تقرير: الإجهاض.. ضيف ثقيل على الحوامل النازحات
يمن فيوتشر - عمران فرحان: الإثنين, 06 يناير, 2025 - 03:48 مساءً
تقرير: الإجهاض.. ضيف ثقيل على الحوامل النازحات

على مدى ثلاثة أيام عانت الثلاثينية تقية سيف محمد، من نزيف مهبلي انتهى بسقوط جنينها في شهره الثالث، وهذه المرة السادسة التي تجهض فيها تقية منذ نزوحها من منطقة الكدحة غربي محافظة تعز هربا من القتال العنيف التي شهدته المنطقة عام 2016.

الاجهاض المتكرر والنزيف المهبلي وشعور المرأة الحامل بآلام في البطن وأسفل الظهر مؤشرات خطرة يترتب عليها الإحالة إلى المشفى حسب دليل نظام الإحالة في خدمات الأمومة المأمونية الصادر عن وزارة الصحة العامة والسكان. الا أن الصراع الأعنف على السلطة والمستمر منذ 10سنوات تسبب في انهيار شبه كلي للقطاع الصحي الذي ظل ضعيفا حتى قبل الحرب.
ويعرف نظام الاجهاض بأنه "سقوط الجنين قبل أن يتم الحمل 24 أسبوعا أي ما يعرف بين أوساط النساء اليمنيات بالاسقاط"
ووفقًا لصندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن، فإن 5.5 مليون يمنية في سن الانجاب- بما فيهن حوامل ومرضعات- يواجهن تحديات في الوصول لخدمات الصحة الإنجابية. وأقل من نصف الولادات فقط تتم بمساعدة طواقم طبية مؤهلة وولادة واحدة فقط من بين كل ثلاث ولادات تحدث في مرفق صحي ويرجع ذلك الى النقص الحاد في الأدوية والامدادات الصحية الأساسية والكوادر المتخصصة. 
يوثق هذا التقرير حالات 12 امرأة حامل في مخيمات النزوح بمديرية المعافر، أسقطن أجنتهن نتيجة عدم حصولهن على الرعاية الطبية الإنجابية الكافية. 

ويكشف التقرير عن غياب الدور للسلطات الصحية اليمنية والمنظمات الأممية والدولية العاملة في المجال الإنساني، ما أدى إلى تفاقم مشكلة سقوط أجنة النازحات.

 

•وفيات وبؤس 
 إن المرأة الحامل تحتاج إلى غذاء غني بالفيتامينات واجراء فحوصات للكشف المبكر مثل فحص الدم العام الذي قد يكشف وجود أنواع من الانيميا وفحص الكالسيوم الذي يعد عنصرا أساسيا لبناء عظام الجنين ونقصه قد يؤدي الالام أسفل الظهر والالام للمفاصل إضافة الى مشاكل سواء للام أو الجنين، بحسب الدكتورة نجيبة هزاع، أخصائية النساء والتوليد. 
وأوضحت هزاع، وهي رئيسة قسم النساء والطوارئ التوليدية بهيئة مستشفى الثورة بتعز، أن عدم الاهتمام والرعاية المطلوبة قد تؤديان إلى مخاطر كثيرة للمرأة الحامل منها الإجهاض والولادات المبكرة وولادة أجنة ناقصة الوزن أو ولادة أجنة قبل الأوان بالإضافة إلى ولادات أجنة مشوهة أو مصابة بأمراض خطيرة بالإضافة إلى النزيف الذي قد يحدث نتيجة للإجهاض ويؤدي بحياتها.
ما أوضحته الأخصائية يتطابق مع الأعراض التي تشكوا منها النساء اللواتي رصدهن معد التقرير في مخيمات النزوح، ووفقا لدليل الإحالة يتم رعاية الأم الحامل والعمل على الاكتشاف المبكر للمضاعفات ويتم إحالة الحالات ذات الخطورة عند أول زيارة للمرافق، وفي حالة وجود المضاعفات تتم الإحالة فورا.

