تحليل: حان الوقت للتوقف عن المساومة مع الحوثيين
يمن فيوتشر - Commentary ترجمة خاصة  الأحد, 16 مارس, 2025 - 02:00 مساءً
تحليل: حان الوقت للتوقف عن المساومة مع الحوثيين

أعلن الحوثيون عن خططهم لاستئناف هجماتهم على السفن التجارية التي تمر عبر البحر الأحمر وممرات قناة السويس. وتزعم الجماعة المدعومة من إيران في اليمن أنه سيتم استهداف السفن الإسرائيلية فقط، وأنهم يقومون بذلك تضامنًا مع حماس في غزة.

لكن كلا الادعاءين غير صحيحين. في الواقع، ستكون كل السفن عرضة للهجوم، والحوثيون يختبرون نموذجًا جديدًا من القرصنة في القرن الواحد والعشرين، وإذا نجح هذا النموذج، فمن المرجح أن يصبح دائمًا ويقلده آخرون، مما يهدد الاقتصاد العالمي (والأمن العالمي) باضطرابات لم يكن مُستَعدًا لها.

يمكن ويجب إيقاف الحوثيين، لكن ذلك يتطلب من القادة الغربيين مواجهة عواقب حساباتهم الخاطئة الفادحة فيما يتعلق بالتهديد الحوثي. في هذه الأثناء، يجب أن يُنظر إلى قاعدة دعم الحوثيين في الأوساط الناشطة التقدمية الغربية على حقيقتها: مشجعين للإرهاب الاقتصادي الذي، إذا تُرك دون رادع، سيتسبب في سلسلة من ردود الفعل المدمرة عبر المنطقة وخارجها.

بمعنى آخر، حان الوقت للتوقف عن اللعب مع الحوثيين.

 

لنأخذ بدايةً الادعاء الأول: أن السفن الإسرائيلية فقط هي التي في خطر. ومن بين العديد من الأمثلة، يقول (نوام رايدان) و (فارزين نديمي) : "عندما تم مهاجمة ناقلة النفط/الكيماويات أردمور إنكاونتر التي ترفع علم جزر مارشال (IMO 9654579) في ديسمبر/ كانون الأول 2023، كانت مملوكة لشركة أردمور شيبنج التي تتخذ من أيرلندا مقرًا لها، ولم يكن لها أي روابط واضحة مع إسرائيل. وبعد أسبوعين، كشف تقرير TradeWinds عن القضية المتعلقة بالهوية الخاطئة—حيث بدا أن الهجوم كان مدفوعًا بالاعتقاد بأن تاجر الشحن الإسرائيلي (إيدان أوفر) كان يمتلك حصة في الشركة، لكن حصص أوفر قد تم بيعها قبل شهور من الهجوم."

كما وسع الحوثيون أهدافهم لتشمل السفن التابعة لدول حليفة لإسرائيل، خاصة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وبالنظر إلى عدد السفن التي ترفع هذه الأعلام والاحتمالات الكبيرة لحدوث أخطاء، أصبحت هذه الطريق البحرية تحت هيمنة روسيا والصين لأن الشركات الغربية كانت تتجنبها. ومع ذلك، كما يلاحظ رايدان ونديمي، "لقد هاجم الحوثيون بعض السفن المرتبطة بتجارة النفط الروسية، استنادًا مرة أخرى إلى بياناتٍ غير دقيقة. حتى أن سفينتين ناقلتين للحاويات متجهتين إلى إيران تعرضتا للهجوم في البحر الأحمر في فبراير/ شباط ومايو/ آيار 2024."

روسيا والصين هما المستفيدان الرئيسيان من هجمات الحوثيين، على الرغم من أنه لا أحد في الواقع في أمان.

 

و الآن، دعونا ننتقل إلى الكذبة الثانية: أن هذه مجرد "مقاومة" إضافية لغزة وبالتالي لا تشكل تهديدًا أوسع. و لفهم كامل نطاق هذه الكذبة، من المهم مراجعة الأضرار الواسعة التي تسبب بها إرهاب الحوثيين في البحر الأحمر، والفوائد التي جنتها الجماعة الحوثية نفسها، وما يخبرنا به كلاهما حول الاستخدامات المستقبلية لهذه التكتيكات.

