تحليل: خمسة دروس من أزمة إنقاذ سونيون في البحر الأحمر
يمن فيوتشر - معهد واشنطن- ترجمة: ناهد عبدالعليم السبت, 31 أغسطس, 2024 - 11:21 صباحاً
تحليل: خمسة دروس من أزمة إنقاذ سونيون في البحر الأحمر

في 21 أغسطس/ آب، شنت قوات الحوثي في اليمن هجماتٍ متعددة ضد ناقلة النفط الخام "سونيون" التي تحمل علم اليونان في البحر الأحمر الجنوبي. و اجبر القصف الطاقم على التخلي عن السفينة المحملة بنحو 900،000 برميل من النفط الخام العراقي، واندلعت النيران على السطح لعدة أيام، بحسب التقارير التي تشير إلى أنها ناجمة عن متفجرات زُرِعت خلال عملية اقتحام حوثية. و لتجنب كارثة بيئية، يجب سحب السفينة بعيدًا عن موقعها الحالي عالي الخطر ونقلها إلى ميناءٍ آمن، وإلا فإنها قد تسبب تسربًا نفطيًا كارثيًا يؤثر على منطقة البحر الأحمر بأسره وما حولها، ملوثًا المياه التي تستخدمها صناعة الصيد وحياة البحر ومحطات تحلية المياه، مما يتسبب في مزيد من الاضطرابات لحركة الملاحة البحرية العالمية.
و حتى تاريخ كتابة هذا النص، تشير تقارير القوات البحرية الأوروبية أسبيدس (EU NAVFOR) إلى أنه لم يتم اكتشاف أي تسرب للنفط (على عكس بعض التقارير الإعلامية) وأن السفينة لم تعد تنجرف. و بالنسبة للحوثيين، يبدو أنهم وافقوا على السماح بعملية سحب وإنقاذ. ومع ذلك، يجب أن لا تُفسر هذه التقارير على أنها إشارات إلى أن السفينة المتضررة خارجة من خطرها، أو أن الحوثيين سيتوقفون عن مهاجمة ناقلات النفط المحملة الآن بعد رؤيتهم للمخاطر البيئية على اليمن مباشرة. و في الواقع، تحمل حادثة سونيون العديد من الدروس الفورية للولايات المتحدة والجهات الأخرى وهم يسعون للعثور على أفضل وسيلة لتأمين السفينة و بسرعة، ومنع تسرب كارثي، وحل أزمة البحر الأحمر بشكل أوسع:

1• تجنب تأخير عمليات الإنقاذ ومنح استثناءات من العقوبات:
 كانت إجراءات عمليات الإنقاذ خلال حملة الهجمات التي استمرت لأشهر من قبل الحوثيين في البحر الأحمر بمثابة تحدي، و حادث سونيون لن يكون استثناءً. و قد تكون مهمة العثور على قاطرات مناسبة والموجودة بالقرب من المنطقة والمستعدة للعمل في بيئة مثل هذه الخطورة صعبة، وقد تنشأ تأخيرات إضافية إذا قام المنقذون بتأجير قوارب تخضع لعقوبات أمريكية. وقد ذُكر أن هذا كان الحال في عمليتي إنقاذ مؤخرتين في البحر الأحمر وخليج عدن، الأولى منهما اضطرت للتخلي عن العملية الأولى عندما انتهت السفينة بالغرق. و في كل حالة، كانت القوارب المختارة مرتبطة بشركة مقرها الإمارات والتي شاركت في "صفقة كبيرة لنقل المنتجات البتروكيماوية من إيران". 
ويُفترض أن تكون هذه القوارب نفسها تُستأجر لسحب سونيون؛ إذا كان الأمر كذلك، كما يجب على واشنطن منح استثناءات فورية لاستخدامها، حيث أن التأخيرات الإضافية لن تزيد إلا من خطر تعرض هيكلية الناقلة للخطر.

2• الاستعداد للتحديات التقنية وتأمين القوات:
 واجهت عمليات السحب المتعلقة بالحوادث البحرية السابقة التي نفذها الحوثيون تعثرات بسبب مشاكل تقنية وتدخلات من الحوثيين. و سيتعين التعامل مع أية مشاكل من هذا النوع بسرعة في الحالة الحالية نظرًا لاحتمال وقوع تسرب نفط رئيسي. و على الرغم من عدم وضوح معالم وتوقيت عملية إنقاذ سونيون حتى الآن، ستحتاج القوات البحرية (وخاصة تلك المنتمية لأسبيدس) إلى البقاء بالقرب من الناقلة لمنع الحوثيين من التدخل في العملية. حيث أظهرت التجربة أن المجموعة مستعدة للتدخل في جهود الإنقاذ إذا استطاعت تحويل الوضع إلى وسيلة تفاوض سياسية، كما حدث بشكل بارز خلال المهمة الطويلة لتفريغ FSO Safer، السفينة القديمة التي بقيت في حالة تعليق لسنوات على الرغم من مخاطر الكارثة البيئية. لذا، يجب على جميع أصحاب المصلحة الضغط على المجموعة (بما في ذلك من خلال الدبلوماسية) حتى يتم تفادي سيناريو سونيون الأسوأ بشكل قاطع.

