[ CNN ]
في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس (دونالد ترامب) إلى ترسيخ النفوذ الأميركي عالميًا من خلال فرض تعريفات جمركية صارمة والتهديد بالسيطرة على قناة بنما، تلوح في الأفق أول حرب ساخنة مدفوعة باعتبارات اقتصادية في ولايته الثانية، حيث تتصاعد التوترات في البحار المضطربة قبالة اليمن.
وعلى الرغم من وعوده بالإشراف على حقبة أكثر سلمية في الشرق الأوسط، إلا أن ترامب، وبعد شهرين فقط من توليه منصبه في ولايته الثانية، بدأ بالفعل واحدة من أعنف الحملات العسكرية، مستهدفًا جماعة الحوثيين، المعروفة أيضًا باسم أنصار الله، والتي تُعدّ فصيلًا بارزًا ضمن محور المقاومة المتحالف مع إيران. تأتي هذه الضربات في خضم دورة جديدة وخطيرة من التصعيد في الشرق الأوسط، حيث استأنفت الجماعة هجماتها بعيدة المدى ضد إسرائيل والسفن المبحرة في البحر الأحمر والمياه المحيطة به.
ومع تهديد ترامب الآن لإيران بشكلٍ مباشر بسبب تصرفات حليفها اليمني، تبدو الظروف مهيأة لنشوب صراع كان الرئيس الأميركي قد تعهّد سابقًا بتجنّبه. ومع ذلك، فإن هذه الحرب ليست حتمية، ولا يُنظر إليها، وفقًا لبعض المراقبين، على أنها خطوة مستحسنة، بالنظر إلى حجم الموارد التي قد تستنزفها دون ضمان تحقيق نتائج حاسمة.
وفي هذا السياق، قالت (جينيفر كافاناغ)، كبيرة الباحثين في مؤسسة "راند" سابقًا ومديرة التحليل العسكري في مركز "أولويات الدفاع"، في تصريح لمجلة نيوزويك:
"برأيي، هذه ليست عملية تحتاج الولايات المتحدة إلى الانخراط فيها."
أما أحد المسؤولين الأميركيين السابقين، الذي تحدث لمجلة نيوزويك دون الكشف عن هويته، فقد عبّر عن رأيه بعبارة أكثر اختصارًا: "إنها مجرد إهدار للموارد."
• المعركة بالأرقام
منذ أن بدأت عملياتها في أعقاب الحرب التي اندلعت بعد الهجوم المفاجئ الذي شنّته حركة حماس ضد إسرائيل في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، استهدفت جماعة الحوثيين السفن التجارية 145 مرة، وسفن البحرية الأميركية 174 مرة، وفقًا لوزارة الخارجية الأميركية. وقد تراجع حجم الحركة الملاحية عبر قناة السويس بنحو ثلثي معدلاتها، مما أدى فعليًا إلى إرجاع التجارة البحرية 150 عامًا إلى الوراء، بينما ارتفعت تكاليف الشحن في بعض الحالات بنسبة تفوق 200%.
وكانت جماعة الحوثيين قد أوقفت هجماتها في يناير/ كانون الثاني، بعد أن توصلت إسرائيل وحماس إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وذلك قبل أيام فقط من تولي ترامب منصبه. إلا أن انهيار الهدنة في غزة خلال الأسبوع الماضي أعاد إشعال المعركة على واحد من أكثر الممرات التجارية ازدحامًا في العالم.
على الورق، يبدو الحوثيين قوة متواضعة مقارنةً بأقوى جيش في العالم، رغم امتلاكهم ترسانة واسعة من الصواريخ والطائرات المُسيّرة، وقاعدة دعم شعبية كبيرة. غير أن الجماعة أثبتت تفوقها في حرب غير متكافئة، بعدما نجحت في مقاومة التدخل العسكري الذي قادته السعودية قبل عقد، بهدف إعادة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.
وفي هذا السياق، تقول جينيفر كافاناغ، مديرة التحليل العسكري في مركز "أولويات الدفاع":
"عبقرية استراتيجية الحوثيين تكمن في أن صواريخهم لا تحتاج إلى إصابة أهداف أو إحداث دمار كبير لتحقيق هدفهم الرئيسي، وهو تعطيل حركة الشحن في البحر الأحمر."
وأضافت:
"مجرد التهديد بشن ضربات صاروخية، والغموض المحيط بها، كانا كافيين لإبعاد معظم شركات الشحن عن المنطقة وإبقائها بعيدًا."
