تحليل: هل تعتبر اليمن فشلا آخر بعد أفغانستان في "حرب الإرهاب" الأمريكية؟
يمن فيوتشر - First post - ترجمة: ناهد عبدالعليم الخميس, 12 سبتمبر, 2024 - 08:00 مساءً
تحليل: هل تعتبر اليمن فشلا آخر بعد أفغانستان في

قبل 23 عامًا، تغير العالم إلى الأبد بعدة طرق، و بشكلٍ أعمق في معركته ضد الإرهاب. فبعد تعرض الولايات المتحدة الأمريكية لهجمات من قبل تنظيم القاعدة في عدة مواقع بما في ذلك مركز التجارة العالمي في نيويورك، شنت حربها على الإرهاب، وشكلت تحالفات عسكرية مع حلفائها.

و في حين أن أفغانستان هي الحالة الأكثر شهرة، فإن حرب الولايات المتحدة ضد الإرهاب في اليمن ظلت إلى حد كبير تحت الأضواء الخافتة قليلاً. ومع ذلك، فقد كانت الولايات المتحدة تقاتل ضد قوى الميليشيات في اليمن منذ عام 2002، ومع ذلك، يسيطر الحوثيون في اليمن على جزء واسع منها ويؤثرون أيضًا على الملاحة في البحر الأحمر. و في أفغانستان، حيث سلمت الولايات المتحدة زمام السلطة مجددًا لطالبان بعد 20 عامًا. 

لكن في اليمن، يبدو أن الأمر كان أكثر تعقيدًا من أي بلد آخر.

زعم الحوثيون في اليمن، الأحد، أنهم أسقطوا طائرة مُسيّرة من طراز إم كيو-9 صنعت في أمريكا والتي قالوا إنها كانت تحلق فوق البلاد. و لم يكن هذا أول إسقاط لطائرة أمريكية ذات تكنولوجيا عالية. ولكن إسقاط طائرة المراقبة هذا والتي تكلف ملايين الدولارات كان بيانًا من قبل المجموعة الشيعية المدعومة من إيران بأن الحوثيين ما زالوا يمتلكون النفوذ في جنوب اليمن والأهم من ذلك، في البحر الأحمر.

قبل إسقاط الطائرة الأمريكية، هاجم الحوثيون سفينة أمجاد السعودية وسفينة بلو لاجون 1 بعلم بنما هذا الشهر. و في المجمل، هاجموا أكثر من 80 سفينة في البحر الأحمر منذ بدء الحرب في غزة في أكتوبر/ تشرين الأول 2023. و على الرغم من التحذيرات والهجمات، أعلن الحوثيون أن الهجمات ستستمر حتى تقوم إسرائيل بإنهاء حربها على غزة.

و باعتبارها تطمح إلى أن تكون القوة السياسية الوحيدة في اليمن، فإن حملة الحوثيين منذ حرب إسرائيل وحماس (جماعة أخرى مدعومة من إيران) قد قامت بالحد من نشاط الشحن عبر البحر الأحمر -واحدة من أكثر طرق البحر ازدحامًا في السابق- بنسبة تقدر بنحو 90%. وهذا في الوقت الذي نشرت فيه الولايات المتحدة حاملتي طائرات في المنطقة.

وقد شنت الولايات المتحدة غارات جوية على الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون بعد كل هجوم ولكن هذا الأمر مستمر منذ سنوات. حيث نفذت ما يقرب من 400 هجوم في اليمن منذ عام 2002. شملت هذه الهجمات غارات القوات الخاصة وهجمات الطائرات المُسيّرة المستهدفة وهجمات الصواريخ البالستية والغارات الجوية التقليدية.

و كانت بعض الهجمات مثيرة للجدل، مثل هجوم القوات الخاصة في عام 2017. وقد قتل عدد من اليمنيين بما في ذلك النساء والأطفال بحسب التقارير من قبل البحرية الأمريكية SEALS. وبقت الضربات الأمريكية مستمرة حتى الأسبوع الماضي.

 

• لماذا إسقاط طائرة إم كيو-9 مهمة؟

لم تكن هذا هي المرة الأولى التي يسقط فيها الحوثيون طائرة إم كيو-9 ريبر من شركة جنرال أتوميكس. فقد فعلوا ذلك مرارًا وتكرارًا منذ عام 2014، عندما استولوا على العاصمة اليمنية، صنعاء.

و يُقال أن تكلفة ريبرز تبلغ حوالي 30 مليون دولار. 

وقد تم استخدامها بانتظام من قبل الجيش الأمريكي ووكالة المخابرات المركزية (CIA) لقدرتها على الطيران على ارتفاعات تزيد عن 15,000 متر لمدة تصل إلى 24 ساعة دون الحاجة إلى هبوط. و إسقاطها من قبل الحوثيين يظهر أنهم لا يخافون من إثارة الولايات المتحدة مباشرة حتى وهم تستفز إسرائيل.

و هذا أيضًا يبين بأن دعم إيران لم يتزعزع رغم التوتر المتزايد مع إسرائيل وعلامات التهدئة في العلاقة مع إيران، مع جهود لإعادة جلسات المحادثات النووية إلى الاتجاه الصحيح.

وتزايدت هجمات الحوثيين بشكل حاد منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، مع تركيز خاص على مضيق البحر الأحمر. و زاد الأمريكان من شدة ضرباتهم ضد أهداف الحوثيين منذ يناير/ كانون الثاني. ومع ذلك، لا يبدو أن الردع قد أضعف دافع الجماعة في اليمن.

