تقرير: السنوار توفي، لكن حماس باقية
يمن فيوتشر - Foreign Affairs- ترجمة : ناهد عبدالعليم الإثنين, 21 أكتوبر, 2024 - 09:17 مساءً
تقرير: السنوار توفي، لكن حماس باقية

وفاة زعيم حماس (يحيى السنوار) تمثل لحظة فارقة في حرب إسرائيل وحماس وفي الصراع الذي يعصف بالشرق الأوسط بشكل عام، والعديد من الأشخاص يحتفلون بها بحق. 
و لم يشرف السنوار شخصيًا على عملية قتل لأكثر من 1200 إسرائيلي وحسب خلال هجمات 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ولكنه أيضًا عرّض حياة عشرات الآلاف من الفلسطينيين للخطر عمدًا، من بينهم العديد من النساء والأطفال، الذين كان يعلم أنهم سيعانون ويموتون إذا ردت إسرائيل على الهجمات بالطريقة التي كان يتوقعها. 
 بالنسبة للإسرائيليين وللمدنيين الفلسطينيين الذين لا يدعمون حماس، فإن وفاة السنوار تعني تحقيق العدالة.
لكن هل ستنهي وفاته حماس؟ 
لقد كان الهدف المعلن لإسرائيل، تدمير قادة حماس بأكملهم حتى تتمكن إسرائيل من استعادة الردع وإعادة تأمين سلامة المواطنين الإسرائيليين. و تضررت قدرات حماس العسكرية بشكل كبير جراء الحملة العسكرية لإسرائيل، حيث تزعم الحكومة الإسرائيلية أن قوات الدفاع الإسرائيلية قتلت أكثر من 17،000 مقاتل من حماس من مجموع يتراوح ما بين 25،000 او 35،000. وكانت إسرائيل أيضًا مركزة بشكلٍ كبير على مطاردة قادة حماس، سعيًا إلى ضربة قاطعة تقضي على التهديد الذي تمثله المجموعة.
 تستطيع استراتيجية "قطع الرأس" -أو هزيمة مجموعة مسلحة عبر إزاحة قيادتها- أن تكون ناجحة. ومن خلال دراسة مسارات 457 حملة إرهابية ومنظمات، على مدى مائة عام، وجدت أن المجموعات التي انتهت عبر هذه الاستراتيجية عادة ما تكون صغيرة الحجم، ذات هيكلية تسلسلية، وتمتاز بثقافة تركيز على شخصية الزعيم. وغالبًا ما تكون هذه المجموعات تفتقر إلى خطة واضحة للخلافة قابلة للتطبيق، في المتوسط، تكون قد عملت لأقل من عشر سنوات. و من الممكن أن تعيد المجموعات ذات التاريخ الطويل والشبكات الواسعة تنظيم أنفسها والبقاء على قيد الحياة.
لهذا السبب، كما كتبت في وقت سابق هذا العام في مجلة "فورين أفيرز"، فإن حماس ليست مرشحًا جيدًا لاستراتيجية "قطع الرأس". إنها منظمة ذات شبكة واسعة بشكل كبير ولها أجندة سياسية متطرفة تعتمد على الدعم الدولي وتلعب بوعي أمام الجمهور الدولي. كما أنها مجموعة راسخة، يزيد عمرها عن 40 عامًا، وتحتفظ بمكاتب خارج قطاع غزة ستساعدها على البقاء. كما تتمتع بدعم كبير من إيران، ولم تنتهِ أي مجموعة إرهابية مدعومة من قبل الدولة فقط لأن زعيمها توفي. ببساطة، قتلت إسرائيل زعيم حماس في غزة، ولكن من المحتمل أن تبقى المجموعة وأجندتها السياسية على قيد الحياة.