وأوضحت كافاناغ أن الأسلحة التي تستخدمها الجماعة غالبًا ما تكون رخيصة وسهلة الإخفاء في عمق الأرض، في حين أن التصدي لها مكلف للغاية بالنسبة للولايات المتحدة. وأعطت مثالًا قائلة:
"يمكن أن تبلغ تكلفة الطائرة المُسيّرة الحوثية حوالي 2,000 دولار فقط، بينما تكلف الصواريخ التي تستخدمها الولايات المتحدة لاعتراضها أكثر من 2 مليون دولار."
واختتمت حديثها بالقول:
"حتى الضربات الجوية الموسعة التي أمرت بها إدارة ترامب، من غير المرجح أن تقضي على هذه الأسلحة الرخيصة أو تمنع الحوثيين من الحصول عليها."
• حلفاء غائبون
في حين بدأ البنتاغون مؤخرًا في الاستثمار في خيارات أقل تكلفة، مثل نظام APKWS (AGR-20) المتقدم لضرب الأهداف بدقة، إلا أن المعركة طويلة الأمد لا تزال مرشحة لاستنزاف الولايات المتحدة ماليًا بشكلٍ كبير. ويأتي هذا العبء في وقت تسعى فيه إدارة ترامب إلى تقليص الإنفاق الحكومي وتعويض تكاليف الالتزامات الأمنية العالمية عبر مطالبة الحلفاء والشركاء بزيادة مساهماتهم في حملة قد تعود فائدتها عليهم أكثر من الولايات المتحدة نفسها.
وفي هذا السياق، تقول جينيفر كافاناغ:
"الولايات المتحدة لا تعتمد بشكلٍ أساسي على التجارة عبر البحر الأحمر، والزيادة في التكاليف التي يتحملها الأميركيون كانت محدودة."
وأضافت:
"أرى أنه من الأفضل ترك الدول الأكثر تأثرًا، وخصوصًا في أوروبا والخليج، تتخذ القرار بشأن كيفية التعامل مع هذه المشكلة."
وترى كافاناغ أنه إذا كانت إدارة ترامب ترى ضرورة التدخل الأميركي، فيجب عليها أن تطالب الحلفاء الأوروبيين والشركاء العرب بالمساهمة بشكلٍ كبير، سواء عبر إرسال سفن وذخائر، أو تقديم دعم قتالي، أو حتى تمويل العمليات.
وقالت: "الدفاع عن حرية الملاحة يجب أن يكون مسؤولية مشتركة."
وكان الرئيس الأميركي آنذاك (جو بايدن)، قد أعلن في ديسمبر/ كانون الأول 2023 عن أول جهد دولي منسق لمواجهة عمليات الحوثيين، تحت مسمى عملية حارس الازدهار (Operation Prosperity Guardian)، حيث انضمت اثنتا عشرة دولة إلى التحالف. غير أن دولة عربية واحدة فقط، وهي البحرين، شاركت في الجهود، بينما غابت دول رئيسية مطلة على البحر الأحمر مثل مصر والسعودية، رغم أن هذه الحملة تعدّ أكبر مواجهة بحرية أميركية منذ الحرب العالمية الثانية.
أكد (توم شارب)، القائد السابق في البحرية الملكية البريطانية، هذه النقطة مجددًا.
وقال في تصريح لمجلة نيوزويك:
"المشكلة الكبرى هنا، والتي تجعل هذا التصعيد الحالي مفاجئًا بعض الشيء، هي أن الولايات المتحدة تعتمد بشكلٍ ضئيل جدًا على هذا الممر البحري."
وأضاف:
"الصين هي المستفيد الأكبر بفارقٍ كبير، تليها كوريا الجنوبية وأوروبا وغيرها. هذا الموقف يبدو وكأنه مصمم خصيصًا لحل أميركي بنهج ’أميركا أولًا‘، يقوم على ترك الآخرين يتدبرون أمورهم. فاستهداف منظمة إرهابية بعيدة، لا تعتمد عليها التجارة الأميركية بشكل يُذكر، لن يُرضي قاعدة ترامب الانتخابية ولا الكونغرس."
وأشار شارب أيضًا إلى معدل استهلاك الذخائر في هذه الحملة، قائلًا:
"المشكلة الأخرى هي السرعة التي تُستهلك بها الذخائر، والتي تبلغ تكلفة العديد منها ملايين الدولارات لكل صاروخ."
