تحليل: الحوثيون ومسلحون في سوريا على خط النار ضد إسرائيل بلا تنسيق
يمن فيوتشر - Y Net News- ترجمة خاصة الأحد, 08 يونيو, 2025 - 09:11 مساءً
تحليل: الحوثيون ومسلحون في سوريا على خط النار ضد إسرائيل بلا تنسيق

سلطت التطورات الأخيرة في اليمن وسوريا الضوء على حالة عدم الاستقرار المتواصلة في المنطقة، حيث لا تزال الهدن الهشة والاشتباكات المستمرة والتحالفات المتغيرة تشكل المشهد الأمني.

وأطلقت صواريخ الأسبوع الماضي باتجاه الأراضي الإسرائيلية من كل من اليمن وسوريا في توقيت متزامن، ما أثار مخاوف من تصعيد محتمل، ودفع المجتمع الدولي إلى التساؤل عما إذا كانت تلك الهجمات منسقة أم مجرد صدفة.

وعلى الرغم من التوصل مؤخرًا إلى وقف لإطلاق النار بوساطة الولايات المتحدة بين واشنطن والحوثيين في اليمن، فإن عمليات الإطلاق الصاروخي من مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين لا تزال مستمرة.
وفي سوريا، ظهرت اتهامات جديدة بعد إطلاق صواريخ باتجاه مرتفعات الجولان الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية.

بين يناير/كانون الثاني 2024 ومايو/أيار 2025، كانت الولايات المتحدة وجماعة الحوثي في اليمن منخرطتين في صراع مباشر. فبعد سلسلة من الضربات المحدودة التي نفذها الرئيس جو بايدن عام 2024، قرر الرئيس دونالد ترامب في مارس/آذار 2025 تنفيذ ضربات أكثر كثافة ضد الجماعة المدعومة من إيران. وخلال تلك الفترة، شنت الولايات المتحدة هجمات على مئات الأهداف التابعة للحوثيين، في حين تمكنت الجماعة من إسقاط سبع طائرات مسيرة أمريكية.

ومع ذلك، لا تزال ترسانة الحوثيين الصاروخية قائمة إلى حد كبير، بحسب توفيق الحميدي، المحامي اليمني في مجال حقوق الإنسان ورئيس منظمة سام للحقوق والحريات.

وأوضح الحميدي أن الجماعة استفادت من الطبيعة الجبلية لليمن، ومن خبرتها السابقة في القتال ضد التحالف الذي تقوده السعودية.
وقال: هذا منحهم خبرة في إخفاء وتوزيع مخازن الأسلحة في جميع المحافظات الخاضعة لسيطرتهم.

وأضاف، من الصعب القضاء بالكامل على الترسانة الصاروخية للحوثيين، مشيرًا إلى أن منصات الإطلاق القليلة التي تم تدميرها، ما هي إلا جزء من شبكة أوسع من المخازن المخفية.

وهذا التهديد المستمر ترك المدنيين اليمنيين عالقين في مرمى النيران وسط صراع لا تبدو له نهاية واضحة في الأفق.

فعلى الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار مع الولايات المتحدة، يواصل الحوثيون إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل بشكل شبه يومي. وأشار توفيق الحميدي إلى أن الجماعة لا ترغب في التخلي عن الرصيد السياسي المرتبط بصورتها كمدافعين عن غزة.

وقال الحميدي: يبدو أن الرئيس ترامب لم يكن راغبًا في تكبد مزيد الخسائر العبثية في العتاد الأمريكي ضد جماعة متمركزة في منطقة جغرافية معقدة، في إشارة إلى أن استثناء إسرائيل من اتفاق وقف إطلاق النار كان قرارًا ذا أبعاد سياسية واستراتيجية في آن معًا.

ولا تزال الأوضاع الإنسانية في اليمن بالغة السوء، حيث فاقم تدمير البنية التحتية حجم الأزمة.
وتحدث الحميدي، أن المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين باتت شبه معزولة بالكامل عن العالم الخارجي، بعد استهداف مطار صنعاء وتدمير جميع الطائرات المدنية، مضيفًا أن سلسلة الإمدادات الغذائية والمواد الأساسية عبر ميناء الحديدة تعرضت لاضطرابات كبيرة كذلك.
وليس كافيًا استهداف منصات إطلاق الصواريخ التابعة للحوثيين، تابع الحميدي، نحن بحاجة إلى استراتيجية شاملة تعالج جذور الصراع وتسهم في دعم اليمنيين لإعادة بناء حياتهم.

وبينما يواجه اليمن تداعيات وقف إطلاق نار غير مكتمل، تمر سوريا بلحظة مختلفة لكنها لا تقل هشاشة. فقبل أيام قليلة، أطلقت صواريخ من الأراضي السورية باتجاه مرتفعات الجولان، ما دفع إسرائيل إلى الرد بهجمات انتقامية.
وجاءت هذه الضربات في توقيت بالغ الحساسية لدمشق، التي بدأت تخرج تدريجيًا من سنوات من العقوبات والعزلة الدولية، وتسعى إلى استعادة مكانتها على الساحة العالمية.