• كيف تستمر حماس:
إذا كانت حماس عرضة لاستراتيجية "قطع الرأس"، فمن المحتمل أنها كانت قد هُزمت بالفعل.
 منذ عقود، تقوم إسرائيل باغتيال قادة حماسء بدءًا من اغتيال "يحيى عياش" صانع القنابل (عام 1996)، ومؤسس المجموعة "أحمد ياسين" (عام 2004)، وخليفته "عبد العزيز الرنتيسي" (أيضًا في عام 2004)، وصولًا إلى الاغتيالات الأكثر حداثة هذا العام لـ "صالح العروي"، و"مروان عيسى"، و"إسماعيل هنية"، و"محمد الضيف"، و آخرين. ومع ذلك، لم تستسلم المجموعة لهذا النهج على مر العقود منذ تأسيسها في عام 1987، ولن تفعل ذلك الآن. فحماس تعتبر متمرسة تمامًا في عملية الخلافة، وكان النمط المتكرر هو أن الخليفة يثبت بأنه أكثر تطرفًا وخطورة من الهدف الأصلي.
و قتل العديد من قادة حماس في العام الماضي زاد من مكانة السنوار داخل المجموعة وزاد من سلطته، و قد كانت ضربة خطيرة حقًا للمجموعة عندما توفي. وأحد الجوانب المثيرة للاهتمام في هذا القتل هو أن السنوار لقي حتفه في اشتباكٍ روتيني، وليس في عملية قتل مستهدفة، وهو الأمر الذي سيعزز صورته كمقاتل استشهد ومات إلى جانب قواته. يبدو أن الأخ الأصغر للسنوار، محمد، على استعداد لتولي دوره، وسيستفيد من مكانة أخيه الشهيرة.
لا أحد يتفوق على الإسرائيليين في عمليات القتل المستهدف، لكن السؤال الرئيسي هو ما إذا كانت حكومة نتنياهو لديها خطة سياسية للتخفيف من التهديد الذي سيشكله الجيل القادم من قادة حماس؟
 قبل إطلاق سراحه في عملية مبادلة رهائن بسجناء في عام 2011، أمضى السنوار 23 عامًا في سجن إسرائيلي، ينمي ثأرًا مريرًا ضد آسريه، والذي بدأه عندما كان العقل المدبر لهجمات 7 أكتوبر/ تشرين الأول. و كم عدد السنوارات المستقبليين الذين دفنوا والديهم أو إخوتهم أو أطفالهم في غزة؟  وكم عدد الجياع والمشردين في غزة، الذين يفتقرون إلى فرص العمل أو آفاق المستقبل خارج شبكات حماس، الذين تستهلكهم الآن الرغبة في الانتقام؟
مصدر قوة حماس يكمن في روايتها التي تقاوم ببسالة العدوان الإسرائيلي وتمثل بصدق مصالح الشعب الفلسطيني. تلك الرواية خاطفة للأنظار، لكن رؤية حماس لإسرائيل تكتسح أرضًا في جميع أنحاء العالم وتقلص الدعم السياسي للبلاد، بما في ذلك بين الناخبين الأصغر سنًا في الولايات المتحدة، الحليف الأقرب لإسرائيل. و وفقًا لاستطلاع رأي جالوب الأخير، يمتلك المزيد من الأمريكيين آراءً سلبية بدلاً من كونها إيجابية تجاه حكومة نتنياهو والحملة الإسرائيلية في غزة. و اغتيال القادة ليس حلا فعالًا لمشكلة أساسية سياسية واستراتيجية.
ومع ذلك، يمكن أن تمثل وفاة السنوار فرصة حاسمة لتغيير الانحدار السلبي الحالي في المنطقة. 
و على الرغم من الجهود الدبلوماسية المتعنتة من الولايات المتحدة وقطر ومصر، إلا أن الوضع يتصاعد إلى الحرب الإقليمية التي كانت الدبلوماسية مصممة لتجنبها. و كان يحيى السنوار يرغب في مواصلة الحرب وكان عقبة رئيسية أمام أي اتفاق لإنهائها. و قد يؤدي اغتياله إلى نتيجة سياسية مرغوبة في حال اقتنعت حكومة نتنياهو بالعثور على حل سياسي لحرب إسرائيل وحماس، التي تزيد من عدم الاستقرار الإقليمي. و سيعني ذلك السعي بحزم نحو اتفاق في غزة يؤدي إلى عودة الرهائن الإسرائيليين 101 (سواء كانوا على قيد الحياة أو متوفين) وتقديم مساعدات إنسانية قوية للمدنيين في غزة، الذين يعانون من البيوت المدمرة والجوع ومواجهة الموت.
و في الوقت الحالي يتمثل التحدي حول أنه لا يوجد أحد معهم للتفاوض على وقف إطلاق النار. و من خلال قتل السنوار، ربما لم تفشل إسرائيل في هزيمة حماس و حسب، بل زادت من احتمالية عدم وجود خيار أمامها سوى الاستمرار في حربها المدمرة التي لا هدف لها من الناحية الاستراتيجية في غزة، وهو الصراع الذي سيؤدي على المدى الطويل إلى تغذية العداء بين الفلسطينيين. الفلسطينيون الذين استغلهم السنوار، وسيستغلهم من سيتبعونه أيضًا.


التعليقات