لون العالم برتقاليا: مواجهة التحرش في اليمن...شجاعة النساء وتحديات القوانين
يمن فيوتشر - اسامة الكريش- هودج الاربعاء, 04 ديسمبر, 2024 - 01:40 مساءً
لون العالم برتقاليا: مواجهة التحرش في اليمن...شجاعة النساء وتحديات القوانين

بينما كانت بنيان جمال تحاول تجاوز الزحام في أحد شوارع صنعاء، فوجئت بسيارة تصدمها من الخلف، في البداية، اعتقدت أن الأمر مجرد حادث عرضي، لكنها سرعان ماأدركت أن السائق تعمد الاصطدام بها..

كان الشارع مكتظًا بالمارة، لكن بدلاً من تقديم المساعدة، أطلق البعض تعليقات ساخرة ومهينة، مما زادمن شعورها بالإحباط والخوف.

قررت بنيان النزول من سيارتها لمواجهة السائق، لكنها صُدمت بتجاهله التام.تقول بنيان: "لم ينزل حتى من سيارته ليفهم ما حدث أو للاعتذار. شعرت بالغضب، وحفظت رقم سيارته، ثم عدت إلى المنزل واتفقت مع الشرطة لتقديم بلاغ رسمي."

في اليوم التالي، توجهت بنيان إلى قسم الشرطة لتسجيل شكوى رسمية، رغم محاولات الشرطي لإقناعها بعدم التبليغ. بعد نقاش طويل، وافق الشرطي على متابعة البلاغ، وقدمت بنيان دليلًا من كاميرات المراقبة يثبت تعمد السائق صدم سيارتها، مما أجبر الشرطة على التعامل بجدية أكبر مع القضية. ورغم محاولة السائق تسويةالأمر، إلا أنه لم ينجح.

تعبر بنيان عن مدى الخوف والرعب الذي تعيشه النساء في الشوارع بسبب مثل هذه التصرفات، ورغم أنها تنازلت عن القضية في النهاية، إلا أنها شعرت بأنها حققت هدفها وأوصلت رسالتها.

تقول بنيان لمنصة"هودج": "أردت أن يعرف الجميع أن النساء لسن مضطرات لقبول هذه المعاملة، نحن نملك القوة والشجاعة للدفاع عن حقوقنا، ويجب على الجميع احترام ذلك."

تواجه النساء في اليمن صعوبة في الإفصاح عن حوادث التحرش بسبب الخوف من الوصمة الاجتماعية والانتقام

 

كسر حاجز الصمت

في مجتمع يمني محافظ، كان من المستبعد التحدث علنًا عن التحرش الجنسي، لكن في الآونة الأخيرة بدأت نساء يمنيات بكسر هذا النمط، متمردات على القيود الاجتماعية والثقافية ليبرزن قصصهن ويطالبن بحقوقهن. بدأت هؤلاء النساء في اتخاذ خطوات جريئة لمواجهة التحرش والدفاع عن أنفسهن، مما يعكس تحولًا تدريجيًا في وعي المجتمع اليمني تجاه حقوق المرأة وحمايتها.

تروي ياسمين الصلوي عن تعرضها وصديقتها لتحرش لفظي مستمر من أحد الأشخاص في سوق مدينة الحديدة. في البداية حاولن تجاهله، لكن سلوكه المتكرر أصبح مزعجًا للغاية. قررت صديقتها المواجهة وإخبار والدتها، التي أبدت انزعاجها وقررت مرافقتها في المرة التالية التي تخرجان فيها.

تقول الصلوي: "عندما خرجنا سوياً، تكرر المشهد المعتاد وظهر نفس الشخص، لكن هذه المرة لم تصمت والدة صديقتي. توجهت نحوه مباشرة، وضربته وقامت بتوبيخه بشدة أمام الجميع. تجمع الناس حول الحادثة، ولم يمضِ وقت طويل حتى وصل طقم شرطة وألقى القبض على المتحرش."

