تقرير: كيف تُجند "المدارس الصيفية" الحوثية جيلاً جديداً في اليمن عبر التلقين الأيديولوجي؟
يمن فيوتشر - The Jerusalem Post- ترجمة خاصة الاربعاء, 28 مايو, 2025 - 09:33 مساءً
تقرير: كيف تُجند

قالت (فاطمة أبو الأسرار) : "معسكرات التلقين الصيفية التابعة للحوثيين مشروع كارثي مستمر منذ عقد من الزمن؛ حيث يُعلَّم الأطفال، بدءًا من سن السابعة، شعارات الحرب، والولاء السياسي، وتمجيد الشهادة."
وقد بثّ الذراع الإعلامي للحوثيين، قناة "المسيرة"، مقطع فيديو يُظهر ما وصفته بأنه "عرض كشفي وفعاليات ختامية للمدارس الصيفية". وعلى تطبيق تليغرام، ظهرت وسوم مثل "العلم والجهاد" و"الدورات الصيفية"، في إشارة إلى هذه الأنشطة التي تُعدّ جزءاً من حملة تلقين أيديولوجي واسعة النطاق تستهدف الأطفال، وهي مستمرة منذ سنوات، إلا أنها باتت تحظى باهتمام متزايد في ظل تصاعد التهديد الذي تشكّله هذه الجماعة الإرهابية على أمن المنطقة.
ويُظهر الفيديو، الذي نُشر يوم الثلاثاء، أطفالاً صغاراً، يُقدّر أن أعمارهم بين 9 و12 عاماً، وهم يسيرون في تشكيلات منظمة حاملين صور زعيم الحوثيين.
وفي جزء آخر من المقطع، يظهر عدد من الرجال المسلحين داخل قاعة يحتفلون على ما يبدو بـ"تخرّج" الأطفال من هذه الدورات. ومن غير الواضح سبب حضور هؤلاء الرجال بأسلحتهم، من بنادق كلاشنيكوف وغيرها، إذ لا يبدو أنهم جنود، بل يُرجَّح أنهم من مؤيدي الجماعة أو آباء الأطفال المشاركين.
وفي مشهدٍ آخر، تظهر في الخلفية صورة للراحل (حسن نصر الله)، زعيم ميليشيا حزب الله، بينما يُشاهد في مشاهد أخرى أطفال يحملون الأعلام الفلسطينية.
وفي مقطع نُشر يوم الأربعاء، أعلن الحوثيون أن 6,000 شخص من محافظة حجة قد تخرجوا من دورة "طوفان الأقصى"، وهو الاسم الذي أطلقته حركة حماس على مجزرة السابع من أكتوبر/ تشرين الأول. وقد صُوّر هذا الفيديو في مديرية كُشر الجبلية شمال غرب صنعاء، واستخدمت له وسوم مثل "#لستم_وحدكم" و"#معركة_الفتح_الواعد_والجهاد_المقدس".
ويظهر في هذا الفيديو رجال بالغون، يبدو أن العديد منهم في نهاية الثلاثينيات من العمر. وتبدو مظاهر الفقر المدقع واضحة في لقطات الأطفال والرجال على حد سواء، الذين يُدفعون للالتحاق بخدمة الحوثيين. كما يبرز تصاعد تقديس زعيم الجماعة بشكل لافت، حيث تُعرض صوره على الشاحنات، ويُجبر الأطفال على تبجيله.
و من الواضح أن هذه الحركة تسعى إلى تلقين شامل وإحكام السيطرة الأيديولوجية على كل من يقع في نطاق نفوذها.