 

"كان الأمر وكأن صناعة الشحن قد أُعيدت إلى الأيام التي سبقت افتتاح قناة السويس في عام 1869"، كما ذكرت نيويورك تايمز في ديسمبر/ كانون الثاني. فقد قامت شركات الشحن بتوجيه أساطيلها بشكلٍ جماعي حول رأس الرجاء الصالح بدلاً من قناة السويس، مما أضاف 3,500 ميل بحري و10 أيام إلى معظم الرحلات. و قبل أن يبدأ الحوثيون هجماتهم، كانت قناة السويس تعالج 10% من التجارة العالمية.

النتيجة: تكاليف الشحن ارتفعت، في بعض الحالات، بنسبة تصل إلى 400%. "من 1,660 دولارًا فقط في نهاية العام الماضي، أصبح من الآن تكلفة نقل صندوق فولاذي بطول 40 قدمًا ما يقارب 6,000 دولار"، حسبما أفادت بلومبرغ الصيف الماضي. وغيرها من القطاعات تأثرت أيضًا، حيث وجدت العديد من ناقلات النفط الخام خطوط أعمال جديدة لنقل الوقود."

ففي يناير،/ كانون الثاني قدّر الإيكونوميست أن "شحنات البضائع عبر البحر الأحمر انخفضت بنسبة 70% من حيث الحجم"، وأن التكاليف المتزايدة على شركات الشحن -التي ترفع تكلفة السلع المنقولة على المستهلكين- تصل إلى حوالي 175 مليار دولار سنويًا.

و بالطبع، هناك طريقة أخرى للتعامل مع التهديد: رشوة الحوثيين. 

حيث أن الجماعة قد أنشأت نظام دفع يعمل تقريبًا مثل E-ZPass، لكن للقرصنة في قناة السويس. و هذه المدفوعات غير قانونية طبعاً! لذا لا يمكن للشركات الغربية دفعها؛ و سيكون من السهل ملاحظة أولئك الذين بدأوا في المرور عبر ممرات الشحن دون أن يتعرضوا لأي ضرر.

لذا فإن الأموال التي يجنيها الحوثيون من الحماية تصل إلى 2 مليار دولار سنويًا. كما أن الصواريخ والطائرات المُسيّرة التي يستخدمونها لتنفيذ هذا المخطط أصبحت أرخص عامًا بعد عام.

و بكلماتٍ أخرى، هذا يعتبر بمثابة خطة عمل. و من المحتمل أن يتمكن الحوثيون من البقاء على قيد الحياة حتى لو اختفى الدعم الإيراني. كما يشير الإيكونوميست، "من خلال ابتزاز مالكي السفن، يكسبون مئات الملايين من الدولارات سنويًا -أو حتى مليارات- بينما يفرضون مئات المليارات من الدولارات من التكاليف على العالم. بعيدًا عن السكوت عندما يتوقف إطلاق النار في غزة، قد يكون الحوثيون يبشّرون بعالم فوضوي بلا قواعد أو شروط."

تواجه إدارة ترامب الآن نفس الخيار الذي أرّق (جو بايدن) بشأن ما إذا كان يجب إنهاء تهديد الحوثيين للاقتصاد العالمي. و الرهانات أعلى مما يبدو للكثيرين، وذلك بسبب التأثيرات المتتالية لإنشاء نموذج قرصنة حديث يعمل كقالب لجماعات إرهابية أخرى. و في الواقع الرهانات عالية بما فيه الكفاية، لدرجة أن إيقاف الحوثيين هو الخيار الواضح، والسماح لهذا الاستمرار سيكون غير مبرر وغير قابل للدفاع.

الرابط ادناه لقراءة المادة من موقعها الأصلي:،

https://www.commentary.org/seth-mandel/time-to-stop-playing-games-with-the-houthis/


التعليقات