 

•نقص الامدادات
خلال الفترة ما بين شهري يناير/كانون الثاني وسبتمبر/أيلول من العام الجاري، بلغ عدد النازحات الحاملات بمخيمي المنيج والنقيع في مديرية المعافر محافظة تعز، 121 نازحة، وفق إحصائية للوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في مديرية المعافر. 
ويؤثر ضعف تغطية الخدمات الصحية وغياب الكادر المتخصص ونقص الامدادات الطبية الأساسية وعدم وجود طبيبات خاصة على مستوى مرافق الرعاية الصحية الأساسية، على وصول ثلاثة ارباع النساء في الأرياف الى خدمات الأمومة. ولايزال معدل الوفيات بين الأمهات في اليمن عالياً جداً ويُعد الأعلى في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا. بحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان. 

يبلغ عدد حالات الانجاب بمخيمات النازحين في 12مديرية واقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية 2,567 مولودًا. جاءت المعافر وهي مديرية ريفية تتبع محافظة تعز، في المرتبة الثانية بعد مديرية صالة (مديرية حضرية) من حيث الانجاب في مخيمات النزوح المنتشرة في المحافظة بمعدل 413مولودا ل 413 امرأة أنجبن خلال يناير - سبتمبر من العام الجاري وفق مصفوفة حصل عليها معد التقرير من الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بالمحافظة.

إلا أن المعافر لم تحصل على دعم من صندوق الأمم المتحدة والسكان وهو ما أكده أخصائي الاتصال بمكتب الصندوق في اليمن طه ياسين، الذي أشار إلى تواجد خدمات الصندوق في 13مديرية أخرى بالمحافظة من بينها الشمايتين والمسراخ.
يقول ياسين: "إذا وصلت حالات من مديريات أخرى بما في ذلك المعافر إلى مرافقنا في المديريات المدعومة وتحتاج للخدمات التي نقدمها فسوف تحصل عليها" إلا أن افتقار نازحات كثر للمال يجعلهن عاجزات عن الانتقال الى المراكز التي تتوفر فيها الصحة الإنجابية.   
وتذكر تقية التي اجهضت في أغسطس الماضي، انها تحت ضغط الالام التي عانتها قبل وبعد الإجهاض، اضطرت الى التسول واقتراض المال بغرض العلاج. مشيرة الى أن الطبيب ابلغها بأنها تعاني من فقر الدم بسبب النزيف بعد الاجهاض. وأن تعرضها مؤخرا لشحنات كهربائية بالدماغ سببت الضغط على الجنين، واسقاطه.
تتشابه حالة تقية مع أوضاع مئات النازحات ومنهن فائزة التي اشتكت من صعوبات شتى واجهتها اثناء الحمل وبعد اسقاط جنينها.

مشيرة الى مواقف سلبية للمنظمات الإنسانية فيديو فائزة الجبلي 
تُعد النساء والفتيات من أشد الفئات تضرراً بالأزمة، فحوالي 80 بالمئة من 4.5 مليون نازح في اليمن هم من النساء والأطفال. وتمثل الأسر التي تعيلها نساء حالياً 26 بالمئة من اجمالي العائلات النازحة وفقا لتقرير الاستجابة الإنسانية للوكالة الأممية المعنية بالصحة الجنسية والإنجابية في اليمن خلال العام الماضي.
ومع انخفاض التمويلات الدولية للقطاع الصحي بنحو 70 بالمئة حسبما أعلنت الحكومة اليمنية في يوليو الماضي فان نسبة الوفيات والإجهاض في أوساط النساء الحوامل وخاصة النازحات تبدو مرشحة للازدياد. 

تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع تعزيز دور وسائل الإعلام في دعم قضايا الصحة الإنجابية والعنف القائم على النوع الاجتماعي الذي ينفذه مركز الدراسات والإعلام الاقتصاد.


التعليقات