[ تعبيرية ]
"شكوت إلى والدي فاتهم شرفي"، هكذا بدأت "رغد" (اسم مستعار) سرد قصتها والألم يعتصرها. كانت تؤدي واجبها المنزلي عندما قدم إليها عمها، وعبرت عن شعورها بعدم الارتياح، لكنها لم تجد الدعم الكافي من أسرتها.
وتحدثت ضحية أخرى تُدعى "سمية علي" (اسم مستعار)، عن تعرضها للتلصص من زوج والدتها وولديه، وأشارت إلى عدم تصديق والدتها لما كانت تواجهه من معاناة، فيما لم تستطع حماية نفسها من اعتداء كامل لاحقًا.
وفي حادثة أسد قسوة، اطلع الكاتب على وثيقة قضائية من مكتب النائب العام لمحكمة استئناف محافظة إب تظهر فتاة قاصر في الرابعة عشرة من عمرها تعرضت للاعتداء على يد أخيها وأبيها ما أدى إلى إجهاض حملها وتصفيتها.
ولم تقل حالة الطفلة "هبة سامح" (اسم مستعار) قسوة بعد تعرضها لانتهاكات متتالية في بيئة منزلية مليئة بالصراع، سحق حياتها النفسية منذ وقت مبكر.
حساسية مجتمعية
أشارت المحامية والناشطة الحقوقية ريهام الصنوي إلى صعوبة التعامل مع هذه الجرائم من قبل المجتمع جراء التقاليد والعادات التي عادة ما تدين الضحايا، فيما اعتبرت مرتكبي هذه الجرائم غير أصحاء عقليًا.
من جانبه، تحدث أستاذ علم النفس والأمراض العقلية "أبوبكر الهلالي" عن العوامل الاجتماعية والنفسية المؤدية في بعض الأحيان إلى مثل هذه السلوكيات، كصعوبة الزواج والاكتظاظ داخل المنازل.
وأشار الهلالي إلى ظاهرة "البيدوفيليا" وهو مرض اشتهاء الأطفال، متطرقًا إلى ما سماها الأجزاء المنزلية المشحونة، إلى جانب مشاهدة الأفلام الإباحية.
قانون الجرائم والعقوبات
المستشار القانوني المحامي خالد الكمال أكد أن القانون اليمني لا يحتوي على نصوص صريحة تجرم اغتصاب المحارم، لكنه يعاقب على جرائم "هتك العرض" و"الدياثة".
تنص المادة 272 من القانون رقم (12) لسنة 1994 بشأن الجرائم والعقوبات: "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات كل من هتك عرض إنسان حي بالإكراه أو الحيلة أو إذا كان المجني عليه أنثى لم تتجاوز خمس عشرة سنة أو ذكرًا لم يجاوز اثني عشر سنة أو معدوم الإرادة أو ناقصها لأي سبب أو إذا كان الجاني من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيته."
أسباب وعوامل
وأشار إخصائيون اجتماعيون إلى أن تكدس الأسرة، وبخاصة كثيرة العدد، في غرفة واحدة قد يسهم في سلوكيات غير صحية بين الإخوة، بالإضافة إلى أن عوامل مثل تعاطي الكحوليات والمخدرات التي عادة ما تؤدي إلى اضطراب الوعي واختلال الميزان القيمي والأخلاقي.
وتشمل الآثار النفسية والاجتماعية على ضحايا الاغتصاب اضطراب العلاقات الأسرية والمشاعر السلبية المدمرة، إلى جانب ما تلعبه العوامل الاقتصادية مثل الفقر وتكدس الأسرة في تفشي هذه الظاهرة.
التوعية والمجتمع
وفق تقرير نشره منتدى الشقائق العربي، أظهرت دراسة أن قضايا الاغتصاب، بما في ذلك اغتصاب المحارم، غالبًا ما تظل مخفية بسبب الخوف من العار والفضيحة.
وأوضحت الدراسة أن حالات الاغتصاب في اليمن تتوزع بين الأطفال والنساء، مع وجود حالات للاغتصاب من قبل أفراد الأسرة.
وبلغت حالات الاغتصاب المدروسة، بحسب المنتدى، في الفترة من آذار/مارس 2009 إلى تشرين الثاني/نوفمبر 2010 (85) حالة، توزعت على أربع عشرة محافظة، جاءت خلالها الطفلات الصغيرات في المرتبة الأولى بين فئات الضحايا، قُدرت بـ43 حالة، والذكور 30، فيما تعرضت 12 امرأة للاغتصاب.
وتذكر الدراسة أن عدد الجرائم المرتكبة في مناطق ريفية وصل 45 حالة مقابل 40 أخرى في المدن.
وقُدّرت حالات اغتصاب المحارم ضمن الرصد بنحو إحدى عشر حالة، في مقدمتها الاغتصاب من قبل الأب بواقع سبع حالات، تليه حالتان للأقارب من جهة الأم وحالتان للأقارب من جهة الأب.
العلاج بالصدمة
على الرغم من حساسية هذا الملف وسط المجتمع اليمني، إلا أن التوعية والمواجهة ضروريان لكشف هذه الجرائم والتصدي لها، فيما يعزز الصمت من انتشارها، إذ لا تصل في الغالب إلى الشرطة أو القضاء جراء خوف الضحايا من العواقب الاجتماعية.