تحليل: الديمقراطية التركية في مواجهة أردوغان
يمن فيوتشر - مونت كارلو الدولية الإثنين, 31 مارس, 2025 - 10:53 صباحاً
تحليل: الديمقراطية التركية في مواجهة أردوغان

نظم حزب الشعب الجمهوري التركي السبت تجمعا شعبيا مساندة لرئيس بلدية إسطنبول وأحد قيادييه، أكرم إمام أوغلو، الموقوف منذ أكثر من أسبوعين في قضايا قال الإدعاء إنها تتعلق بالفساد وبمساعدة منظمة إرهابية وحتى بالاشتباه في قيادة منظمة إجرامية. لكن لا يخفي على عاقل أن هذا الاعتقال مرتبط باستحقاق الانتخابات الرئاسية لسنة 2028 كما تدل على ذلك جل المعطيات، وهو ما جعل أنصار حزب الشعب الجمهوري يوجهون أصابع الاتهام مباشرة للرئيس الحالي رجب طيب أردوغان وحزبه.

إذ يأتي الاعتقال قبل أيام من إعلان أكرم إمام أوغلو ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة خاصة وقد أصبح الشخصية الأولى تقريبا في حزبه والأكثر شعبية بعد نجاحه في الانتخابات البلدية السنة الماضية وبعد مطالبته بإصلاحات في هياكل الحزب.

إضافة إلى ذلك، تؤكد عديد استطلاعات الرأي تقدم إمام أغلو على أردوغان في الانتخابات المقبلة. الغريب هنا، أن يتزامن توسع شعبية القيادي في حزب الشعب الجمهوري مع قرار جامعة في إسطنبول إلغاء شهادته بداعي وجود خروقات، وهو ما يعني الإقصاء الفعلي من السباق الرئاسي. 

كل المؤشرات تحيل بمنطق العقل على وجود رغبة من زعيم حزب العدالة والتنمية والرئيس التركي الحالي، رجب طيب أردوغان، في الانفراد بالعملية الانتخابية ومنع أي مرشح جدي. وهذا ليس بجديد ولا بخافي، بل يدخل ضمن مسيرة كاملة بدأت منذ تغيير الدستور ونظام الحكم من برلماني إلى رئاسي لينتهي على أرض الواقع إلى نظام رئاسوي يتمتع فيه أردوغان بكل الصلاحيات الفعلية. كما تأكد التوجه الانفرادي من خلال فتح أبواب الترشح لولايات متعددة للرئيس الحالي. هكذا أصبحت الديمقراطية التركية في مواجهة مباشرة مع الطموحات الشخصية لأردوغان، بل ربما أصبحت سجينتها وتم إفراغ العملية الديمقراطية من كل محتوى قيمي وسياسي تعددي ليحل محلها منطق الانتخابات بالقوة. أي انتخابات يغيب فيها الاختيار الحر ويفرض منطق القوة خيارا واحدا وحيدا. 

منطق القوة يبدو واضحا عبر التهم الموجهة لأكرم إمام أوغلو، وهو واضح من خلال تعامل القضاء ومن خلال تعامل قوات الأمن مع المتظاهرين. فقد تم إيقاف محامي إمام أغلو ليتم الأفراج عنه منذ يومين. كما أدت حملات الاعتقال الواسعة إلى سجن أكثر من 250 موقوفا إما يتهمة التظاهر أو بتهم أخطر مثل الإرهاب.

هكذا تبدو تركيا وكأنها تعود إلى الوراء سياسيا بسبب غرق الرئيس الحالي في وهم العظمة وإعادة بناء تركيا القوية حتى على حساب حرية المواطنين الأتراك.  


التعليقات