لأكثر من عام، شنَّ الحوثيون في اليمن هجماتٍ على السفن التجارية والبوارج الحربية في البحر الأحمر باستخدام الصواريخ والطائرات المُسيّرة والزوارق السريعة المحملة بالمتفجرات، مما أدى إلى تعطيل حركة التجارة العالمية في أحد أكثر الممرات الملاحية ازدحامًا في العالم.
وبحجة التضامن مع الفلسطينيين في غزة، استهدف الحوثيون سُفنًا على بعد يصل إلى 100 ميل من السواحل اليمنية، مما دفع الطائرات الحربية الأميركية والإسرائيلية إلى تنفيذ ضرباتٍ جوية انتقامية.
وقد أوقف الحوثيون، المدعومون من إيران، هجماتهم إلى حدٍ كبير عندما توصلت إسرائيل وحماس إلى وقف لإطلاق النار في يناير/ كانون الثاني. لكن أدلة فحصها باحثون مختصون بالأسلحة تشير إلى أن المتمردين قد يكونون قد حصلوا على تكنولوجيا جديدة تجعل الطائرات المُسيّرة أكثر صعوبة في الكشف عنها، وتساعدها على التحليق لمسافات أبعد.
وقال تيمور خان، المحقق في منظمة Conflict Armament Research البريطانية التي تتخصص في تحديد وتعقب الأسلحة والذخائر المستخدمة في الحروب حول العالم: "يمكن أن تمنح هذه التكنولوجيا الحوثيين عنصر المفاجأة ضد القوات العسكرية الأميركية أو الإسرائيلية في حال استئناف أي من هذه النزاعات".
وفي نوڤمبر/ تشرين الثاني، سافر (تيمور خان) إلى جنوب غرب اليمن لتوثيق أجزاء من نظام خلية وقود الهيدروجين الذي عثرت عليه القوات الحكومية على متن قارب صغير قبالة السواحل، إلى جانب أسلحة أخرى معروفة باستخدامها من قبل المقاتلين الحوثيين.
و تُنتَج خلايا وقود الهيدروجين الكهرباء عبر تفاعل الأكسجين في الهواء مع الهيدروجين المضغوط عبر سلسلة من الصفائح المعدنية المشحونة. وتصدر هذه العملية بخار الماء، لكنها لا تولد حرارة تُذكر أو ضوضاء ملحوظة.
و تستطيع الطائرات المُسيّرة الحوثية التي تعمل بالأساليب التقليدية، مثل محركات الاحتراق الداخلي أو بطاريات الليثيوم، التحليق لمسافة تقارب 750 ميلًا. لكن استخدام خلايا وقود الهيدروجين يمكن أن يتيح لها الطيران لمسافة تصل إلى ثلاثة أضعاف ذلك، مع جعل اكتشافها عبر أجهزة الاستشعار الصوتية والأشعة تحت الحمراء أكثر صعوبة بكثير.
وقد عرضت منظمة Conflict Armament Research تفاصيل نتائجها في تقرير نُشر يوم الخميس. وأظهرت الوثائق التي فحصتها المنظمة أن مكونات خلايا الوقود صُنعت من قِبَل شركاتٍ صينية تروج لاستخدامها في الطائرات المُسيّرة، كما كُشف عن خزانات هيدروجين مضغوط وُضعت عليها ملصقات مضللة تفيد بأنها أسطوانات أكسجين.
وقال المحقق تيمور خان إنه من غير الممكن حتى الآن التأكد مما إذا كانت هذه العناصر قد جاءت مباشرة من الصين. لكن وجود مصدر جديد لمكونات الأسلحة قد يمنح الحوثيين ميزة استراتيجية مهمة.
قال المحقق تيمور خان إن شحنات الأسلحة الحوثية التي تم اعتراضها في البحر كانت عادةً مصنوعة في إيران أو مرسلة منها. وأضاف: "إذا كان الحوثيون قد حصلوا على هذه المكونات بأنفسهم، فإن الشحنة التي رأيناها تُشير إلى وجود سلسلة إمداد جديدة من الأسواق التجارية، مما يزيد من قدرتهم على الاكتفاء الذاتي، بدلًا من الاعتماد الكامل على داعميهم الإقليميين".
و القارب الذي فحصه خان تم اعتراضه في البحر خلال أغسطس/ آب من قِبل قوات المقاومة الوطنية اليمنية، التي تقاتل إلى جانب الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا. وقد تضمنت الشحنة المضبوطة صواريخ مدفعية موجهة، ومحركات صغيرة مصنّعة في أوروبا قادرة على تشغيل صواريخ كروز، ورادارات، وأجهزة تتبع السفن، إضافةً إلى مئات الطائرات المُسيّرة التجارية، فضلًا عن مكونات خلايا وقود الهيدروجين.
و تُعد تكنولوجيا توليد الكهرباء باستخدام خلايا وقود الهيدروجين تقنية قديمة تعود إلى عقود مضت، وقد استخدمتها وكالة ناسا في مهمات أبولو. أما استخدامها في تشغيل الطائرات المُسيّرة العسكرية فقد بدأ بالظهور أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين خلال الحروب الأميركية في العراق وأفغانستان.
وفي السنوات اللاحقة، أصبح استخدام الطاقة الهيدروجينية أكثر شيوعًا في الطائرات المُسيّرة العسكرية، حيث ساهمت في إطالة مدى الطيران، مما جعلها جذابة للاستخدامات التجارية مثل تفتيش خطوط أنابيب النفط، وخطوط الكهرباء، ومزارع الرياح البحرية، وفقًا لما قاله (آندي كيلي) من شركة Intelligent Energy البريطانية، التي تصنع خلايا وقود الهيدروجين المستخدمة في الطائرات المسيّرة، والتي تبيعها حاليًا عدة شركات أميركية لوزارة الدفاع الأميركية.
وقال كيلي: "كلما تمكنت الطائرات المُسيّرة من البقاء في الجو لفترة أطول، زادت قدرتها على جمع البيانات. لذا تعتبر أساسية لمهام الاستطلاع بعيدة المدى".
و قال آندي كيلي إن أنظمة الهيدروجين قادرة على تخزين ثلاثة أضعاف كمية الطاقة التي تخزنها بطاريات الليثيوم ذات الوزن نفسه، مما يسمح لمشغّل الطائرة المُسيّرة بحمل أوزان أكبر والتحليق لمسافات أطول.
وأضاف أن خلايا الوقود تُنتج اهتزازات أقل مقارنة بالمحركات التقليدية، مما يساعد على استقرار الكاميرات وأجهزة الاستشعار في الطائرات المُسيّرة المخصصة للمراقبة. كما أوضح أنها أكثر قابلية لإعادة الاستخدام مقارنة بالبطاريات القابلة لإعادة الشحن، التي تُستخدم عادةً لتشغيل الطائرات المُسيّرة.
ورفضت منظمة Conflict Armament Research الإفصاح عن أسماء الشركات الصينية التي صنعت المكونات التي تم العثور عليها بالقرب من اليمن، وذلك ضمن سياسة تضمن قدرة باحثيها على العمل بسريّة مع الشركات لمعرفة كيفية وصول منتجاتها إلى جهاتٍ مختلفة.
الرابط ادناه لقراءة المادة من موقعها الأصلي:
https://www.nytimes.com/2025/03/13/us/politics/yemen-houthi-drones-report.html