تدفع جهات دولية وإقليمية باتجاه إنجاز تسوية اقتصادية عاجلة على طريق التسوية الشاملة لإنهاء الحرب في اليمن.
وأعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، السويدي هانس غروندبرغ، ليلة الأربعاء الماضي، عن جهود دولية لإنجاز تسوية في اليمن تتضمن توحيد البنك المركزي واستئناف صادرات النفط، ودفع الرواتب لموظفي الدولة في مناطق جماعة الحوثيين المتوقفة منذ نهاية عام 2016.
وقال غروندبرغ، إن التدهور الاقتصادي المستمر في اليمن يؤثر على الجميع، مشيراً إلى استكشافه مع أطراف الصراع إمكانية توحيد البنك المركزي، واستئناف صادرات النفط، ودفع رواتب القطاع العام.
وأضاف في أول إحاطة له هذا العام أمام مجلس الأمن، أن الحكومة اليمنية والحوثيين قد اتخذوا خطوات لمعالجة الأزمة الاقتصادية، إلا أن هذه التحديات الهيكلية الأوسع لا يمكن معالجتها إلا من خلال التعاون.
وأكدت مصادر حكومية، رفضت كشف هويتها، لـ"العربي الجديد" أن "الحكومة المعترف بها دولياً دخلت في مشاورات اقتصادية مع جماعة الحوثيين، لكن بدون آمال عريضة، في ظل سعي الحوثيين إلى تعميق الانقسام الاقتصادي على الأرض، بعد سيطرتهم على أصول وأرصدة شركة الخطوط الجوية اليمنية، واختطاف ثلاث طائرات مدنية من نوع إيرباص واحتجازها في مطار صنعاء، وتعيين رئيس لمجلس إدارة الشركة بشكل منفرد".
وبدأ الانقسام المالي والمصرفي في اليمن منذ نهاية عام 2014 بعد قرار الحكومة الشرعية نقل المقر الرئيسي للبنك المركزي اليمني من العاصمة صنعاء الخاضعة للحوثيين إلى مدينة عدن جنوبي البلاد، والتي أعلنت عاصمة مؤقتة ومقراً للحكومة.
وتصاعدت الحرب الاقتصادية على خلفية قيام الحوثيين بحظر التعامل بالأوراق النقدية الجديدة التي أصدرتها الحكومة الشرعية، مما فاقم من أزمات القطاع المصرفي وأدى إلى مزيد من الانقسام في المؤسسات المالية.
وسوف تناقش المشاورات، حسب المصادر الحكومية، إجراءات لتوحيد البنك المركزي تحت قيادة موحدة ووفق ضمانات تؤكد حيادية واستقلالية البنك، مقابل أن يتراجع الحوثيون عن الإجراءات الأخيرة بسكّ عملة معدنية من فئة 100 ريال والعدول عن قرار حظر النقود الجديدة، والتوافق على وضع شركة الخطوط الجوية اليمنية.
•اليمن ومبادرة الأمم المتحدة
وتهدف مبادرة الأمم المتحدة إلى تحقيق تسوية اقتصادية تنهي حالة الانقسام في النظام المالي والمصرفي من خلال توحيد عمل البنك المركزي، وسيمهد نجاح التسوية الاقتصادية لتسوية سياسية تتضمّن وقف الحرب وتشكيل حكومة ائتلاف وطنية من جميع الأطراف، بمن فيها الحوثيون، وفقاً لإحاطة المبعوث الأممي إلى مجلس الأمن.
وأوضح المحلل الاقتصادي، حسام السعيدي، لـ"العربي الجديد" أن المفاوضات القائمة قد تمهد الطريق نحو اتفاق يحل بعض القضايا العالقة حالياً، وأهمها آلية الرقابة على القطاع المالي والمصرفي، وسحب العملة المزورة وتوحيد العملة الوطنية وإلغاء بعض القيود على التجارة.
وقال السعيدي: "من جهة أخرى فإن تصدير النفط ودفع المرتبات وآلية توزيع العوائد سوف تبقى ضمن القضايا المختلف عليها لفترة أطول، مع إمكانية الاتفاق على دفع بعض المرتبات بشكل عاجل دون التوصل لحل نهائي".
وأضاف: "في تصوري سيكون التوصل لاتفاق اقتصادي شامل صعباً جداً قبل التوصل لاتفاق سياسي، نظراً لوجود عدة عوامل تعرقل ذلك، وعلى رأسها الوضع القانوني لفرع البنك في صنعاء، وتصنيف الحوثيين جماعة إرهابية وكيفية توزيع الموارد النفطية، وكيفية دفع المرتبات للمنتظمين الجدد في السلكين العسكري والمدني سواء لدى الحكومة أو الحوثيين".
ويشهد اليمن حرباً مدمرة بدأت في سبتمبر/أيلول من عام 2014، بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء ومؤسسات الدولة، وتصاعدت وتيرة الصراع منذ مارس/آذار 2015 مع دخول السعودية والإمارات في حرب اليمن.
وانعكس تعقيد المشهد السياسي في تهاوي العملة المحلية وارتفاع أسعار الموادّ الغذائية والوقود، وارتفاع معدلات البطالة، وأصبح أكثر من نصف سكان اليمن يعانون من انعدام الأمن الغذائي.