• معسكرات الحوثيين للأطفال وسيلة لتجنيد الجنود الأطفال
في عام 2021، أشارت شبكة "دويتشه فيله" (DW) الألمانية إلى أن "تجنيد الأطفال في النزاع المسلح يُعد من أكثر الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي تم توثيقها خلال الحرب الأهلية في اليمن". وقد ركز التقرير على طفل يبلغ من العمر 15 عامًا انخرط في أحد معسكرات التدريب الحوثية خلال العطلة الصيفية.
وقد تلقى هذا الطفل تدريبًا على القتال ضد الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية آنذاك. وكان ذلك في فترة سابقة قبل أن تتّسع طموحات الحوثيين الإقليمية، التي باتت لاحقًا تشمل استهداف حركة التجارة في البحر الأحمر ومهاجمة إسرائيل. وأشارت DW إلى أن المعلمين الدينيين في المعسكرات غرَسوا في الأطفال أيديولوجيا تصف الحرب بأنها "مهمة مقدسة" أو "جهاد"، وأقنعوهم بأنهم يقاتلون دفاعًا عن الوطن، وأن الله يبارك قتالهم ضد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.
وتُقام هذه المعسكرات الصيفية للأطفال بشكلٍ سنوي تقريبًا في شهري أبريل/ نيسان ومايو/ آيار، أي في فصل الربيع أكثر من الصيف. وقد أفادت تقارير في عام 2024 بأن (عبدالملك الحوثي) قد أشاد بهذه المعسكرات في خطاب ألقاه في أبريل/ نيسان من العام الماضي. ويُعتقد أن مئات الآلاف من الأطفال والمراهقين دون سن 18 يشاركون في هذه المعسكرات كل عام، وبعضهم يشارك فيها أكثر من مرة.
وفي يونيو/ حزيران 2024، وثق معهد أبحاث الإعلام في الشرق الأوسط (MEMRI) حفل تخرّج لـ4,000 طالب من 16 مدرسة، حيث عرض الفتية مهارات قتالية شملت تدريبات على إطلاق النار الوهمي واستعراضات عسكرية. كما رفع الطلاب العلمين اليمني والفلسطيني إلى جانب شعارات مثل: "قاطعوا المنتجات الأمريكية والإسرائيلية" و"غزة، لستِ وحدك".
وأضاف التقرير أن الموقع الرسمي لحركة "أنصار الله" الحوثية قال عن الفعالية:
"العرض الذي قدمه طلاب الدورات الصيفية يجسد حقيقة أن الجيل القادم قادمٌ بسلاح المعرفة، وهوية الإيمان، وثقافة قرآنية."
و في منشور على منصة "إكس" (تويتر سابقاً)، أشارت الباحثة فاطمة ابو الأسرار إلى أن:
"معسكرات التلقين الصيفية التابعة للحوثيين مشروع كارثي مستمر منذ عقدٍ من الزمن. يُلقَّن فيها الصبية، بدءًا من سن السابعة، شعارات الحرب، والولاء السياسي، وتمجيد الشهادة. و قد تم تشكيل جيلٍ جديد وفق أيديولوجيا خطيرة ترفض السلام، و تعتبر كارثة حقيقية في اليمن."
وأشارت ابو الأسرار إلى مقاطع الفيديو الأخيرة التي بثتها قناة المسيرة، والتي تُظهر الأطفال وهم يسيرون في طوابير منظمة. وأضافت:
"المشاهد مأخوذة مباشرة من إعلام الحوثيين. تم إعدادها بعناية، وتنفيذها بطريقة مسرحية، وبُثّت اليوم كجزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى إظهار القوة ضمن محور إيران الإقليمي. إنها محاولة لمنح الجماعة شرعية أيديولوجية وزعامة ضمن ما يُسمى بمحور المقاومة."
كما تابعت بالقول:
"لقد شاهدت الكثير خلال سنوات الصراع في اليمن، لكن ما رأيته الآن مُقلق للغاية. حفل التخرّج الذي أقامه الحوثيون لمعسكرهم الصيفي للتلقين، متمثل في صفوف من الصبية يرتدون الزي العسكري، يهتفون، يحملون صور (قاسم سليماني)، ويتعهدون بتحرير غزة. هذه هي الطريقة التي تُعدّ بها وكلاء إيران الجيل القادم."


التعليقات