استطاعت بسمة حامد، البالغة من العمر 31 عامًا، أن تتحدى عقبات المجتمع وتقاليده وتنجح في تحقيق حلمها بأن تصبح رائدة في مجال الهندسة وتقتحم عالم المقاولات.
تنحدر بسمة من محافظة عمران شمال صنعاء، حيث يعتبر تخصص الهندسة حكراً على الذكور. ورغم عدم تمكنها من دراسة الهندسة بسبب هذه الظروف، أكملت تعليمها الجامعي في كلية التربية متخصصة في اللغة العربية، لكن شغفها بالهندسة دفعها للتعلم عبر الإنترنت وافتتاح مشروعها الخاص في مجال الهندسة والمقاولات، حيث أنشأت شركة "البسمة للمقاولات والتوريدات" وشركة "بسمة حامد للاستيراد".
إيمان وتميز
إيمان بسمة بقدرات المرأة جعل شركتها مميزة. فقد عمدت إلى تشغيل مشروعها بأيدي نساء يمنيات عبر فريق عمل متخصص من مهندسات مؤهلات في مجالات البناء والطاقة المتجددة وفقًا لأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
أنشأت شركة "البسمة للمقاولات والتوريدات" في عام 2021م، وهي شركة متخصصة في جميع أعمال الإنشاءات وتوريد المناقصات بمختلف أصنافها، بطاقم نسائي يهدف إلى تمكين المرأة اقتصاديًا وتنمية قدرتها في العمل الهندسي والابتكار والمسؤولية.
ترى بسمة أن إدماج المرأة في عملية التنمية مهم جدًا لتعليمها وتوفير فرص العمل المتساوية مع الرجل، لتصبح مشاركة فعّالة في سوق العمل.
تقول بسمة لمنصة هودج: "دخولي مجال المقاولات العقارية والتوريدات أثبت أن المرأة قادرة أن تكون في كل المجالات وتحقيق نجاحات، وأنا أؤمن بقدرة المرأة اليمنية على النجاح وتخطي العوائق".
مشاريع وإنجازات
نفذت بسمة عبر مؤسستها "البسمة للمقاولات" مشاريع كبرى في مجالات الطاقة المتجددة والمقاولات، والمباني السكنية، والبنية التحتية، والتوريدات المحلية والخارجية، مما جعلها واحدة من الشركات الرائدة في قطاع المقاولات والاستيراد. عبر أنشطة وبرامج متنوعة، قدمت بسمة برنامج التلمذة المهنية، حيث دربت أكثر من 17 مهندسة ميدانية لدى الشركة. كما نظمت دورات في السلامة المهنية والتمكين الاقتصادي للنساء واحتفالات تخرج طالبات تخصص الهندسة من جامعة صنعاء.
تجارب وشهادات
تشارك هنادي الحربي، إحدى المتدربات في شركة "البسمة"، تجربتها مع منصة هودج قائلة: "بعد تخرجي من جامعة صنعاء بتخصص المحاسبة، حصلت على فرصة للالتحاق ببرنامج التلمذة المهنية في شركة البسمة. كانت التجربة شاملة للغاية، حيث تلقيت تدريبًا متخصصًا في مجالات متعددة مثل المحاسبة، المناقصات، إدارة المشاريع، وتكنولوجيا المعلومات".
وأضافت الحربي: "استمرت فترة التدريب ثلاثة أشهر بمعدل 8 ساعات يوميًا، مما أتاح لي اكتساب مهارات قيمة. بفضل هذا التدريب، حصلت على فرصة عمل في الشركة".
من جانبها، تعبر بسمة حامد عن التحديات التي واجهتها في بداية مشوارها، قائلة إن فكرة تأسيس الشركة لم تكن سهلة، فقد كانت بمثابة تحدي كبير. لكنها واجهت الصعوبات ونجحت في دخول سوق العمل المحلي.
وأوضحت حامد: "بفضل فريق العمل المتميز، تمكنا من تقديم خدمات عالية الجودة وإدخال الابتكار في مشاريعنا. ومع مرور الوقت، توسعت شركتي في عدة محافظات، وتنوعت مشاريعنا في مجالات متعددة".
تمييز المجتمع
يحدد المجتمع عادةً التخصصات المناسبة للنساء بتمييز واضح، حيث يُنظر إلى بعض المجالات مثل الهندسة على أنها حكراً على الرجال، بناءً على مبررات تقول إن هذه التخصصات تتطلب مواصفات جسمانية خاصة.
لكن هذه التصورات لا تعيق تقدم النساء فحسب، بل تعرقل أيضًا عجلة التنمية في المجتمع ككل. في ظل هذه القيود، برزت تجربة بسمة كدليل على القدرة على تجاوز التحديات. فقد كان لدعم زوجها وأفراد أسرتها دور كبير في تشجيعها ومساندتها. تعبر بسمة عن ذلك قائلة: "دعمني زوجي بشكل كبير، فقد آمَن بقدراتي وقدم لي الدعم المادي والمعنوي، مما ساعدني على تجاوز الصعوبات ومتابعة حلمي بأن أصبح رائدة في هذا المجال".
التحديات والتصورات
تواجه المشاريع الناشئة في اليمن، وخاصة تلك التي تقودها النساء، صعوبات جمة. تصبح هذه الصعوبات مضاعفة عندما يكون المشروع في مجال الهندسة والمقاولات.
توضح المعيدة بقسم الهندسة المدنية وأقسام الحاسوب في جامعة عمران، منى العبسي، أن الإقبال على التخصصات الهندسية من قِبل الطالبات ضئيل للغاية.
وتضيف العبسي في حديثها لمنصة هودج: "هذا يعود إلى عدم وعي المجتمع بأهمية هذه التخصصات واعتبارها غير مناسبة للفتيات. السائد هو أن هذه المجالات حكراً على الذكور، حيث بين كل 100 طالبة مسجلة في التخصصات الهندسية، لا يتجاوز عدد الطالبات ست أو سبع، مقارنةً بعدد الذكور الذين يهيمنون على هذا المجال".
من جانبه، يرى أستاذ علم الاجتماع المشارك بجامعة تعز، الدكتور محمود البكاري، أن على المجتمع اليمني أن يتخلى عن النظرة التقليدية والدونية تجاه المرأة. ويدعو البكاري إلى منح المرأة الفرصة لاختيار التخصصات التي تناسبها، وتشجيعها على التجربة والنجاح بدلاً من اعتبار بعض التخصصات حكراً على الرجال. كما أشار البكاري في حديثه لمنصة هودج إلى أن القانون يكفل حق التعليم لكلا الجنسين على حد سواء.
تم نشر هذه المادة في منصة هودج