تقرير: حرب ترامب على الحوثيين تراوح مكانها
يمن فيوتشر - فورين بوليسي- ترجمة خاصة الخميس, 24 أبريل, 2025 - 12:00 مساءً
تقرير: حرب ترامب على الحوثيين تراوح مكانها

في الأسابيع الخمسة التي تلت تصعيد إدارة ترامب لهجماتها ضد الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، بدأت تظهر جملة من المشكلات الكبرى، مما يسلط الضوء على مدى صعوبة تحويل الخطاب القوي للرئيس الأميركي (دونالد ترامب) إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع.

فالعملية العسكرية، التي أُثير الجدل حولها بعد أن نُوقشت في مجموعة على تطبيق "سيغنال" ضمت صحفياً عن طريق الخطأ، فشلت حتى الآن في تحقيق أيٍّ من هدفيها المُعلنين: تأمين حرية الملاحة في البحر الأحمر، وإعادة فرض سياسة الردع.
ولا تزال حركة الشحن في البحر الأحمر وقناة السويس المجاورة تعاني من الركود كما كانت، رغم حملة أميركية كلفت أكثر من مليار دولار ضد الحوثيين. وما زال المسلحون يظهرون قدراً كبيراً من التحدي، بل صعّدوا من لهجتهم محذرين نهاية الأسبوع الماضي من أن ترامب "انزلق إلى مستنقع"، مع تكثيفهم لهجماتهم على إسرائيل والسفن الحربية الأميركية في المنطقة.
وعلاوة على ذلك، تفتقر العملية إلى قدر واضح من الشفافية؛ فهي تُعد أكبر استعراض للقوة العسكرية الأميركية في الولاية الثانية لترامب، ومع ذلك لا تعقد وزارة الدفاع الأميركية أي إحاطات إعلامية بشأن الحرب الجارية، فيما تكتفي القيادة المركزية الأميركية -المسؤولة عن العمليات في الشرق الأوسط- بنشر مقاطع مصورة استعراضية لعمليات على سطح حاملات الطائرات عبر وسائل التواصل، مرفقة بهاشتاغ "#الحوثيون_إرهابيون".
والأخطر من ذلك أن وتيرة العمليات الأميركية، بما في ذلك الضربات الجوية المتواصلة التي تنفذها مجموعتا حاملة طائرات أميركيتان، تستنزف الذخائر الدقيقة التي يرى كثير من الخبراء العسكريين أنه من الأفضل الحفاظ عليها لأي صراع محتمل مع الصين. ويُعد ذلك بالغ الأهمية خصوصاً فيما يتعلق بالمخزون المحدود من الصواريخ بعيدة المدى التي تُطلق من الجو، والتي ستكون حاسمة في أي مواجهة محتملة حول تايوان.
و قال (أليسيو باتالانو)، الخبير في الشؤون البحرية بكلية كينغز في لندن:
"إذا كان الهدف هو حماية حرية الملاحة، فهذا لا ينجح."
وأضاف: "كيف يمكن دعم فكرة أن منطقة المحيطين الهندي والهادئ تمثل أولوية استراتيجية، بينما تُسحب عناصر حيوية وأساسية لهذه المنطقة لاستخدامها في عمليات عسكرية في الشرق الأوسط؟"
أما الخبر الإيجابي -إن جاز تسميته كذلك- فهو أن الحاجة الملحة لإعادة فتح البحر الأحمر وقناة السويس أمام حركة الشحن التجاري لم تعد بنفس الحدة، وذلك للمرة الأولى منذ أن أغلق الحوثيون فعلياً هذا الممر الحيوي في نوڤمبر/ تشرين الثاني 2023، من خلال موجة من الهجمات الصاروخية والطائرات المُسيّرة استهدفت سفنًا تجارية، تحت ذريعة دعم الفلسطينيين في مواجهة العدوان الإسرائيلي.
وقد أدى الكساد الناتج عن الحرب التجارية التي أطلقها ترامب إلى تدهور حاد في آفاق حركة التجارة العالمية، حتى أن أسعار شحن الحاويات تشهد انهياراً كبيراً، ولم يعد هناك ما يبرر قلق الشركات من اضطرارها إلى إعادة توجيه بضائعها عبر الطريق الأطول حول رأس الرجاء الصالح في إفريقيا.
وعندما قرر الحوثيون لأول مرة استغلال موقعهم الاستراتيجي على ضفاف أحد أبرز الممرات المائية في العالم، مضيق باب المندب، للضغط على إسرائيل والغرب، جاء الرد سريعاً. فقد أرسلت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة قوات بحرية لتوجيه ضربات قوية للحوثيين، فيما أرسل الاتحاد الأوروبي قوة بحرية خاصة لتأمين مرور السفن التجارية عبر منطقة تحولت بسرعة إلى ما يشبه "منطقة محظورة".
و رغم أن المهمات العسكرية الأميركية-البريطانية ونظيرتها الأوروبية كانت ذات أهداف متقاربة لكنها غير متطابقة، فبينما سعت واشنطن ولندن إلى "إضعاف" قدرات الحوثيين على اليابسة ومنعهم من تعطيل حركة الملاحة التجارية، اقتربت العملية الأوروبية أكثر من نموذج تقليدي لعمليات حماية حرية الملاحة، حيث لم تُحقق أيٌّ منهما نتائج تُذكر، و بقيت أسعار التأمين على الشحن مرتفعة بشكل خيالي، وانخفضت حركة المرور عبر قناة السويس بشكل حاد.
ثم جاءت إدارة ترامب الجديدة، بعزم واضح على النجاح حيث فشلت إدارة بايدن المنصرفة.
و كتب وزير الدفاع الأميركي ( بيت هيغسِث) -الذي يواجه انتقادات واسعة- في المحادثة الشهيرة على تطبيق "سيغنال"، والتي شاركها هو وزملاؤه مع أحد الصحفيين قبل وخلال الهجمات الأميركية في مارس/ آذار ضد الحوثيين:
"هذه المسألة لا تتعلق بالحوثيين، أراها تتلخص في أمرين:
استعادة حرية الملاحة، باعتبارها مصلحة وطنية أساسية.

وإعادة فرض سياسة الردع، التي دمّرها الرئيس جو بايدن.

لكن هذا الطرح ،الذي يضع حرية الملاحة ضمن المصالح القومية الأساسية للولايات المتحدة، قوبل بتشكيك من نائب الرئيس، (جي دي ڤانس)، أثناء المحادثة ذاتها. في الوقت ذاته، حرص جميع أعضاء فريق الأمن القومي في إدارة ترامب على التأكيد بأن أوروبا يجب أن تتحمّل نصيبها من كلفة هذه المغامرة العسكرية الأميركية غير المطلوبة.
أما القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)، فهي ترى الأمور بشكل أوضح: المسألة تتعلق بالكامل بالحوثيين.
لكن التناقضات العميقة في السياسات والأولويات الأميركية برزت بوضوح بين سطور تلك الرسائل النصية المرتبكة، لا سيما التناقض الأكبر:
ماذا حدث لما كان يُعرف بـ"التحوّل نحو آسيا"؟

و قال أليسيو باتالانو:
"البحرية الأميركية بارعة للغاية في استهداف مواقع على اليابسة، لكن النجاح العملياتي والتكتيكي لا يمكنه إخفاء حقيقة أن الأثر الاستراتيجي لا يزال بعيد المنال، إن لم يكن غير واضح المعالم أصلاً."
وأضاف: "إذا كانت هذه العمليات تهدف إلى ردع القيادة الصينية بشأن تايوان، فلست متأكدًا من أنها تحقق ذلك."
فمنذ أيام توماس جيفرسون، تخوض الولايات المتحدة معارك من أجل حرية الملاحة، أحياناً في مياه لا تبعد كثيرًا عن ساحة المعركة الحالية. لكن ما يصعب فهمه الآن هو لماذا تنفق واشنطن ثروات طائلة في محاولة يائسة لفتح ممر ملاحي لا يحتاج فعلاً إلى فتح، في وقت تواجه فيه تحديات أخرى أكثر إلحاحاً.
والأسوأ من ذلك، أن سوء استخدام القوة البحرية قد يرتد بنتائج عكسية، فإقناع الديمقراطيات بضرورة تخصيص ميزانيات ضخمة لبناء سفن حربية متقدمة يتطلب وقتًا وجهدًا هائلين، لتبرير أنها أدوات ذات فاعلية استراتيجية كبرى، وإن كانت هذه العملية لا تعكس ذلك.
و قال باتالانو أيضًا:
"ما يثير قلقي أكثر من غيره هو أنهم يُقوّضون فعالية القوة البحرية في المدى البعيد."
وأضاف: "في المستقبل، قد يتساءل الناس: 'لماذا نحتاج إلى بحرية؟ لم نفعل شيئًا ضد الحوثيين.' وسيكونون على حق حينها."

https://foreignpolicy.com/2025/04/22/trump-houthis-failure-navy-red-sea-signal-hegseth/?tpcc=recirc_latest062921


التعليقات