وأوضح أن الكثيرين يرون أن هذه الذخائر كان من الأفضل الاحتفاظ بها لمواجهة محتملة مع الصين، خصوصًا وأن الولايات المتحدة -وجميع الدول باستثناء الصين- لم تعد قادرة على إنتاج أسلحة معقدة بسرعة كافية.
• القوة العظمى المشتتة
الانخراط في حرب لا نهاية لها في الشرق الأوسط، وهو السيناريو الذي تعهّد ترامب بتجنّبه خلال حملاته الانتخابية، يُشكّل تحديًا كبيرًا للبنتاغون، خاصة في وقت يحاول فيه المخططون العسكريون الأميركيون التحول من عقود من التركيز على مكافحة التمرد إلى الاستعداد لمنافسة القوى العظمى من جديد.
و لا تعتبر هذه قضية جديدة بالنسبة للجنرال (جوزيف فوتيل)، الذي واجهها مباشرة خلال فترة قيادته للقيادة المركزية الأميركية (CENTCOM) بين مارس/ آذار 2016 ومارس/ آذار 2019.
وفي رده على سؤال لمجلة نيوزويك خلال مؤتمر افتراضي استضافه معهد الشرق الأوسط يوم الثلاثاء، قال فوتيل إن المواجهة العسكرية مع الحوثيين:
"ستتطلب منا الاستمرار في الحفاظ على مستوى معين من الجهد العسكري في المنطقة، وهو ما سيأتي على حساب أولويات أخرى نرغب في التركيز عليها، سواء في المحيط الهادئ أو غيرها من الملفات التي تهم الإدارة الأميركية."
ورغم أن البنتاغون نفى حتى الآن مزاعم الجماعة الحوثية المتكررة حول نجاحهم في استهداف السفن الحربية الأميركية، بما في ذلك مؤخرًا حاملة الطائرات يو إس إس هاري ترومان، إلا أن فوتيل أكد أن المخاطر حقيقية.
و أكد الجنرال جوزيف فوتيل أن المخاطر تظل دائمًا جزءًا من هذه المعادلة، مشيرًا إلى أن:
"تعرض سفينة أميركية لأضرار، أو فقدان طائرة، أو وقوع خسائر بشرية في هذه العمليات، كلها عوامل قد تؤثر على حملة طويلة الأمد، وقد تزيد من الضغوط على الإدارة الأميركية لإنهائها أو إعادة تقييمها."
وحذّر فوتيل أيضًا من تداعيات احتمال وقوع قدرات عسكرية صينية في أيدي الحوثيين، وهو سيناريو قد يؤدي إلى استخدام هذه التقنيات ضد الأصول الأميركية في المنطقة، مما سيجعل الأمور أكثر تعقيدًا على المدى الطويل.
وقد بدأت المدونات العسكرية الصينية بالفعل في الربط بين الصواريخ التي تستخدمها جماعة الحوثي ونماذج صينية قديمة، يُعتقد أنها خضعت لتعديلاتٍ إيرانية. لكن المسؤولين الصينيين نفوا بشدة أي دعم للجماعة، حيث صرّح السفير الصيني لدى إسرائيل (تشانغ غوبينغ) لقناة i24NEWS في يناير/ كانون الثاني قائلًا:
"الصين ليست طرفًا مبادرًا أو مشارِكًا في النزاع الحالي الذي يواصل التصعيد."
وأضاف:
"كما أننا لم نقف موقف المتفرج، ناهيك عن تأجيج الصراع."
وأشار السفير إلى أن بكين ملتزمة بتعزيز الحوار من أجل السلام، وتدعو جميع الأطراف المعنية إلى حماية أمن الممرات المائية في البحر الأحمر، مؤكدًا أن:
"الصين مستعدة لمواصلة لعب دور بَنّاء في هذا الإطار."
• الدوافع الاقتصادية: أزمة داخلية أم تأثيرات خارجية؟
في ظل تصاعد التوترات العالمية على عدة جبهات، من أوروبا الشرقية إلى شرق آسيا، تأتي المواجهات في البحر الأحمر في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة حالة من القلق الاقتصادي. وبينما تصور إدارة ترامب حملتها الموسعة ضد الحوثيين على أنها محاولة لتخفيف الأعباء عن المستهلكين الأميركيين، يبدو أن حالة عدم اليقين الاقتصادي تعود بشكل أكبر إلى سياسات البيت الأبيض نفسها، أكثر من كونها نتيجة للاضطرابات التي تحدث على بُعد آلاف الأميال.
