تحليل: ما تداعيات القتال في حضرموت على اليمن؟
يمن فيوتشر - Middle East Forum – فيرناندو كارفخال- ترجمة خاصة الإثنين, 08 ديسمبر, 2025 - 02:32 مساءً
تحليل: ما تداعيات القتال في حضرموت على اليمن؟

تتصاعد مجدداً التوترات في حضرموت اليمنية الغنية بالنفط، المحافظة الجنوبية التي يحدّها خليج عدن من الجنوب وصحراء الربع الخالي السعودية من الشمال. ويهدد القتال، الذي اندلع في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025، بعرقلة اتفاق تقاسم السلطة الذي توسطت فيه الأمم المتحدة عام 2019 بين الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والمجلس الانتقالي الجنوبي الساعي إلى الانفصال.

ويعكس النزاع بين نائب محافظ حضرموت الأول (عمرو بن حبريش)، قائد قوات حماية حضرموت، واللواء صالح بن الشيخ أبو بكر (أبو علي الحضارمي)، قائد ألوية الدعم الأمني، الانقسامات العميقة بين الفصائل الجنوبية.

 

شغل عمرو بن حبريش منصب رئيس تحالف قبائل حضرموت منذ تأسيسه عام 2013 حتى انتهاء فترة قيادته مع تنصيب الشيخ خالد محمد الكثيري في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025. وقد رسّخ بن حبريش لنفسه دور القائد الإقليمي الذي يحمي الموارد الطبيعية لحضرموت من استغلال الأطراف الخارجية، ويستهدف حالياً ما يُعرف بـ“مجموعة الضالع ويافع”، في إشارة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يسيطر اليوم على عدن ومعظم مناطق جنوب اليمن السابقة.

وتمتد مناطق نفوذ بن حبريش من قاعدة سلطته في وادي حضرموت على طول طريق المهرة–مأرب، وهي منطقة تقع تحت إدارة القيادة العسكرية الأولى التابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً. وينظر الجنوبيون إلى ضباط القيادة العسكرية الأولى باعتبارهم امتداداً لحزب الإصلاح المرتبط بجماعة الإخوان المسلمين، وغالباً ما يتهمونها بالتعاون مع الحوثيين في تهريب الأسلحة ومكوّنات التكنولوجيا من المهرة على طول الحدود العُمانية وصولاً إلى محافظة الجوف في شمال اليمن، التي يسيطر عليها الحوثيون إلى حد كبير.

 

وتصاعد الصراع مؤخراً بعد اشتباك قوات حماية حضرموت مع عناصر من ألوية الدعم الأمني في منطقة جبال العليب بين وادي حضرموت والساحل، وبلغ ذروته بسيطرة بن حبريش على منشآت النفط والغاز التابعة لشركة “بترو مسيلة” بالقرب من غيل بن يمين في الجزء الجنوبي الشرقي من المحافظة. ولاحقاً، أدى تعيين رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، لسالم أحمد الخنبشي حاكماً لحضرموت ـ وهو نتاج أسابيع من المفاوضات بين الفصائل السياسية في الرياض ـ إلى تفاقم المخاوف المرتبطة بالمصالح المحلية.

وتتقاطع هذه الأحداث مع محاولات الأطراف المختلفة استثمار مواقعها بالنسبة إلى السعودية والإمارات، ما شكّل تحدياً لتوازن القوى بين شمال حضرموت وسواحلها.

ووصفت وسائل الإعلام اليمنية الأحداث في البداية بأنها تجلٍّ آخر للصراع بالوكالة بين السعودية والإمارات، حيث تدعم الدولتان الخليجيتان الحليفتان اسمياً فصائل مختلفة في السودان وربما في ليبيا أيضاً. وقد أبدى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان دعمه لعمرو بن حبريش، بينما دعمت أبوظبي أبو علي الحضارمي المرتبط بالمجلس الانتقالي الجنوبي. ومع ذلك، قد يكون هذا التفسير مبسّطاً للغاية. وتشير التقارير اللاحقة إلى أن قوات موالية للمجلس الانتقالي الجنوبي حصلت على إذن لدخول الوادي.

 

وقد يصبّ مثل هذا الاتفاق في مصلحة كل من المجلس الانتقالي الجنوبي وربما أبناء حضرموت أنفسهم، لثلاثة أسباب:

أولاً: إنه يرسّخ السيطرة الأمنية على محافظة حضرموت ويمنع دعوات بعض الأطراف لتقسيم المحافظة إلى شمال وجنوب.

ثانياً: إن توحيد السيطرة بهذا الشكل يسهل العمليات في المنشآت النفطية الكبرى لتوليد الإيرادات لصالح الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.

ثالثاً: إن تحسين الأمن في صحراء حضرموت الشمالية قد يعزز عمليات مكافحة التهريب ويضعف قوات الحوثي، رغم أن ذلك قد يتطلب إعادة هيكلة القيادات العسكرية لدمج القيادة العسكرية الأولى والثانية، وهو إصلاح قد يضعف حزب الإصلاح.

وشهد تحالف قبائل حضرموت انقسامات عقب الانتخابات المقررة لقيادته. فقد كان بن حبريش يتوقع إعادة انتخابه، لكن قادة القبائل اختاروا بدلاً من ذلك الشيخ خالد الكثيري، المدير العام لشؤون القبائل بوادي وصحراء حضرموت. ومنح انتخاب الكثيري المجلس الانتقالي الجنوبي نفوذاً مباشراً، كما يردع أي معارضة محتملة من العناصر القبلية التي تعارض الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً أو المجلس الانتقالي الجنوبي أو القيادة في المكلا، عاصمة المحافظة وثاني أكبر مدن جنوب اليمن.

ورداً على الأزمة، اجتمع الرئيس رشاد العليمي والمحافظ الخنبشي مع مجلسي الأمن التابعين لهما في الأول من ديسمبر/ كانون الأول، مطالبين بن حبريش بسحب قواته من منشآت “بترو مسيلة” لتمكين المنشأة من استئناف عملياتها. ويبدو أن بن حبريش سيكون الخاسر الأكبر؛ إذ قد يفقد منصب نائب المحافظ إلى جانب رئاسة تحالف قبائل حضرموت، رغم أن تهميشه المفرط قد يدفع قوات حماية حضرموت والعناصر القبلية المعارضة للكثيري إلى القتال من أجل البقاء.

ومع ذلك، تبدو القوى الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي هي المستفيد الأكبر في الوقت الراهن، إذ تتحرك الآن دون مقاومة من حدود مأرب–حضرموت في الغرب على طول طريق العبر مروراً بالمهرة باتجاه الحدود العُمانية.

وإذا كان الإصلاح قد فقد بالفعل سيطرته على شمال حضرموت، وفقد الحوثيون القدرة على الوصول إلى الأسلحة المهرّبة من عُمان عبر المهرة إلى الجوف، فقد تنشأ توترات جديدة داخل مجلس القيادة الرئاسي مع سعي الإصلاح إلى استجماع قواه واستعادة نفوذه. ورغم أن تصنيف الولايات المتحدة لجماعة الإخوان المسلمين في نوفمبر/ تشرين الثاني 2025 لم يُشر إلى فرعها اليمني، إلا أن الضغوط الأمريكية قد تعزز خسائر الإصلاح وتساهم في توسيع سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على مناطق أكبر في جنوب اليمن.

 

لقراءة المادة من موقعها الاصلي:

https://www.meforum.org/mef-observer/what-does-fighting-in-hadhramawt-mean-for-yemen


التعليقات