يعيش اليمن أزمة اقتصادية ومالية مستمرة، دفعت الحكومة الشرعية المعترف بها للدعوة إلى عقد مؤتمر للمانحين لمواجهة الأزمة، في الوقت الذي يتوقع فيه ألا يلبي المؤتمر احتياجات اليمن كاملة.
وناقش مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة عبد الله السعدي، مع وكيل الامين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر، السبت، الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في اليمن وجهود الحكومة اليمنية لتحقيق السلام.
كما دعا السعدي الأمم المتحدة، الثلاثاء الماضي، إلى المبادرة بالدعوة لعقد مؤتمر المانحين لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بالشكل الذي يفي بحجم الاحتياجات القائمة في مختلف القطاعات.
•دعم دولي منقوص
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي عيسى المخلافي لـ"العربي الجديد" إن لانعقاد مؤتمر المانحين أهمية كبيرة خصوصا في ظل تدهور الوضع المعيشي والإنساني، وانهيار الخدمات، وتنصل المجتمع الدولي من مسؤولياته تجاه توفير الاحتياجات الضرورية من غذاء ودواء لأكثر من 18 مليون يمني يحتاجون إليها، وفي ظل عجز الحكومة عن توفيرها نظرا إلى ظروف الأزمة الحاصلة، وقله إيراداتها، وعدم وفاء الكثير من الدول المانحة بالتزاماتها السابقة ".
وأضاف المخلافي أن "التوقعات المبدئية لهذا المؤتمر، إن عُقد بالفعل، ليست متفائلة نظرا إلى حجم الاحتياجات الإنسانية المتزايدة التي تحتاج مبلغاً يفوق 2.5 مليار دولار، وكذا الظروف الإنسانية التي برزت في المنطقة نتيجة الصراعات والحروب التي سيوجه إليها جزء من الدعم، وكذا عدم ثقة المانحين بالحكومة اليمنية وبالهيئات والمنظمات التي تعمل معها".
وأكد أن تلك العوامل "أدت إلى فشل مؤتمر المانحين السابق الذي عقد في العاصمة البلجيكية بروكسل في شهر مايو/أيار الماضي، والذي وصلت تعهدات المانحين فيه إلى مبلغ 750 مليون دولار فقط من المبلغ المطلوب لتلبية الاحتياجات الإنسانية في اليمن المقدر وقتها بنحو 2.7 مليار دولار".
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن "على الحكومة اليمنية وضع إطار واضح لاحتياجاتها التنموية المستدامة بدلا من الدعم الإغاثي المؤقت، كما يجب تغيير آليات العمل بالدعم المقدم من المانحين، وآليات تحويل هذه المبالغ بحيث تُحول عبر البنك المركزي اليمني لتمكنيه من الحصول على العملة الصعبة، ودعم استقرار الريال، وكذا معرفة كيفية إنفاق هذه الأموال، ورصد أكبر لأنشطة المنظمات غير الحكومية الدولية في اليمن لضمان المساءلة عن أي انحراف أو فساد ممكن أن يحصل في أنشطتها".
•تحديات اقتصادية تواجه اليمن
أما الصحافي الاقتصادي وحيد الفودعي، فقد قال لـ"العربي الجديد" إن "انعقاد مؤتمر المانحين لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن يعد أمرًا بالغ الأهمية من أجل تخفيف المعاناة الإنسانية، حيث يحتاج حوالي 21.6 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية وحماية". وأوضح الصحافي الاقتصادي أنه "في حال انعقاد المؤتمر بنجاح، يمكن توفير التمويل اللازم لخطة الاستجابة الإنسانية".
وأشار الفودعي إلى أن "الحكومة الشرعية في اليمن تواجه تحديات اقتصادية ملحة تتطلب تدخلات عاجلة، ومنها: إعادة هيكلة المالية العامة، واستئناف تصدير النفط والغاز، وتحقيق الاستقرار النقدي". وأضاف الصحافي الاقتصادي أن "من ضمن التدخلات المطلوبة، إعادة بناء البنية التحتية، بالإضافة إلى تعزيز الأمن الغذائي"، مشيرا إلى أن " تلبية هذه الاحتياجات تتطلب دعمًا دوليًا ومحليًا، بالإضافة إلى تنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة لتعزيز الاستقرار والتنمية في اليمن".
ودعت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، الثلاثاء الماضي، إلى عقد مؤتمر المانحين لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن، وذلك على لسان مندوبها الدائم لدى الامم المتحدة السفير عبد الله السعدي. كما شدد مندوب اليمن على ضرورة إبقاء الوضع الإنساني في اليمن على قائمة أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للتخفيف من المعاناة الإنسانية.
و أعلن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الأممي (أوتشا)، مطلع الشهر الجاري، عن حاجة خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن للعام 2025 إلى 2.5 مليار دولار، وهي الخطة التي تتوقع احتياج نحو 19.54 مليون شخص في اليمن للمساعدات الإنسانية والحماية، فيما تستهدف 10.5 ملايين شخص من إجمالي مجموع السكان البالغ 34.9 مليون نسمة.
وكانت خطة الاستجابة الأممية للعام 2024 طلبت 2.7 مليار دولار، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، وهو ما انعكس سلبًا على تلبية حاجات السكان المستهدفين بالمساعدات، بل أدى ذلك إلى توقف بعض البرامج.
وارتفع عدد السكان المحتاجين في العام 2025 إلى 19.5 مليوناً، من 18.2 مليون شخص في العام 2024، لكن عدد السكان المستهدفين بالمساعدات تراجع من 11.2 مليون شخص في العام 2024 إلى 10.5 ملايين في العام 2025.
وأشار تقرير (أوتشا) إلى أن مستويات انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية ستظل مرتفعة في عام 2025، وتشير التقديرات إلى أن 17 مليون شخص، يمثلون نحو 49% من السكان، سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة خمسة ملايين شخص من ظروف طارئة، وسيؤثر سوء التغذية الحاد على حوالي 3.5 ملايين شخص، بما في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.