تحليل: كيف سيؤثر سقوط الأسد على الحوثيين في اليمن؟
يمن فيوتشر - The New Arab- ترجمة ناهد عبدالعليم: الخميس, 19 ديسمبر, 2024 - 11:25 مساءً
تحليل: كيف سيؤثر سقوط الأسد على الحوثيين في اليمن؟

الانهيار المفاجئ لنظام (بشار الأسد) سيُحدث تداعياتٍ إقليمية واسعة النطاق، خصوصًا على ما يُعرف بـ"محور المقاومة" الذي يضم إيران وحلفاءها، بما في ذلك الحوثيين في اليمن.
و تعامل قيادة الحوثيين مع الإطاحة بالأسد كان حتى الآن حذرًا بشكل ملحوظ، حيث تجنبت الجماعة إصدار أي تعليقاتٍ واضحة بشأن سقوطه.
علاوة على ذلك، ألمح بعض قادة الحوثيين إلى خلافاتهم مع الرئيس السوري السابق الذي أُطيح به.

 

تصريحات ذات صلة:
(حسين العزي)، أحد قادة الحوثيين، قال على منصة "إكس" بتاريخ 8 ديسمبر/ كانون الأول: "ما يحدث في سوريا يخدم مصالح الصهيونية مباشرة، وقد اقترحنا أن يكون لصنعاء دور الوسيط، لكنهم ظنوا أننا نهتم ببشار، رغم أن الجميع يعرف خلافاتنا معه."
و مخاوف الحوثيين تزداد مع التقارير التي تشير إلى أنهم أصبحوا هدفًا واضحًا لإسرائيل، خصوصًا في ظل تقارير تفيد بوجود خطط لشن هجمات كبيرة عليهم ردًا على استمرار هجماتهم الصاروخية وهجمات الطائرات المسيّرة ضد إسرائيل والسفن المتجهة إليها.
ففي 8 ديسمبر/ كانون الأول، نقلت قناة "كان 11" التلفزيونية الإسرائيلية المملوكة للدولة عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله إن الجيش يستعد لتوجيه أقوى ضربة له حتى الآن إلى اليمن.
وأشار المسؤول إلى أنه، على عكس الميليشيات العراقية التي قللت من هجماتها على إسرائيل، ومع استمرار الضربات الأمريكية والبريطانية في اليمن، فإن الحوثيين يواصلون إطلاق الصواريخ، مما يستدعي إرسال "رسالة أكثر إيلامًا".
وفي يوم الاثنين، أطلق الحوثيون صاروخًا من طراز "فلسطين 2" باتجاه وسط إسرائيل، مما أدى إلى إطلاق صفارات الإنذار في تل أبيب. وفي اليوم نفسه، أفادت تقارير إعلامية إسرائيلية أخرى بأن إسرائيل تخطط لضرب اليمن لوقف هذه الهجمات.
لكن سقوط الأسد ليس التحدي الوحيد الذي يزيد من مخاوف الحوثيين. فقد تلقى "محور المقاومة" ضرباتٍ كبيرة في لبنان وسوريا، كما استهدفت إيران بضربات إسرائيلية مع احتمالية عالية لشن المزيد من الهجمات، مما قد يؤثر على الدعم الذي يمكن أن تقدمه إيران لحلفائها وميليشياتها في المنطقة العربية.
و سبب آخر للقلق هو تصاعد الموقف الأمريكي، حيث تطالب واشنطن الآن بوقف هجمات الحوثيين في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب. وصرّح الرئيس الأمريكي (جو بايدن) مؤخرًا للكونغرس بأن الهجمات القادمة من اليمن تهدد سلامة القوات الأمريكية والسفن التجارية وأطقمها، فضلًا عن الاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة وحقوق الملاحة البحرية.
وأضاف أن استمرار هذه الهجمات قد يؤدي إلى مزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة ويهدد المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة.

 