3• منع الحوثيين من العودة إلى نفس الموقع:
كما ذُكر أعلاه، عادت جماعة الحوثيين على ما يبدو إلى سونيون وزرعوا متفجرات في الأيام بعد هجماتهم الأولية، مما أدى إلى اندلاع الحرائق التي لا تزال تشتعل حتى تاريخ كتابة هذا النص، (يُقال أن الهجمات الأولية تضمنت مقذوفات غير معروفة وجهاز سطحي مُسيّر). و إذا كانت هذه التقارير صحيحة، فإن ذلك سيتماشى مع تكتيك المجموعة المعروف بالعودة إلى السفن المتضررة بمجرد التخلي عنها لتوجيه المزيد من الضرر. وقد حدث ذلك عندما تعرضت سفينة الحمولة الجافة Tutor  لهجوم في 12 يونيو/ حزيران. و بعد أن أصابت الجماعة السفينة على الأقل مرتين، تُركت تطفو وتُركت دون ركاب؛ ثم عادوا لهجوم نهائي أدى إلى غرقها. 
و في المستقبل، يجب على القوات الأمريكية والأوروبية أن تكون مستعدة لتقديم الحماية الفورية لأي سفن تعاني من الانجراف أو تضرر شديد ومحملة ببضائع خطرة، وبذلك يتم منع الحوثيين من العودة للصعود على متنها وشن هجوم عليها أو إغراقها.

4• مواجهة النزعة الحوثية:
نظرًا لسجلهم حتى الآن، من المحتمل أن يستخدم الحوثيون مختلف وسائل الإعلام -بما في ذلك قنوات التواصل الاجتماعي الفعالة التابعة لهم- للادعاء بأنهم وافقوا على عملية سحب سونيون من أجل الإنسانية والقلق البيئي. ومع ذلك، فإن المجموعة قد هددت مرارًا وهاجمت، وحتى قامت بإغراق سفن تحمل بضائع خطرة، دون أي قلق ظاهري للتأثير الإنساني المحلي في اليمن أو في أماكن أخرى. فعلى سبيل المثال، في فبراير/ شباط، شنت غارات صاروخية على سفينة الحمولة العامة روبيمار، التي غرقت بعد أسبوعين. و عندما غرقت السفينة، كانت تحمل ما يقرب من 22,000 طن متري من سماد فوسفات الأمونيوم-كبريتات و280 طن متري من الوقود الثقيل والديزل البحري. و في يونيو/ حزيران، وسط مخاوف من تسرب تلوثي من هذه البضائع الغارقة، طلبت منظمة الأمن البحري الدولية "تقديم معدات استجابة لتلوث النفط"، مشيرة إلى أن اليمن ليس مجهزًا للتعامل بمثل هذه الكارثة بمفرده.
و في حال حاول الحوثيون فعليًا تحويل حادث سونيون إلى "انتصار" إنساني، ينبغي على الولايات المتحدة وشركاؤها مواجهتهم بحملات إعلامية متعددة الوسائط تظهر كيف أن الحوثيين كانوا يعرضون شعبهم والمنطقة الأوسع في البحر الأحمر للخطر، فقد بدأت قيادة القيادة الوسطى الأمريكية باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتعليق على هجمات الحوثيين. كما ينبغي توسيع هذه الجهود لتسليط الضوء على جميع السفن التي قامت المجموعة بتدميرها بشكل شديد منذ نوڤمبر/ تشرين الثاني تضامنًا مع حرب غزة، ومن بينها روبيمار، التي كانت مرتبطة بشركة مقرها لبنان وليس لها صلات بإسرائيل أو الولايات المتحدة أو الشريك البريطاني.
كما ينبغي أيضًا على واشنطن إعادة التأكيد على مدى تعطيل مثل هذه الهجمات للتجارة الإقليمية، بما في ذلك مع البلدان التي تدعم فيها مجموعات مسلحة مدعومة من إيران. و العراق يعد مثال بارز، مثل سونيون، حيث كانت سفينتان تعرضتا للهجوم هذا الشهر تحملان شحنات محملة في ميناء البصرة النفطي في جنوب العراق ومتجهة إلى أوروبا، وفقًا لبيانات من Kpler وMarineTraffic. و حتى إيران، أكبر داعم للمجموعة، لم تسلم من مثل هذه الحوادث، ففي نهاية مايو/ آيار، هاجم الحوثيون سفينة حمولة جافة في البحر الأحمر الجنوبي كانت وجهتها النهائية جمهورية إيران الإسلامية.

5•  النظر في توفير مرافقة للسفن المرتبطة بإسرائيل:
 يركز الحوثيون حاليًا على مهاجمة السفن ذات أي صلة بإسرائيل، بما في ذلك السفن حتى التي لا تزور إسرائيل بنفسها ولكنها تملكها أو تديرها كيانات تملك سفنًا أخرى تتوقف في موانئ إسرائيلية. و من هذا المنظور، كانت سونيون هدفًا مغريًا بشكل خاص. إذ إنها مرتبطة بشركة دلتا تانكرز المقرّة في اليونان، و التي تعرضت لهجومين آخرين في وقت سابق من هذا الشهر: ضد Delta Blue  و Delta Atlantica أثناء إبحارهما في البحر الأحمر محملتين بشحنات نفط عراقي متجهتين إلى مصفاة في اليونان، وفقًا لبيانات من Kpler. وأشارت بيانات الحوثيين حول هجوم سونيون إلى أن السفينة تنتمي إلى شركة "لها علاقات" مع إسرائيل والسفن التي تتوقف في موانئ إسرائيل.
و على الرغم من أنه لا يمكن إجبار السفن التجارية على طلب مرافقة بحرية، إلا أنه ينبغي مطالبة السفن المعرضة بشكل خاص للهجوم بالتفكير بجدية في هذا الخيار. فعلى سبيل المثال، يمكن للبعثات البحرية العاملة في المنطقة إضافة لغة حول أهمية المرافقة في بيانات التوجيه المنتظمة التي تصدرها للسفن التجارية في المنطقة، خاصة أثناء انتظار سفينة سونيون للإنقاذ. ويجب أن تشير هذه التصريحات أيضًا إلى أن إيقاف تشغيل نظام التعرف الآلي على السفينة لا يضمن أنها ستكون محمية من هجمات الحوثيين. 


التعليقات