في عالم ريادة الأعمال والتسويق الرقمي، ثمة قصص نجاح نسائية مُلهمة ترسم صورة مختلفة لرحلة التغلب على التحديات.
صفاء فاضل، رائدة أعمال يمنية ومديرة مكتب "يمانيات" للتسويق الالكتروني، ومدربة في مجال التسويق الرقمي، امرأة تجسدت فيها كل ذلك الإلهام.
حيث عكست صفاء صبرًا وأظهرت إصرارًا وتحديًا للمعوقات، وبرزت كرمز للنجاح، متجاوزةً كافة التحديات الاجتماعية والاقتصادية.
بدأت صفاء رحلتها بتفانٍ وحماس، وتجاوزت التحديات بثقة وتصميم، فالتحديات الكثيرة التي واجهتها، لم تمنعها من تحقيق حلمها.
البداية والمسيرة
ولدت صفاء أحمد فاضل في مدينة عدن (جنوب اليمن)، وانتقلت إلى مدينة تعز واستقرت في بيئة مليئة بالعوائق الاقتصادية والاجتماعية، وهي بيئة جعلت مجال ريادة الأعمال حكرًا على الرجال دون النساء، إلى حدٍ ما.
تقول: بدأتُ رحلتي منذ سنوات، عندما كنتُ أبحث عن فرصة لخدمة المجتمع والعمل على تحقيق التغيير الإيجابي، ووجدتُ فرصتي في العمل المجتمعي مع مبادرات ومؤسسات ومنظمات محلية ودولية.
وتضيف: اشتغلت كضابط ميداني ومدير مشاريع تنموية وتمكين اقتصادي؛ مما أكسبني الخبرة اللازمة لتحقيق النجاح في هذا المجال، وهذه الخبرة بدورها أضافت إليّ الكثير من المهارات، في مجال إدارة المشاريع والتسويق الرقمي والتعاون مع الفريق، وحل المشكلات.
وتواصل: بعد خبرتي الغنية في العمل المجتمعي، اتجهت إلى العمل الحر، حيث قررت أن أعمل لنفسي مشروعًا شخصيًا بعد أن وسعت معرفتي في مجال التسويق الرقمي، وذلك من خلال عدة دورات تدريبية متخصصة في التسويق الإلكتروني وتحليل السوق وإدارة الحملات التسويقية.
وتشير صفاء إلى أنها عملت في مجال التسويق والأتمتة الرقمية، ثم مدربة في مجال التسويق الرقمي وريادة الأعمال لدى عدد من المراكز المهتمة والمختصة بمثل هكذا مجالات.
التحديات المجتمعية
واجهت صفاء العديد من الصعوبات في مجتمعٍ ينظر إلى المرأة بتمييز عميق، غير أن الإصرار والتحدي هو ما دفع صفاء إلى مواجهة كل تلك التحديات، وصنع منها واحدة من أبرز رائدات الأعمال، فكيف استطعت التغلب على واقع كهذا؟.
تجيب صفاء عن هذا التساؤل بالاعتراف بأنها واجهت تمييزًا وصفته بـ"الشديد" من قبل بعض المستثمرين والشركاء الذكور، الذين شككوا في قدراتها على إدارة الأعمال بنجاح.
لم يقف الأمر عند مستوى التشكيك، ولكنها واجهتْ أيضًا ضغوطًا شديدة من المحيط الذي تعيش فيه، حيث قلّل المجتمع من مسألة انخراطها في مجال الأعمال.
"لاقيتُ انتقاداتٍ لاذعة كوني امرأة تعمل في مجال كهذا، وسمعت من يهمس بأن مكاني في المطبخ، لكنني قررتُ أن أواجه تحديًا كهذا، وأخوض غمار تغيير الأفكار السائدة حول دور المرأة في المجتمع، وقد كان قرارًا صعبًا للغاية".. تقول صفاء.
وتخلص: "في النهاية.. تغلبت على التحديات من خلال التركيز على العمل الجاد والتفاني لتحقيق أهدافي، وكان ذلك من خلال التعليم والتدريب، حيث استفدتُ من الدورات التدريبية وورش العمل لتعزيز مهاراتي وتعلمتُ أن أكون مرنةً ومستعدةً للتغيير".