وفي هذا السياق، قال (مات كوليار)، الخبير الاقتصادي في Moody's Analytics، في تصريح لمجلة نيوزويك:
"المواجهة الجيوسياسية أصبحت تتخذ بشكل متزايد شكل تهديدات لحرية الملاحة والتجارة البحرية، سواء في البحر الأحمر مع الحوثيين، أو في البحر الأسود مع أوكرانيا وروسيا، وربما يومًا ما في مضيق تايوان إذا غزت الصين الجزيرة."
وأضاف:
"لكن الصراعات الحالية ليست من النوع الذي يؤثر ماديًا على نظرتنا للتجارة والنمو الاقتصادي العالمي، بأي شكل يقارن بتأثير الرسوم الجمركية."
وأشار كوليار إلى أن ارتفاع أسعار السلع بسبب اضطرابات الشحن قد يكون له "تأثير تضخمي"، لكنه في الوقت نفسه لفت إلى وجود عوامل تخفف من هذا التأثير، موضحًا أن "الطلب يتراجع، والطاقة الاستيعابية لقطاع الشحن ليست محدودة."
ورغم أن فترة شهرين فقط من حكم ترامب لا توفر صورة واضحة عن "البيانات الاقتصادية الحقيقية"، مثل الإنتاج الصناعي، ونمو الوظائف، وبناء المنازل، والتضخم، إلا أن كوليار يرى أن سياسات ترامب أدت حتى الآن إلى "تغيير في التوقعات"، حيث بدأ المستثمرون ببيع الأسهم الأميركية تحسبًا لخسائر الشركات الناجمة عن الرسوم الجمركية.
وأوضح كوليار أن "معنويات قطاع الأعمال وثقة المستهلك قد تراجعت بشكل ملحوظ، بسبب الاعتقاد بأن الأسعار سترتفع، وأن أسعار الفائدة ستنخفض بوتيرة أبطأ، مما سيؤدي في النهاية إلى ضعف الطلب."
رغم الجدل الدائر حول الجدوى الاستراتيجية للتصعيد العسكري، تروج إدارة ترامب للبعد الاقتصادي لحملتها المكثفة ضد الحوثيين.
فبعد ساعات فقط من تنفيذ أولى الضربات الأميركية تحت إشراف ترامب يوم السبت، أصدر البيت الأبيض بيانًا تفصيليًا يوضح كيف أدت هجمات الحوثيين إلى اضطراب الواردات والصادرات الأميركية، وإعادة توجيه 75% من السفن الأميركية والبريطانية بعيدًا عن البحر الأحمر باتجاه الالتفاف حول إفريقيا، مما "زاد على الأرجح من معدل التضخم العالمي للسلع الاستهلاكية بنسبة تتراوح بين 0.6 و0.7% خلال عام 2024."
وقال البيت الأبيض في بيانه:
"مرّ أكثر من عام منذ أن عبرت سفينة تجارية ترفع العلم الأميركي بأمان عبر قناة السويس أو البحر الأحمر أو خليج عدن."
وأكد البيان أن "أي قوة إرهابية لن تمنع السفن التجارية والبحرية الأميركية من الإبحار بحرية عبر الممرات المائية العالمية."
وأضاف:
"لقد تعرض أمننا الاقتصادي والقومي لهجوم من قِبَل الحوثيين لفترة طويلة للغاية. اليوم، تتحرك قيادة الرئيس ترامب لإنهاء ذلك."
• مكامن القوة لدى الحوثيين
بينما يمضي ترامب قدمًا في تطبيق المرحلة الثانية من عقيدته "السلام عبر القوة"، لا يزال الحوثيين يمتلكون أوراقًا مهمة في المواجهة المحتملة.
وقال (فارع المُسلمَّي)، المحلل اليمني والباحث في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معهد تشاتام هاوس، لمجلة نيوزويك:
"الحوثيون يستفيدون من عدة عوامل، من بينها الجغرافيا. فاليمن تبلغ مساحته 455,000 كيلومتر مربع، أي أنه أكبر من لبنان بـ44 مرة، مما يجعل القضاء عليهم أمرًا صعبًا للغاية."
وأضاف:
"كما أنهم يستفيدون من موقعهم الجغرافي بطريقة أخرى، إذ يمكنهم إلحاق أقصى ضرر بالتجارة العالمية والغرب بتكلفة منخفضة جدًا، نظرًا لموقعهم الاستراتيجي في البحر الأحمر وباب المندب. كما يستفيدون أيضاً من لامبالاتهم بالمخاطر."