 

• قصة اليمن:

لقد شهدت اليمن تاريخًا حديثًا دمويًا مع الحروب الأهلية قبل إعادة توحيد شمال اليمن وجنوبه في أوائل التسعينيات، حيث أصبح (علي عبد الله صالح) من شمال اليمن رئيسًا لجمهورية اليمن. 

في عام 2006 قام زعيم جماعة الحوثيين (حسين بدر الدين الحوثي) بتنشيط مجموعات ميليشيا ردًا على اتفاق صالح الحدودي مع السعودية الذي ابرم في عام 2000. فقام الحوثي بإطلاق حرب ضد الحكومة اليمنية في عام 2004، و أصبحت قواته تعرف باسم الحوثيين، وأصبحت تعرف لاحقا باسم أنصار الله.

و حدث تحول رئيسي آخر في أعقاب الربيع العربي في عام 2011. حيث تم إجبار صالح على الاستقالة والفرار، و تولى نائبه (عبدربه منصور هادي) السلطة في اليمن، لكن الحوثيين استمروا في حربهم ضد حكومة اليمن، وفي عام 2014، سيطروا على عاصمتها صنعاء.

 

• تغيير في الاستراتيجية:

لسنوات، حافظت الولايات المتحدة على البقاء بعيدة عن الأضواء أثناء إطلاق حليفتها السعودية حرب تحالف ضد الحوثيين. و في ذلك الوقت، قالت السعودية إن الحرب ضد الحوثيين ستنتهي في غضون بضعة أسابيع. وقد مرت 10 سنوات وكانت النتيجة تحول الحوثيون إلى جماعة أقوى، بالطبع بالتعاون مع منافس السعودية إيران.

وقد قدمت الولايات المتحدة أسلحة وتدريب قتالي، و"دعم لوجستي واستخباراتي" لتحالف عسكري بقيادة السعودية. و يعتبر هذا الدعم للحفاظ على الرئيس اليمني هادي في السلطة.

و في وقت لاحق، قامت الولايات المتحدة بتغيير استراتيجيتها. خلال رئاسة (دونالد ترامب)، حيث قامت الولايات المتحدة بتجميد مساعدات إنسانية بقيمة 73 مليون دولار لليمن، خشية من أن يستولي الحوثيون على المساعدات ويعززون موقعهم بشكل أكبر. و تغير هذا النهج العدائي بعد أن أصبح (جو بايدن) رئيسًا للولايات المتحدة.

وقام بايدن بإلغاء تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية في فبراير/ شباط2021. و في وقت لاحق، قامت الولايات المتحدة أيضًا بإزالة أنظمة الدفاع الصاروخي المتقدمة من السعودية. كما أن إدارته أنهت دعم العمليات الهجومية للتحالف بقيادة السعودية في الصراع، وعينت (تيموثي ليندركينغ) سفيرًا خاصًا لليمن ودعمت عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة، بتأكيد للسعودية بشأن الدفاع عن أراضيها. و كان الهدف هو ضمان الاستقرار الإقليمي ومنع انتشار الحرب الأهلية اليمنية إلى دول أخرى.

و قد شهدت هذه الجهود نتائج إيجابية حيث وافق الحوثيون على اتفاق وقف إطلاق نار في أبريل/ نيسان 2022، و تم توسيطه بواسطة الأمم المتحدة. و انتهى الاتفاق في أكتوبر/ تشرين الأول 2022 ولكن العداء لم يتصاعد، وخلال معظم عام 2023، ظهرت الصين كوسيط. و جرت عدة جولات من المحادثات السلامية بين الحوثيين والسعودية. و لأول مرة، سافر وفد حوثي إلى السعودية. ولكن كل شيء تغير مع هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

 

• الوضع يزداد سوءًا، وتتصاعد المواجهة من جديد:

بعد أن شنت إسرائيل هجومًا تصاعديًا في غزة، انسحب الحوثيون من عمليات السلام وبدأوا في استهداف السفن المارة عبر البحر الأحمر اعتبارًا من نوڤمبر/ تشرين الثاني 2023. وبحلول يناير/ كانون الثاني 2024، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بيانًا يضع الحوثيين مرة أخرى في قائمة المنظمات الإرهابية الخارجية (FTO).

و جاءت إجراءات الولايات المتحدة نتيجة لـ "الهجمات غير المسبوقة التي شنها الحوثيون ضد السفن البحرية الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن القوات العسكرية المتمركزة في المنطقة للدفاع عن سلامة وأمان الشحن التجاري".

وقالت الولايات المتحدة: "يجب أن يتحمل الحوثيون مسؤولية أفعالهم، ولكن لا ينبغي أن يكون على حساب المدنيين اليمنيين".

وأضافت: "إذا توقف الحوثيون عن هجماتهم في البحر الأحمر وخليج عدن، ستعيد الولايات المتحدة تقييم هذا التصنيف".

و مع ذلك، يقول الحوثيون إنهم سيستمرون في "أداء واجباتهم الجهادية نصرة للشعب الفلسطيني المظلوم ودفاعًا عن اليمن العزيز". 

كما يقولون إن الهجمات لن تتوقف إلا بعد إعلان إسرائيل لوقف إطلاق النار في غزة. وقد فشلت كل محاولة من الولايات المتحدة في التوصل إلى اتفاق وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس.

و يستمر الحوثيون في الهجمات وتستمر الولايات المتحدة في الرد، دون أن يحقق أي من الطرفين انتصارًا أو أن يستسلم أحدهما للقوة الأخرى.


التعليقات