• هل هذه نهاية "محور المقاومة
صرّح الباحث السياسي اليمني (عدنان هاشم) لـ"العربي الجديد"، النسخة العربية الشقيقة لـ"The New Arab"، بأن سقوط الأسد والتطورات الجارية في سوريا قد تعني نهاية "محور المقاومة"، أو على الأقل توجيه ضربة استراتيجية قاسية له.
وأضاف أن هذا الوضع يجب أن يثير قلق الحوثيين، ويدفعهم لإعادة النظر في استراتيجيتهم، بما في ذلك الفرص الحالية المطروحة لتحقيق السلام في اليمن، والتي قد لا تظل متاحة في المستقبل.
وأشار هاشم إلى أن نظام الأسد لم يحافظ على علاقات قوية مع الحوثيين في السنوات الأخيرة، بل بدا وكأنه يعترف بالحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.
و هذا التطور يمثل تناقضًا مع السنوات السابقة، حيث كان نظام الأسد من أوائل الداعمين لسيطرة الحوثيين على اليمن، وقام بتسليم السفارة اليمنية في دمشق إلى الجماعة، مُرحِبًا بسفيرها ومعترفًا بها كسلطة حاكمة. واستمرت خلال تلك الفترة أشكال التعاون العسكري والأمني وتبادل المعلومات الاستخباراتية بين سوريا وسلطات الحوثيين في اليمن.
ومع ذلك، في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، قام نظام الأسد بطرد السفير الحوثي في دمشق (عبد الله صبري)، إلى جانب طاقم السفارة والملحقين الأمنيين للجماعة، رغم الدعم السابق الذي قدمته سوريا للحوثيين.
وتوقع عدنان هاشم أن سقوط الأسد سيؤثر سلبًا على الحوثيين، مشيرًا إلى أن إيران ستعيد تقييم موقفها بشأن "محور المقاومة"، وأن معظم حلفائها سيعيدون النظر في علاقاتهم مع طهران.
و من جانبه، أشار الصحفي اليمني (سلمان المقْرمي) إلى الترابط الوثيق بين أحداث المنطقة، خاصة فيما يتعلق بالتحولات الجيوسياسية مثل سقوط الأسد وانتصار الثورة في سوريا.
وأوضح أن تدخل إيران في سوريا إلى جانب الأسد وقرارها حماية نظامه أسهما، إلى جانب عوامل أخرى، في تمكين الحوثيين من السيطرة على صنعاء في ذات الفترة.

و وفقاً لما أوضحه: "سقوط حلب في عام 2016، تلاه فقدان المعارضة السيطرة على محافظات ومدن أخرى وصولًا إلى ريف حلب الغربي في عام 2020، أدى إلى تركيز اهتمام إيران وحزب الله على الصراع في اليمن، مما أدى إلى انتقال الحوثيين من موقع دفاعي إلى موقع هجومي".
وأضاف أن هذا الدعم كان حاسمًا -إلى جانب عوامل أخرى مثل اتفاق ستوكهولم- في سقوط مأرب ومحافظات يمنية أخرى، واستمرار الهجوم الحوثي حتى فقدت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا مساحات شاسعة، بما في ذلك جنوب الحديدة وأجزاء من محافظة الجوف.
ولهذا السبب، يعتقد أن "انتصار الثورة السورية سيُضعف الحوثيين بشكلٍ كبير".
وأشار إلى أن مركز ثقل الحوثيين لم يكن يومًا محليًا بحتًا، بل كان مرتبطًا بإيران وحزب الله والنظام السوري وقوات الحشد الشعبي في العراق. و خسارة هؤلاء الحلفاء تعني أن الحوثيين يعتمدون للمرة الأولى على "حليف منزوع الأنياب" تم تجريده من قدراته، على الأقل في الوقت الحالي.
ولفت المقْرمي إلى أن "الحوثيين لم يجرؤوا حتى الآن على إصدار بيان دعم يُشير ولو بشكل عابر إلى الحكومة السورية أو النظام السوري أو بشار الأسد".
وأضاف أنهم شنوا هجماتٍ شديدة على المعارضة السورية، متهمين إياها بالإرهاب والتكفير والذبح والخيانة والغدر، لكنهم تجنبوا الإشارة إلى النظام السوري باستثناء حالة واحدة طفيفة.
ومع ذلك، يقول المقْرمي إن "كل مظاهر التحدي لدى الحوثيين قد تلاشت". ورغم ذلك، يضيف أن (عبد الملك الحوثي)، زعيم الجماعة، لم يقدم أي تنازلات، ويبدو أنه "مثل الأسد" يُهدر الفرصة المتاحة له للوصول إلى تسوية سلمية في اليمن.
ويرى المقْرمي أن إحدى القضايا الأخرى التي تواجه الحوثيين تتمثل في "مشاهد انتفاض الناس في عدة مناطق بسوريا، مثل دمشق ومحافظات أخرى، إضافة إلى إطلاق سراح المعتقلين من السجون، وهو ما قد يشجع الناس [في اليمن] على التحرك أيضًا".
ويشير إلى أن الحوثيين يشرفون على العديد من السجون، مما قد يؤدي إلى رد فعل شعبي واسع النطاق يضم شرائح مختلفة من السكان، خاصة في ظل رؤية اليمنيين لما يحدث في سوريا.


التعليقات