مصطفى النعيمي، محلل سياسي سوري، شكك في التسرع بإلقاء اللوم على دمشق بشأن الحادثة. 
وقال: حتى الآن، لم تصدر وزارة الدفاع السورية أي معلومات دقيقة بشأن طبيعة التصريحات الإسرائيلية.

وأفادت عدة وسائل إعلام بأن الهجمات نفذت من قبل مجموعة غير معروفة نسبيًا تدعى "ألوية الشهيد محمد الضيف".

واتهم النعيمي إيران بمحاولة زعزعة الاستقرار في سوريا، قائلًا: لقد فقدت إيران كل أوراق النفوذ التي راكمتها خلال السنوات الماضية في حربها ضد الشعب السوري، وتمت إزاحتها من المشهد.

وفي معرض تعليقه على التكهنات بشأن احتمال وجود تنسيق بين الهجمات الصاروخية من سوريا وتلك التي أطلقها الحوثيون من اليمن نظرًا لتقارب التوقيت، قلل مصطفى النعيمي من احتمالية وجود تحالف رسمي بين الحوثيين والمجموعة السورية التي استهدفت إسرائيل.
وقال: الضربات الحوثية ما زالت تنفذ بشكل مستقل، وعامل التوقيت لا يعني بالضرورة وجود تنسيق بين الطرفين.

وأضاف أن إيران كانت تسعى في وقت ما إلى توحيد الجهات المناهضة لإسرائيل ضمن استراتيجية "وحدة الساحات"، غير أن هذا المشروع تحطم على الأرض السورية، ولم يعد بالإمكان استكماله إطلاقًا نظرًا للانتكاسات التي منيت بها طهران في الصراع.

من جهته، صرح وزير الدفاع الإسرائيلي يؤاف غالانت، عقب الضربة الصاروخية من سوريا، بأن إسرائيل تعتبر رئيس سوريا مسؤولًا مباشرًا عن أي تهديد أو إطلاق نار يوجه نحو دولة إسرائيل.

وعلق النعيمي بالقول إن القيادة السورية ملتزمة بخفض التصعيد، مستشهدًا بتصريح للرئيس السوري أحمد الشرع قال فيه: نرفض استخدام الأراضي السورية كمنصة لانطلاق عمليات عسكرية ضد الدول المجاورة.

ومع ذلك، شنت إسرائيل غارات على جنوب سوريا، وهي خطوة قال النعيمي إنها تهدد بإضعاف مسار التعافي الهش الذي تمر به البلاد.

وقال النعيمي إن تلك الضربات استهدفت بنية الجيش السوري السابق، وبالتالي فإن تدميرها سيعيق أي جهود لإعادة تأهيل المؤسسة العسكرية في الجنوب، مضيفًا أن إضعاف مؤسسات الدولة قد يفتح الباب أمام عودة الإرهاب تحت مسميات مختلفة، وهو ما من شأنه أن يهدد الإنجازات التي حققتها سوريا منذ ذروة الصراع.

وفي وقت بدأت فيه دمشق اختبار فرص إعادة الاندماج الإقليمي —بما في ذلك نقاشات أولية حول الانضمام إلى اتفاقات أبراهام— فإن أي تصعيد مع إسرائيل قد ينسف هذا التقدم. 
وقال النعيمي: الحكومة السورية تسعى حاليًا لتجنب أي صدام، سواء كان محليًا أو إقليميًا أو دوليًا، لا سيما أن أي مواجهة تشكل تهديدًا مباشرًا للوضع الأمني.

وفي اليمن، لا تزال التعقيدات قائمة.
وأكد توفيق الحميدي أن حتى الضربات الجوية الدقيقة لا يمكنها معالجة المشكلات الجوهرية المرتبطة بالحكم والحاجات الإنسانية. 
وقال: استمرار استهداف الموانئ والمطارات لا يؤثر فقط على الإمداد العسكري للحوثيين، بل يلحق أضرارًا جسيمة بالمدنيين أيضًا.

وحذر الخبيران من أن أي تصعيد عسكري قد يبدد التقدم الحذر الذي تحقق لصالح المدنيين.

وقال النعيمي: أي تصعيد في سوريا الآن يهدد بنسف التقدم الهش الذي أنجزناه، فالشعب السوري يستحق مستقبلًا خاليًا من التدخلات الأجنبية ومن الخوف الدائم من اندلاع حرب جديدة.

للاطلاع على المادة الأصلية عبر الرابط التالي: 

https://www.ynetnews.com/opinions-analysis/article/syj8hhfxlx


التعليقات