الانجازات والنجاح
تتابع صفاء حديثها: بفضل المعرفة والمهارات التي اكتسبتها، تمكنتُ من بناء شبكة علاقات مع الخبراء والمستثمرين، واستطعتُ من خلالها التركيز على مجال التسويق والأتمتة الرقمية، والعمل في ترويج المنتجات والمشاريع الاستثمارية وإدارة صفحات السوشيال ميديا.
وتشير إلى أن ذلك ساعد الكثير من النساء اللواتي يمتلكنّ مشاريع صغيرة على تطوير استراتيجيات تسويق ناجعة لمنتجاتهنّ وتحسين وجود مشاريعهنّ على الإنترنت؛ وبالتالي زيادة مبيعاتهنّ.
شهادات
ما سبق لم يكن كلامًا إنشائيًا، أو تنميق لشيء غير حقيقي، ولكن ثمة تجارب وشهادات حية وواقعية، تثبت اللمسات الريادية التي تركتها صفاء فاضل في المجتمع، وفي كل من تدرب على يديها أو استفاد من خبراتها.
فهذه أم محمد، صاحبة مشروع حياكة ملابس قطنية ناشئ، أشارت إلى أن ما قامت به صفاء من خلال عملية التسويق للمنتجات القطنية؛ أسهم في زيادة المبيعات وتطوير مشروعها، وبات لمنتجهات أم محمد جمهور واسع وطلب كبير في السوق.
وتقول أم محمد: "مع صفاء وجدتُ فرصةً لترويج لمنتجاتي؛ نظرًا لمخاوفي من الذكور العاملين في مجال التسويق، وندرة العنصر النسائي العامل والفاعل فيه.
ونتيجةً لشغفها ونشاطها الدؤوب وحبها لمجال التسويق الرقمي الذي تسعى إلى جعله محورًا لرسالتها في الماجستير؛ عملتْ صفاء مدربةً لدورات تدريبية وورش عمل متعلقة بالتسويق الرقمي وريادة الأعمال وكتابة المحتوى التسويقي.
الشاب عيسى القميري، كان أحد الذين تدربوا على يدي صفاء، يصف خبرتها بأنها بمثابة بوابة فتحت له آفاقًا جديدة في مجال التسويق الإلكتروني، حيث كانت قريبة من المتدربين، وتستمع بتأنٍ لكل تساؤلاتهم، وتحفزهم ليكتشفوا نقاط قوتهم.
ولفت القميري، إلى أنه استطاع ترجمة ما تعلمه من صفاء عمليًا في مشروعه الخاص، بدءًا من كتابة محتوى مؤثر ومرورًا بتحليل البيانات، مشيرًا إلى أن النصائح التي قدمتها لهم لم تكن مجرد نظريات، ولكنها كانت خطوات عملية.
وأضاف: مخرجات الدورة لم تؤثر فقط في حياتي المهنية، بل أضافت لي ثقة جديدة بنفسي وبقدرتي على النجاح، وأصبحتُ أنظر إلى التسويق الإلكتروني كفرصة للتواصل مع العالم وإيصال رسالتي بطرق مبتكرة، وكان شغف المدربة صفاء وحبها لمجالها –الذي رأيناه خلال الدورة– كان معديًا لنا جميعًا.
تطلعات ونصائح
تتطلع صفاء في مستقبلها، إلى محو الأمية الرقمية وخاصة عند النساء، كما أنها ترى في نفسها نموذجًا يعكس قوة الإرادة وتحدي المعوقات، وتشجع النساء والشباب على الابتكار والمبادرة.
وتختتم صفاء: يجب أن نؤمن بذاتنا ونحترم قدراتنا، والابتكار والمبادرة هما مفتاح النجاح الذي لا يعرف الحدود، والتحديات فرص للاستفادة، وأتمنى أن تكون قصتي مصدر إلهام للشباب والفتيات الراغبين بتحقيق النجاح في هذا المجال.
تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع تعزيز دور وسائل الإعلام في دعم قضايا الصحة الإنجابية والعنف القائم على النوع الاجتماعي الذي ينفذه مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي