تحليل: لماذا يُعدّ مشاركة خطط الضربة على اليمن عبر تطبيق سيغنال مشكلة؟
يمن فيوتشر - بي بي سي- ترجمة خاصة الخميس, 27 مارس, 2025 - 05:33 صباحاً
تحليل: لماذا يُعدّ مشاركة خطط الضربة على اليمن عبر تطبيق سيغنال مشكلة؟

تسريب معلوماتٍ سريّة من قبل فريق الأمن القومي للرئيس (دونالد ترامب) عبر تطبيق دردشة غير مؤمَّن قد يكون قد انتهك ثلاث قواعد أساسية، وفقًا للمحللين.
حيث ذكر رئيس تحرير مجلة ذا أتلانتك (جيفري غولدبرغ)، أنه تم تضمينه عن طريق الخطأ في مجموعة على تطبيق سيغنال تضم 18 عضوًا، حيث شاهد تفاصيل حول ضرباتٍ أمريكية وشيكة تستهدف المتمردين الحوثيين في اليمن.
وأقرّ البيت الأبيض بأن الرسائل التي أوردتها ذا أتلانتك تبدو صحيحة.
وفيما يلي ثلاث مشكلات أساسية في استخدام سيغنال لمشاركة معلومات رفيعة المستوى، بحسب ما أفاد به خبراء لهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي.


تطبيقات المراسلة غير آمنة
تحوّل تطبيق سيغنال من منصة مفضلة لدى المعارضين إلى شبكة تواصل غير رسمية للنخبة السياسية في واشنطن.
و يؤكد خبراء الخصوصية والتقنية أن هذه المنصة الشهيرة، التي توفر تشفيرًا شاملاً بين الطرفين، أكثر أمانًا من الرسائل النصية التقليدية.
ويُعد التطبيق مفتوح المصدر، مما يعني أن شفرته البرمجية متاحة للخبراء المستقلين لفحصها بحثًا عن أي ثغراتٍ أمنية.
لكن، وكما هو الحال مع أي تطبيق مراسلة يستهدف شخصيات رفيعة المستوى، تحاول جهات مدعومة من دول اختراق محادثات سيغنال. وقد رصدت وحدة الاستخبارات في Google Threat Intelligence Group جهودًا متزايدة لاختراق التطبيق من قِبل أفراد يُعتقد أنهم محل اهتمام أجهزة الاستخبارات الروسية.
ورغم ذلك، لم تحظر الحكومة الأمريكية التطبيق رسميًا. ففي عهد الرئيس (جو بايدن)، سُمح لبعض المسؤولين بتحميل سيغنال على هواتفهم الرسمية الصادرة عن البيت الأبيض.
لكن طُلب منهم استخدام التطبيق بشكلٍ محدود وعدم مشاركة أي معلومات سريّة عبره، وفقًا لما كشفه مسؤولون سابقون في الأمن القومي خدموا في الإدارة الديمقراطية لوسائل الإعلام الأمريكية.
وتنص لوائح البنتاغون، وفقًا لتقرير CNN، على أن تطبيقات المراسلة "غير مسموح لها مطلقًا بالوصول إلى أو نقل أو معالجة معلومات وزارة الدفاع غير العامة".
في المقابل، يُستخدم سيغنال لأغراض الاتصال من قبل جيوش حول العالم، وفقًا لما صرّحت به رئيسة التطبيق (ميريديث ويتاكر)، في مقابلة مع بي بي سي نيوز في ديسمبر/ كانون الأول.
ومع ذلك، يرى خبراء الأمن السيبراني أن استخدام سيغنال لنقل معلومات حساسة من هذا النوع ينطوي على مخاطر كبيرة.
وفي هذا السياق، يقول (جون ويلر)، الخبير في الأمن السيبراني لدى Wheelhouse Advisors:
"القنوات المستخدمة عادةً في الاتصالات ضمن الأنظمة  الحكومية تخضع للرقابة ومؤمّنة بشكل جيد من حيث الاستخدام."

و قال جون ويلر إنه مع استخدام أدوات خارجية، يبدو أنه لا توجد بروتوكولات تفويض معمول بها.
وأضاف ويلر في حديثه لـ بي بي سي:
"يجب أن تخضع المسائل ذات الطبيعة الحساسة كهذه لبروتوكولات صارمة للغاية فيما يتعلق بالاتصالات. لقد فوجئت جدًا بأنهم يستخدمون مثل هذا الحل."
وأشار إلى أن هذا الحادث قد يدفع شركاء الولايات المتحدة في الخارج إلى إعادة النظر قبل تبادل معلومات حساسة مع المسؤولين الأمريكيين.


الدردشة قد تكون تضمنت معلومات سرية
استخدام محادثة عبر سيغنال لمشاركة معلومات شديدة السريّة، مع ضم صحفي عن طريق الخطأ إلى النقاش، قد يثير احتمال انتهاك قوانين فيدرالية، مثل قانون التجسس الأمريكي (Espionage Act).
و يُعد سوء التعامل مع المعلومات السرية أو إساءة استخدامها أو تسريبها جريمة في بعض الحالات، رغم أنه لا يزال غير واضح ما إذا كان هذا الحادث قد خرق أيًا من هذه القوانين.
و وصفت (مارا كارلين)، التي شغلت مناصب عُليا تحت إدارة ستة وزراء خارجية وكانت مساعدة لوزير الدفاع، التسريب بأنه "فضيع" و"غير طبيعي"، وذلك في حديثها مع بي بي سي.
وأوضحت كارلين أن مثل هذه المحادثات يجب أن تُجرى في أماكن آمنة، مثل البنتاغون أو غرفة العمليات في البيت الأبيض، وليس ضمن محادثة جماعية على سيغنال.
و تُفرض إجراءاتٍ صارمة على الاتصالات الحكومية الحساسة، إذ يجب أن تتم داخل غرف محكمة الإغلاق تُعرف باسم المرافق الآمنة للمعلومات الحساسة (SCIFs)، حيث يُحظر استخدام الهواتف المحمولة عمومًا.
كما تمتلك الحكومة الأمريكية أنظمة متخصصة لنقل المعلومات السرية، من بينها نظام الاتصالات الاستخبارية العالمية المشتركة (JWICS) وشبكة الاتصال عبر بروتوكول الإنترنت السرية (SIPR). ويستطيع كبار المسؤولين الحكوميين الوصول إلى هذه الأنظمة عبر أجهزة كمبيوتر وهواتف مخصصة ومؤمّنة بشكل خاص.
و تتوقع مارا كارلين أن يحظى هذا الحادث باهتمام كل من الحلفاء والخصوم، مشيرة إلى أنهم سيتساءلون:
"هل تستطيع الحكومة الأمريكية الحفاظ على المعلومات الحساسة بشكل آمن؟"
وترجّح كارلين أن تُجرى تحقيقات من قبل المفتش العام وكذلك الكونغرس، مؤكدة: "هذا حدث تاريخي."
و من جانبها، وصفت (سمر علي)، أستاذة السياسة والقانون في جامعة فاندربيلت، والتي عملت في مكافحة الإرهاب بوزارة الأمن الداخلي خلال إدارة أوباما، التسريب بأنه "محير وصادم وخطير."
وأضافت في حديثها لـ بي بي سي أن سلسلة الرسائل النصية تُظهر "انتهاكًا واضحًا لقوانين الأمن القومي الأمريكية."
وتساءلت علي عن مدى المحاسبة التي قد يواجهها فريق ترامب، مشيرة إلى أنه لو ارتكبت مثل هذه المخالفات خلال فترة عملها، لكانت فقدت وظيفتها وتصريحها الأمني على الفور.
و من جهته، نفى البيت الأبيض أن تكون أي معلومات سرية قد تم تبادلها عبر المحادثة.


وجوب الحفاظ على السجلات الحكومية
ذكر جيفري غولدبرغ في مقاله لـ ذا أتلانتيك أن بعض رسائل سيغنال التي أرسلها مستشار الأمن القومي مايكل والتز إلى المجموعة كانت معدّة للاختفاء بعد أسبوع.
و في حال تم التأكد من ذلك، فقد يثير تساؤلات بشأن انتهاك قانونين فيدراليين يلزمان بالحفاظ على السجلات الحكومية، وهما: قانون السجلات الرئاسية (Presidential Records Act) وقانون السجلات الفيدرالية (Federal Records Act).
وقال (جيسون آر. بارون)، المدير السابق للتقاضي في الأرشيف الوطني وإدارة السجلات الأمريكية:
"يُلزم القانون بحفظ أي رسائل إلكترونية تتم عبر حساب غير رسمي ضمن نظام حفظ السجلات الإلكتروني الرسمي بطريقة ما."
وأشار إلى أن هذه اللوائح تشمل أيضًا تطبيق سيغنال.
وبموجب القوانين الفيدرالية، يجب أن تتم أرشفة الاتصالات الحكومية الرسمية تلقائيًا، أو أن يقوم الأفراد المعنيون بإعادة توجيهها أو نسخها أو حفظها لضمان توثيقها.
وقال بارون لـ بي بي سي:
"السؤال المطروح هنا هو ما إذا كانت هذه الاتصالات قد أُرشِفت تلقائيًا. و هذا الأمر غير واضح حتى الآن."
كما أنه من غير المعروف ما إذا كان الأفراد المشاركون في المحادثة قد اتخذوا أي خطوات أخرى للحفاظ على هذه السجلات.
وأضاف بارون:
"يجب أن نشعر جميعًا بالقلق إزاء استخدام تطبيقات المراسلة الإلكترونية كوسيلة للتحايل على متطلبات حفظ السجلات الفيدرالية."


التعليقات