تقرير: "الخادمة حلوة سيدها".. مهمشات يدفعنّ ثمن الأعراف
يمن فيوتشر - اسرار الدحان الإثنين, 03 فبراير, 2025 - 01:17 مساءً
تقرير:

في ظل مجتمعات تعاني من الفجوات الاجتماعية والاقتصادية، تبرز ظاهرة التحرش والاغتصاب بالنساء والفتيات المنتميات إلى فئات مجتمعية ضعيفة كجريمة مزدوجة.

فالعنف الجنسي بحق المهمشات -بكافة أشكاله- بات واحدًا من أكثر القضايا المغلفة بالصمت والغموض الذي يحيط بهذه الجرائم، وسط صرخات مكتومة للضحايا من تلك الفئة، لا تكاد تُسمع.

 

تكالب العوامل

يُصنف التحرش والاغتصاب كانتهاك لحقوق الإنسان، ولا يقتصر تأثيرهما على الفتيات المهمشات فحسب، بل يمتد أيضًا إلى ذوات الدخل المحدود، والمهاجرات، والمشردات، بحسب حقوقيين.

ويرى المختصون في هذا الشأن أن هذه الانتهاكات تحدث غالبًا بحق النساء المهمشات في ظل نقص الدعم القانوني والاجتماعي، مما يجعلهنّ أكثر عرضة للعنف.

كما أن طبيعة عمل المهمشات التي تُحتم عليهنّ البقاء لساعات طويلة على أرصفة الشوارع أو في أماكن مغلقة؛ للحصول على لقمة العيش؛ تعرضهنّ للاستغلال والمضايقة من قبل أرباب العمل أو أشخاص ذوي نوايا سيئة، ويُستهان بالأمر أكثر إذا كانت النساء الضحايا من ذوات البشرة السمراء.

 

أسباب كثيرة

يعتقد الخبراء أن أسباب تفشي هذه الظاهرة متعددة، تبدأ من الثقافة الذكورية السائدة التي تروج لفكرة السيطرة والتحكم، مرورًا بضعف التعليم والتوعية بحقوق النساء بشكل عام و"ذوات البشرة السوداء" بشكل خاص.

وأضافوا أن الظروف الاقتصادية الصعبة تسهم أيضًا في تعميق الهوة بين الضحية والمجتمع، فالكثير من النساء غير قادرات على الوصول إلى العدالة أو الدعم اللازم، مع ضعف اهتمام منظمات المجتمع المدني بهذه الفئات.

 

فقر.. أمية.. وغياب الحماية

يعتبر المختصون والخبراء الفقر وارتفاع نسبة الأمية من أبرز العوامل التي تسهم في انتشار ظاهرة التحرش والاغتصاب التي تتعرض لها النساء المهمشات.

الناشطة الحقوقية والمهتمة بقضايا المرأة، أفراح علي، ذكرت لمنصة هودج أن الفقر وارتفاع نسبة الأمية من أبرز الأسباب التي تعزز هذه الظاهرة، مشيرةً إلى عدم وجود الحماية القانونية الكافية للفئات المتضررة.

وأشارت أفراح علي إلى أن غياب التأهيل والتدريب والتمكين الاقتصادي للنساء السمر يمثل عاملًا مساعدًا على انتشار الظاهرة.

 

الصمت والوصمة

يشيرالمعنيون بقضايا المهمشات إلى أن العديد من النساء يتجنبن الإبلاغ عن حوادث التحرش أو الاغتصاب التي يتعرضن لها.

ويعود ذلك إلى الخوف من الفضيحة والعار، فتنعزل المرأة عن المجتمع وتحبس نفسها كاتمةً صوتها ومخفيةً آلامها ودموعها، لعدم ثقتها بالنظام القضائي وخوفها من قسوة المجتمع ونظراته الدونية القاسية وإطلاقه أحكامًا موجعة على الضحية.

ويشير المعنيون أيضًا إلى ضغوط تُمارس على أهالي الفتيات السمر للتنازل عن قضايا التحرش والاغتصاب مقابل مبالغ رمزية، مما يجبر الضحايا على الصمت.

صمت يُشكل حلقة مفرغة تُسهم في استمرار العنف، وتزيد من عزلة الضحايا؛ ما يؤدي إلى إصابتهنّ بأوضاع نفسية خطيرة قد تصل إلى حد الجنون، أو الإصابة بأمراض خطيرة، أو الانحراف.

وفي هذا الصدد، يقول الناطق الرسمي للاتحاد الوطني لتنمية الفئات الأشد فقرًا، عبدالغني عقلان، لمنصة هودج إن التحرش بالنساء المهمشات قضية حساسة في اليمن، وهي مرتبطة بالنظرة الدونية والتمييز العنصري ضد النساء السود.

واستدل عقلان بقضية الطفلة رسائل عبدالجليل، التي تعرضت للاعتداء قبل ثلاث سنوات وما زالت القضية عالقة في المحكمة، وقضية جواهر عدنان التي تم التلاعب بقضيتها وإخراج الجاني من السجن.

ووصف عقلان تلك الجرائم بـ"البشعة"، معتبرًا أن ما تتعرض له النساء من ذوات البشرة السوداء هو "سلوك انتهازي" يحمل في طياته "تمييزًا عنصريًا"، و"احتقارًا غير مشروع".

عقلان ألقى بالمسؤولية على العادات والتقاليد التي تشجع على انتشار هذه الظاهرة، مثل بعض الأمثال الشعبية التي تشرّع استباحة أعراض النساء السمر دون أي رادع.

 

مسؤولية السلطات

من جهتها، ترى مديرة مكتب تنمية المرأة في محافظة إب، خولة الشرفي، أن المجتمع ليس كله سيئًا، وتعتقد أن اللائمة لا يجب أن تُلقى فقط على المجتمع.

وأوضحت الشرفي لمنصة هودج أن هناك أفرادًا كثيرين يتمتعون بأخلاق عالية، ولكن المهمشين من ذوي البشرة السوداء يشعرون بالاستياء تجاه الكراهية التي يتعرضون لها.

وأضافت: "المهمشون بشكل عام يُحمّلون السلطات القضائية والأمنية المسؤولية، ويطالبونها بالأخذ بحقوقهم والبت في القضايا العالقة، ليس فقط للضحايا من فئة المهمشين، بل وقضايا كل الفئات الأخرى".

 

الحاجة للتغيير

يقترح المعنيون والمهتمون بفئة المهمشين إنهاء هذه الظاهرة من خلال تعاون شامل من المجتمع، بالإضافة إلى تعزيز الوعي حول حقوق النساء.

كما يقترحون توفير برامج تعليمية تستهدف الرجال والنساء على حد سواء، وتحسين وصول المهمشات إلى الدعم القانوني والنفسي.

ودعا المختصون إلى ضرورة مواجهة هذه الظاهرة بجرأة وفعالية، وتقديم الدعم للضحايا، بما يؤدي إلى تغيير الثقافة الاجتماعية، باعتبارها خطوات أساسية نحو مجتمع أكثر عدالة وإنصافًا.

 

تم نشر هذه المادة في منصة هودج

 


التعليقات