانت تعيش ظروفا شبيهة بالمجاعة في أواخر عام 2020.
قال عبد اللطيف: "أشعر أحيانًا وكأنني سأموت بدون طعام. أحيانًا نحصل على القليل منه عبر الجيران، لكن هناك ليال نتضور فيها جوعاً". "عندما يحدث هذا، علينا أن نأكل أوراق الشجر. تنمو الشجرة في قريتنا ويأكل الكثيرون من الناس أوراقها بسبب نقص الطعام ".
عبد اللطيف وزوجته لديهما خمسة أطفال. تتلقى الأسرة مساعدات غذائية شهرية من برنامج الغذاء العالمي - سلة غذائية من المواد الأساسية بما في ذلك الدقيق والبقول والزيت والسكر والملح. هذا هو الطعام الوحيد الذي لديهم - وعندما ينفد تجمع الأسرة أوراق شجرة الحلص لتأكلها. اعتاد القرويون على أكل الأوراق من حين لآخر فقط، ولكن الآن أصبح هذا النبات وجبة منتظمة.
تعرضت قرية عبد اللطيف النائية لمزيد من العزلة بسبب نقص الوقود. انخفضت واردات الوقود إلى اليمن بنسبة 73 بالمائة على أساس سنوي، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار وخلق سوق سوداء مزدهرة. قلة من سكان قرية عبداللطيف يستطيعون الآن تحمل تكاليف المواصلات العامة، ما يجعل السفر للحصول على الرعاية الطبية - أو حتى التسوق لشراء الطعام - شبه مستحيل.
الأب الشاب عصام 25 عاما يعرف ذلك جيدًا. باع أسطوانتي غاز الطهي لعائلته لدفع تكاليف النقل من حجة إلى مدينة صنعاء لتلقي العلاج لابنه فؤاد الذي يعاني من سوء التغذية.
كان وزن فؤاد البالغ من العمر ثلاثة أشهر 3.2 كيلوجرام فقط - حوالي نصف متوسط ​​وزن طفل في عمره - عندما نُقل إلى المستشفى.
"لا يهم ما أبيعه. أردت أن أنقذ حياة ابني ، ”قال عصام لبرنامج الأغذية العالمي.
حتى بالنسبة للعائلات التي لديها إمكانية الوصول إلى الأسواق، فإن أسعار المواد الغذائية المرتفعة جعلت الملايين يكافحون من أجل توفير ما يكفي من الغذاء ليتمكنوا من قضاء يومهم.
ارتفعت تكلفة الحد الأدنى لسلة الغذاء بأكثر من 40 في المائة منذ بداية العام في بعض المحافظات الجنوبية، بما في ذلك أبين (60 في المائة)، حضرموت (50 في المائة) عدن (46 في المائة)، والضالع (46 بالمائة). في الشمال ارتفعت الأسعار أكثر من 25 في المائة في العديد من المناطق.
في حين أن أزمة اليمن معقدة، فإن تأثير سنوات من الحرب على عائلات مثل عبد اللطيف بات واضحا.
"الشاب مثلي يجب أن يعيش بشكل أفضل، و في حالة أفضل. لا يهمني مستقبلي. قال عبد اللطيف "ما يهمني الآن هو كيف يمكنني إطعام أطفالي".
تظهر على طفلي عبد اللطيف- جلال وجليلة البالغان من العمر عامًا واحدًا، و 4 أشهر - علامات سوء التغذية الحاد. يتحول شعرهم إلى اللون الأشقر، وهو علامة على نقص خطير في المغذيات. إنهما مجرد اثنين من 2.3 مليون طفل يمني دون سن الخامسة معرضين لخطر سوء التغذية هذا العام.
لكن على الرغم من علامات التحذير، يقول عبد اللطيف إنه لا يستطيع تحمل تكاليف نقلهم إلى عيادة التغذية - تكلفة النقل مرتفعة للغاية بالنسبة له.
مع عدم ظهور أي بوادر على انحسار دوافع الأزمة اليمنية، فإن الجوع آخذ في الارتفاع. يتزايد الاستهلاك الغذائي غير الكاف وهو أحد مقاييس الجوع التي يتتبعها برنامج الأغذية العالمي إلى حد كبير بسبب الانكماش الاقتصادي - 45 في المائة من الناس في الجنوب و 37 في المائة في الشمال لا يأكلون ما يكفي من الغذاء.
هذا يدفع العائلات إلى اللجوء إلى تدابير يائسة مثل أكل أوراق الشجر للبقاء على قيد الحياة.
يُظهر التاريخ الحديث أن دعم الوكالات الإنسانية في الخطوط الأمامية مثل برنامج الأغذية العالمي يحدث فرقًا في اليمن. تم تجنب المجاعة في عام 2019 حيث كثف المانحون تمويلاتهم ما سمح لبرنامج الأغذية العالمي بزيادة المساعدة الغذائية بنسبة 50 في المائة. وقد عمل ذلك جنبًا إلى جنب مع وديعة بقيمة 2 مليار دولار أمريكي في البنك المركزي اليمني من قبل المملكة العربية السعودية والتي سهلت استيراد المواد الغذائية ودعم تعافي سعر الصرف ما أدى إلى انخفاض أسعار المواد الغذائية.
ومع ذلك، سيبدأ برنامج الأغذية العالمي، مواجهة نفاد المواد الغذائية اعتبارًا من أكتوبر. المساعدة الغذائية هي أيضًا جزء واحد فقط مما تحتاجه العديد من العائلات اليمنية. كما أن البرامج الأخرى مثل خدمات الصحة والحماية والتعليم والمياه والصرف الصحي والنظافة تواجه أيضًا انقطاعات.
بينما يجتمع قادة العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع، يحثهم برنامج الأغذية العالمي على أن يتذكروا أن مستوى الاحتياجات في اليمن سيستمر في النمو ما لم يتم اتخاذ إجراءات لجعل الغذاء والوقود في متناول الجميع وبأسعار معقولة. إن الإجراءات المتخذة اليوم ستنقذ الأرواح وترسي أسس السلام.
حتى يحل السلام في اليمن، سيستمر الخوف من الجوع في مطاردة العائلات.
"الجوع لا يظهر رحمة لأحد. إذا حدث، فسوف يقتلك أنت وأطفالك. هكذا أتخيلها دائمًا: كقاتل. قال عبد اللطيف. "أخشى على أطفالي".