حتى الآن، لم يظهر الحوثيين أي نية للتراجع عن المواجهة مع الولايات المتحدة. فبعد إعلانهم حملتهم البحرية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، قال أحد كبار مسؤولي الجماعة لمجلة نيوزويك إن لديهم "مئات الآلاف من المقاتلين الذين يعتبرون قتال الصهاينة والأميركيين حلم حياتهم."
ومؤخرًا، عقب الضربات الأميركية، صرّح مصدر في الجماعة للمجلة ذاتها قائلًا:
"إذا صعّد الأميركيون، فسنرد بتصعيدٍ لا يتوقعونه."
وأضاف المصدر أن هذه الحرب "سيدفع ثمنها المواطن الأميركي، الذي يتحمل عبء الضرائب وتكاليف الشحن المرتفعة بسبب حماقة إدارة ترامب."
و من جانبه، يرى المُسلَّمي أن جماعة الحوثيين أكثر اندفاعًا حتى من غيرهم داخل محور المقاومة، بمن فيهم حركة حماس، وحزب الله اللبناني، والنظام السوري، الذين تكبدوا ثمنًا باهظًا جراء الاضطرابات الإقليمية المتزايدة التي فاقمتها الحرب في غزة.
بعبارة أخرى، "هم لا يبالون"، حسبما قال المُسلَّمي.
لدى أنصار الله أيضًا جذور عميقة في اليمن، حيث يشكلون طليعة الطائفة الزيدية الشيعية، وهي أقلية كبيرة في بلد ذي أغلبية سُنيَّة. وقد حكمت هذه الطائفة اليمن لمدة ألف عام قبل ثورة 1962 الذي أسست أول جمهورية حديثة في الشمال. في حين ظل اليمن الجنوبي تحت الحكم الاستعماري البريطاني لمدة خمس سنوات أخرى حتى اندلاع ثورة اشتراكية في عام 1967، تلتها فترة من التوترات والنزاعات بين الشمال والجنوب، مما أدى في النهاية إلى الوحدة تحت حكم (علي عبد الله صالح)، رئيس اليمن الشمالي آنذاك، في عام 1990.
وقد استمر صالح في حكم اليمن الموحد حتى عام 2012، عندما تم الإطاحة به في إطار الحركة الاحتجاجية للربيع العربي التي اجتاحت المنطقة. وقد ساهم إبعاده، مع الاضطرابات وسخط الشعب التي استمرت بعده، في تمهيد الطريق لتقدم الحوثيين، الذين سيطروا في النهاية على العاصمة صنعاء في عام 2015.
وتواصل الحكومة المدعومة من السعودية عملها من مدينة عدن الساحلية في الجنوب، وهي المدينة التي تحتضن أيضًا المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، والذي يسعى للانفصال. ورغم ذلك، لم تحاول أي من الفصائل، أو داعموها الأجانب، التصدي لهذه الجماعة في ساحة المعركة منذ توقيع هدنة 2022 التي توسطت فيها الأمم المتحدة.
وبسبب أن اليمن اليوم يعتبر دولة مفككة ومقسمة مرة أخرى، حذر مسؤول حكومي أميركي سابق تحدث إلى مجلة نيوزويك من أن فشل كل من الرياض وأبوظبي في هزيمة الحوثيين رغم "الالتزام المفرط بالموارد" يُعتبر "مثالًا سيئًا لما قد يحدث في حال استمرت الولايات المتحدة في التدخل العسكري"، إذا قرر ترامب المضي قدمًا في حملة عسكرية مستدامة.
وقال المسؤول السابق:
"العمل الشاق لإصلاح اليمن يبدو أن لا أحد يريد القيام به، لا العرب في شبه الجزيرة العربية، ولا الولايات المتحدة بأي إدارة كانت، ولا أعتقد أن أي طرف يريد ذلك."
وأضاف:
"أعتقد أن السبب في فشلنا، أو في احتمالية فشلنا، هو أننا نعمل على الأعراض فقط. نحن لا نعمل فعلاً على فهم كيف وصلنا إلى هذه المشكلة."
وتابع:
"إذا كان هناك التزام حقيقي لإصلاح هذه الأمور، فقد ينتهي الأمر بأن يكون ذلك أقل تكلفة."
الرابط ادناه لقراءة المادة من موقعها الأصلي :
A U.S. confrontation with Ansar Allah "will come at the cost of other things that we want to do," an ex-CENTCOM chief told Newsweek. https://www.newsweek.com/trumps-looming-war-key-trade-route-will-costly-2048315?utm_medium=Social&utm_source=WhatsApp#Echobox=1742548077