اليمن: الصمود في مواجهة الشدائد.. خطوات أحد الناجين من الألغام لإحداث الفارق
يمن فيوتشر - اليونيسف/جودفري ندينجي: الاربعاء, 04 ديسمبر, 2024 - 05:56 مساءً
اليمن: الصمود في مواجهة الشدائد.. خطوات أحد الناجين من الألغام لإحداث الفارق

في قلب اليمن، حيث أصبحت أصداء الصراع الذي لا ينتهي حقيقة يومية، يقف شاب يُدعى وسام كشهادة على المرونة والعزيمة. في سن الحادية عشرة فقط، تغيرت حياة وسام بشكل لا رجعة فيه بسبب انفجار لغم أرضي أودى بعينه اليمنى وذراعه اليسرى وساقه اليسرى. على الرغم من هذه الإصابات المدمرة، ظلت روح وسام غير منكسرة، وشرع في رحلة غير عادية لمتابعة تعليمه وأحلام حياته. منذ اندلاع الصراع في اليمن في عام 2015، أصبح المشهد خطيرًا، حيث تلوث الألغام الأرضية ومخلفات المتفجرات 20 من أصل 22 محافظة. وتُظهِر الإحصائيات أن 56% من جميع ضحايا الأطفال يمكن أن يُعزى إلى هذا السبب. 

يوم عيد الأضحى الحزين
كان صباح عيد الأضحى عام 2015، عندما وقع حادث الألغام لوسام. كان واعيًا ولكنه مصاب بجروح خطيرة. تم نقله على وجه السرعة إلى المستشفى حيث تم استدعاء الأطباء المتخصصين، وخضع وسام لعملية جراحية لبتر أطرافه المتضررة بشدة وإنهاء النزيف المفرط. يقول وسام: "أتذكر أنني نُقلت إلى مستشفى الثورة ولم يكن هناك أي أطباء بسبب عطلة العيد. سمعتهم يقولون إنني قد لا أستطيع البقاء على قيد الحياة سوى ساعتين أخريين فقط، ثم أموت". بنهاية المطاف، وصل الأطباء وأنقذوا حياة وسام.
لإنقاذ الأرواح وتوفير معلومات حيوية للأطفال ومقدمي الرعاية حول كيفية التعرف على الألغام والذخائر غير المنفجرة، تعمل اليونيسف بالشراكة مع المركز التنفيذي لمكافحة الألغام في اليمن (YEMAC) في جميع أنحاء البلاد لتنفيذ أنشطة التوعية بمخاطر الألغام (MRE) مع التركيز على المناطق المحاذية لخطوط المواجهة النشطة، حيث كان هناك العديد من ضحايا الألغام الأرضية بين الأطفال.

الطريق الصعب للتعافي
على الرغم من أن الألم الجسدي الناجم عن الانفجار كان هائلاً، إلا أن الندوب العاطفية والنفسية كانت أعمق. كان تعافي وسام عملية طويلة ومؤلمة. أمضى أسبوعين في المستشفى قبل أن يعود إلى المنزل لمواصلة علاجه بمساعدة عائلته. برزت قدرة وسام على الصمود وهو يتكيف مع واقعه الجديد، وفي النهاية حصل على ساق اصطناعية وعدسة زجاجية لعينه من مركز الأطراف الصناعية في عدن- بدعم من اليونيسف. يوضح وسام: "لم أستطع الحركة لأن ساقي الأخرى كانت مكسورة أيضًا أسفل الركبة بسبب الشظايا. كان والدي ووالدتي يساعدانني في الحركة".

حلم جديد يظهر، مع العديد من التحديات
على الرغم من التحديات الجسدية والعاطفية، لم يضعف شغف وسام بالتعلم أبدًا. أكمل تعليمه الابتدائي والثانوي وطوّر اهتمامًا كبيرًا بالأمن السيبراني. يقول وسام: "كانت هوايتي اللعب وإصلاح الإلكترونيات مثل الهواتف وغيرها، وأحببت البرمجة. ثم أحببت فكرة دراسة البرمجة والأمن السيبراني كتخصص جديد".
واجه وسام العديد من التحديات في سعيه للحصول على التعليم العالي. كان التنقل في بيئة الجامعة التي يصعب الوصول إليها جسديًا مرهقًا للغاية. ومع ذلك، ساعدت قدرة وسام على التحمل وتصميمه ودعم أقرانه وأساتذته في التغلب على هذه العقبات. يقول وسام: "لم أواجه أي تنمر أو عدم احترام من زملاء آخرين". "حتى لو واجهت مثل هذه الأشياء، لا أتأثر بما يقوله الناس".

التطلع إلى إحداث فرق
لا تتعلق رحلة وسام بالانتصار الشخصي فحسب، بل تتعلق أيضًا بإحداث فرق في حياة الآخرين. لقد أصبح قدوة للناجين الآخرين. كما يشارك في أنشطة مجتمعية وأنشطة للأطفال مع منظمة يونيسف لإلهام الأمل. رسالة وسام للآخرين هي: لا تتوقف أبدًا عن متابعة التعليم، وكن صبورًا، وثق بنفسك. ينصح وسام: "نصيحتي لهم هي ألا يتوقفوا عن تعليمهم وأن يتحلوا بالصبر ويؤمنوا بالله. أيضًا، لا تصدقوا أن الإعاقة في الجسد ولكنها في العقل".
مع اقتراب وسام من إكمال سنته الثانية في الجامعة، تمتد تطلعاته إلى ما هو أبعد من النجاح الشخصي. يحلم باستخدام معرفته لحماية الشركات والبنوك والمنظمات من التهديدات الإلكترونية. قصة وسام هي تذكير قوي بالقوة والمرونة داخلنا جميعًا، وتوضح أنه حتى في مواجهة الشدائد التي لا يمكن تصورها، يمكن للمرء أن ينهض ويعيد البناء ويلهم الآخرين.


التعليقات