وتضيف الصلوي في حديثها لمنصة هودج أن"بعد هذه الحادثة لم يعد ذلك الشخص يظهر مجددًا، وتعلمنا درسًا مهمًا عن قوة المواجهة والتصدي للتحرش بكل حزم."

"صرخت بغضب داخل الباص وطالبت السائق بالتوجه إلى إدارة الأمن، ومنعت الرجل المتحرش من الهرب حتى وصلنا إلى المقر. أصررت بشدة على محاسبته."

قصور القوانين الرادعة

لا تتضمن القوانين اليمنية موادًا خاصة بتجريم التحرش الجنسي، بل يتم تناول التحرش تحت جريمتي "هتك العرض" و"الفعل الفاضح المخلّ بالحياء". تتراوح العقوبات وفقًا للمادتين (273) و(274) بين الحبس لمدة لا تزيد عن ستة أشهر أو الغرامة لمرتكب الفعل الفاضح، والسجن لمدة سنة أو الغرامة التي لا تتجاوز ثلاثة آلاف ريال، ما يعادل اثنين دولار أمريكي، لمرتكب هتك العرض.

تعتبر المحامية والناشطة الحقوقية غزة يحيى أن القوانين اليمنية الحالية غير كافية لحماية النساء، حيث لا يوجد قانون صريح يعاقب على التحرش الجنسي. وأشارت في حديثها لمنصة هودج إلى أن العقوبات الموجودة لا تشمل جميع أشكال التحرش ولا تضمن الحماية الشاملة للنساء.  

كما أوضحت أن النساء يواجهن تحديات كبيرة عند تقديم بلاغات حول التحرش، أبرزها الخوف من الوصمة الاجتماعية في مجتمع محافظ يلوم الضحية بدلًا من الجاني. بالإضافة إلى ذلك، غياب القوانين الرادعة والخوف من الانتقام أو فقدان الوظيفة يمثلان عقبات إضافية أمام تحقيق العدالة.

 

مواجهة جريئة

تقول لمياء الشرعبي إنها عادة لا تبالي بالكلمات الجارحة في الشارع، مفضلة تجاهلها، لكن هذه المرة كان الوضع مختلفًا تمامًا. أثناء توجهها إلى الجامعة وركوبها الباص، صعد رجل خلفها وبدأ بتصرفات غريبة، تجاهلت الأمر في البداية، لكن الرجل تمادى وبدأ بملامستها.

تصف لمياء الموقف: "صرخت بغضب داخل الباص وطالبت السائق بالتوجه إلى إدارة الأمن، ومنعت الرجل المتحرش من الهرب حتى وصلنا إلى المقر. أصررت بشدة على محاسبته." وتؤكد لمياء أن النساء يجب ألا يخشين المجتمع أو الفضيحة، داعيةً النساء للوقوف بحزم ضد المتحرشين والدفاع عن حقوقهن بشجاعة.

 

دور الأمن

تواجه النساء في اليمن صعوبة في الإفصاح عن حوادث التحرش بسبب الخوف من الوصمة الاجتماعية والانتقام، حيث تميل الثقافة المجتمعية إلى لوم الضحية بدلاً من الجاني.

وأوضح مدير عام الإعلام والعلاقات العامة بشرطة تعز، المقدم أسامة الشرعبي، أن إدارة أمن تعز لم تتلق أي بلاغ تحرش من النساء، بسبب طبيعة المجتمع اليمني المحافظ، الذي لا تستطيع المرأة فيه الإفصاح عن تعرضها للتحرش.

وأشار الشرعبي في حديثه لمنصة هودج إلى أن الأمن في تعز يعمل على منع وقوع الجرائم قبل حدوثها من خلال اتخاذ إجراءات صارمة ضد أي شكل من أشكال التحرش، بما في ذلك حماية النساء في الأماكن العامة.

كما أوضح أن هناك إدارة وجهازًا خاصًا تم استحداثه يُعنى بحماية الأسرة، ويتولى التعامل مع القضايا المتعلقة بالاعتداءات ضد النساء، بما في ذلك التحرش والابتزاز.

 

 


التعليقات