تحليل: ترامب يُرسي قواعد جديدة للاشتباك في اليمن
يمن فيوتشر - مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية- ماجد المذحجي الجمعة, 21 مارس, 2025 - 02:57 صباحاً
تحليل: ترامب يُرسي قواعد جديدة للاشتباك في اليمن

سَيعيد استئناف الغارات الجوية الأمريكية في اليمن وقرار تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية تشكيل الديناميكيات على المستوى المحلي والإقليمي. قد تجبر الضغوط المتزايدة الجماعة على لَجم عدوانها على اليمنيين في جبهات القتال، كما هو الحال في مأرب، رغم عدم تخفيف الحوثيين لنبرتهم العدائية في ردّهم على التصعيد الأمريكي الأخير. أما السيناريو البديل فيتمثل في لجوء الحوثيين إلى التصعيد، لكنهم سيجدون أنفسهم هذه المرة في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، وليس فقط التحالف الذي تقوده السعودية.

في حين أن الضربات الأمريكية تأتي جزئياً كعقاب للحوثيين على استهدافهم وتعطيلهم حركة الملاحة في البحر الأحمر، إلا أنها تبعث برسالة إلى إيران – الحليف الاستراتيجي للجماعة – حيث قال الرئيس دونالد ترامب، بأن الولايات المتحدة ستُحمّل إيران مسؤولية ”كل طلقة يطلقها الحوثيون“ وتوعّد بعواقب وخيمة. إجمالاً، ستعكس الطريقة التي سيختار الحوثيون الرد بها – سواء كان ذلك من خلال مواصلة التصعيد (البحر الأحمر)، أو اختيار نهج آخر – مصالح طهران، وليس فقط مصالح صنعاء، لا سيما مع الأضرار الجسيمة التي لحقت بأصول إيران الاستراتيجية في المنطقة، حيث لم يتبق لمحور المقاومة التابع لها ساحة معركة بديلة سوى اليمن الذي يمكن أن يلعب دورًا فاعلا في حماية إيران، إذا نجح صناع السياسات الإسرائيليين والأمريكيين المؤيدين لاستخدام القوة في إقناع ترامب بضرب طهران وبرنامجها النووي.

يتطلع ترامب إلى إرساء قواعد اشتباك جديدة في اليمن، من خلال رفع التكلفة على الحوثيين. كان من الملاحظ نبرة الخوف والقلق هذه المرة في ردة الفعل الأولية للحوثيين، لكن لا يزال من غير الواضح إلى أي مدى ستذهب الولايات المتحدة في مواجهتها مع الحوثيين، ولو أن الأمر واعد بالتأكيد بالنسبة لخصوم الجماعة. فالعديد من الأطراف المناهضة للحوثيين باتت تشعر أن الكوابح السعودية التي قيدت المواجهة مع الحوثيين قد حلّت محلها أخيرًا اندفاعة واشنطن الجديدة في عهد ترامب.
إن استدامة هذا الزخم تعتمد على عدة عوامل رئيسية: أولها قدرة الولايات المتحدة على تحييد التهديد الحوثي في البحر الأحمر. منذ الحرب العالمية الثانية، تموضعت الولايات المتحدة باعتبارها الضامن العالمي لأمن الملاحة البحرية، وترتكز القوة العسكرية الأمريكية ونموذجها الاقتصادي على ضمان التدفق الحرّ للتجارة والشحن عبر البحار.

يتمثل العامل الثاني في مدى وضوح الرسائل الأمريكية إلى الشركاء الإقليميين بشأن التعاون الأمني ضد التهديدات المشتركة. أدار ترامب ظهره للسعودية في أعقاب الهجوم على مصفاة بقيق لتكرير النفط، وهو ما زعزع صورة الولايات المتحدة كحليف موثوق به، ولعلّ ذلك لعب دورًا حاسمًا في إضعاف عزيمة السعودية بمواصلة الانخراط في حرب اليمن.

العامل الثالث هو مدى التزام الولايات المتحدة بإضعاف أو تدمير آخر خط دفاع لإيران في المنطقة. يأتي الضغط الأمريكي الأخير في وقت حرج لإيران عقب التطورات الأخيرة في لبنان وسوريا؛ وسيؤدي مزيج من الضربات العسكرية والاغتيالات والضغوط الاقتصادية إلى تعطيل قدرة الحوثيين على أعادة بناء قوتهم والتعافي من الخسائر والحفاظ على قبضتهم الحديدية على مفاصل السلطة في مناطق سيطرتهم، الأمر الذي سيجعل حُكمهم أكثر هشاشة.

يتمثل العامل الأخير في قدرة إدارة ترامب على ترويض النزعة الإسرائيلية لاستخدام القوة، من خلال التعامل مع التهديدات التي تواجهها، وفي نفس الوقت استيعاب ضغوط تل أبيب وحلفائها في واشنطن ممن يدفعون بجدية باتجاه شن هجوم مباشر على البرنامج النووي الإيراني. إن رغبة ترامب في التمايز عن إدارة بايدن، وتوظيفه للاتهامات التي طالت الديمقراطيين بتبنيهم لموقف ضعيف تجاه إيران وحلفائها، تزيد من مخاطر التصعيد حتى قبل أن تظهر أية مكاسب سياسية وأمنية لسياسته الجديدة تجاه اليمن.

لقراءة المادة من موقعها الأصلي عبر الرابط التالي: 

https://sanaacenter.org/ar/publications-all/main-publications-ar/24428


التعليقات