"الحوثيون"، المعروفون رسميًا باسم "أنصار الله"، يحظون باهتمامٍ عالمي متزايد هذا الشهر، و ذلك بعد تجدد تهديداتهم ضد إسرائيل وإعادة تصنيفهم من قبل وزارة الخارجية الأمريكية كـ"منظمة إرهابية أجنبية" (FTO). ومع ذلك، فإن تصعيدهم للهجمات الداخلية ضد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا (IRG) لم يحظَ بتغطية دولية واسعة.
مع بداية عام 2025، تحول النشاط العسكري للحوثيين بعيدًا عن البحر الأحمر والمناطق الساحلية اليمنية نحو جبهات القتال داخل الأراضي التي يسيطرون عليها، خاصة مأرب، التي لم تشهد تقريبًا أي اشتباكات حوثية خلال الأشهر الأخيرة من عام 2024. وخلال شهري يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط، تضاعفت تقريبًا الاشتباكات المباشرة وأعمال العنف عن بُعد التي شنّها الحوثيون مقارنة بأي شهر منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023. وأشارت الأمم المتحدة إلى أن هذه الهجمات تضمنت القصف المدفعي، والهجوم بالطائرات المُسيّرة، ومحاولات التسلل، وحملات التعبئة العسكرية.
بالإضافة إلى ذلك، أظهر الحوثيون مؤخرًا بعضًا من قدراتهم العسكرية المتقدمة في مأرب، حيث استهدفوا مقاتلة وطائرة مُسيّرة أمريكية بصواريخ أرض-جو. وزعم الحوثيون أنهم أسقطوا 15 طائرة مُسيّرة من طراز MQ-9 Reaper منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وهو رقم لم تؤكده الولايات المتحدة بعد.
موقع يمني مرتبط بالجيش أفاد بوقوع اشتباكات منتظمة بين الجيش اليمني والحوثيين في المحافظات الواقعة على خطوط المواجهة. وخلال الأيام الأخيرة، واجهت القوات اليمنية تصعيدًا في الهجمات الحوثية داخل محافظة مأرب ومحيطها، وهي منطقة استراتيجية تقع على أطراف الأراضي الخاضعة لسيطرة الحوثيين. ويأتي هذا التصعيد في ختام أكثر شهرين نشاطًا للحوثيين في مأرب في تاريخها الحديث.
• الأهمية الاستراتيجية لمأرب
تمثل مأرب أحد آخر المعاقل التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا في شمال البلاد. و يسيطر الحوثيون على الأجزاء الغربية من المحافظة، بينما تبسط الحكومة سيطرتها على وسطها وشرقها، بما في ذلك مدينة مأرب. وقد كانت مأرب ساحة معارك شرسة قبل أن تتوصل الأمم المتحدة إلى اتفاق هدنة في أبريل/ نيسان 2022، حيث سعى الطرفان إلى السيطرة على المنطقة ومواردها.
إلى جانب موقعها الاستراتيجي، تضم مأرب أكبر حقول النفط والغاز في اليمن، إلى جانب منشآت التكرير وخطوط الأنابيب الحيوية التي تقع في الجزء الخاضع لسيطرة الحكومة. ووفقًا لمنظمة Armed Conflict Location and Event Data (ACLED) المتخصصة في رصد النزاعات، فقد كانت مأرب توفر تقريبًا كل إنتاج اليمن من الوقود المحلي و90% من إمدادات الغاز النفطي المسال قبل اندلاع الصراع.
و في حال تمكن الحوثيون من السيطرة على هذه الموارد، فستوفر لهم إيرادات مالية ضخمة لدعم أنشطتهم. وتشير تقارير صادرة عن منظمة ACAPS الإنسانية عام 2021 إلى أن استحواذ الحوثيين على موارد مأرب قد يدر عليهم إيرادات يومية تتراوح بين 1.3 مليون و5.5 مليون دولار، مما قد يعزز قدراتهم العسكرية والمالية بشكلٍ كبير.
و إدماج هذه الموارد في اقتصاد الحوثيين، الذي يواجه تبعات إعادة تصنيفهم كمنظمة إرهابية أجنبية (FTO) من قبل الولايات المتحدة، قد يساعدهم على مواجهة التحديات القادمة. حيث يتيح هذا التصنيف لواشنطن اتخاذ تدابير إضافية لتجريم ودفع العقوبات على أي دعم يُقدَّم للجماعة. كما أوضحت إدارة ترامب أن المساعدات الأميركية لن تُقدَّم بأي شكل قد يسمح للحوثيين باستغلالها.
إلى جانب تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، ألغت وزارة الخزانة الأميركية التراخيص التي كانت مُنحت خلال إدارة بايدن، والتي كانت تسمح ببعض المعاملات المالية مع الحوثيين، مثل التجارة في المنتجات النفطية المكررة وخدمات الاتصالات.
يمكن للحوثيين التخفيف من آثار هذه العقوبات عبر الاستحواذ على منشآت النفط والغاز الضخمة في مأرب، مما يوفر لهم مصدر دخل حيوي. علاوة على ذلك، فإن السيطرة على المصافي وخطوط الأنابيب ستمنح الحوثيين، ومعهم إيران، قدرةً أكبر على التأثير في سكان اليمن بشكل أوسع، مما يعزز نفوذهم الاقتصادي والسياسي في البلاد.
لقراءة المادة من موقعها الأصلي عبر الرابط التالي: