تحليل: ماذا يعني تشكيل الحوثيين حكومة جديدة؟
يمن فيوتشر - العربي الجديد- ترجمة ناهد عبدالعليم: الاربعاء, 21 أغسطس, 2024 - 09:17 مساءً
تحليل: ماذا يعني تشكيل الحوثيين حكومة جديدة؟

بعد ثماني سنوات في السلطة، شُكلت الحكومة التي يقودها الحوثيون في صنعاء، والتي لا تعترف بها الأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، ضمن مرحلة جديدة في الأولويات.
وعيّن رئيس المجلس السياسي الأعلى الحوثي (مهدي المشاط) رئيسًا جديدًا للوزراء (أحمد الراهوي)، وكلفه بتشكيل حكومة.
وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إعادة تشكيل الحكومة في صنعاء منذ عام 2016، عندما اتفق الحوثيون والرئيس السابق (علي عبد الله صالح) على تشكيل حكومة شراكة تضم 31 وزيرًا.
وتتكون الحكومة الجديدة من 19 وزيراً، أطلقت عليها قيادة الحوثيين اسم حكومة التغيير والبناء.
ويُعتبر التشكيل الحكومي جزءًا من رؤية الحوثيين الجديدة للحكم والاستراتيجية العسكرية، والتي تهدف إلى مواجهة التحديات المختلفة، بما في ذلك حرب الجماعة مع القوات الدولية واحتمال اندلاع الأعمال العدائية مع جماعات المعارضة المحلية.

 

• أولويات جديدة:
في اجتماعها الأول، 15 أغسطس/آب، قالت الحكومة الجديدة في صنعاء إن أهم أولوياتها ستكون "تحسين الخدمات العامة" و"مواجهة العدوان على اليمن على المستويات الاقتصادية والعسكرية والسياسية".
وتم الإعلان عن الحكومة الجديدة التي تتخذ من صنعاء مقرًا لها، في وقت تتورط فيه جماعة الحوثي في تبادل الهجمات مع القوات الغربية في البحر الأحمر، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا. وبالتالي، يمكن اعتبار التشكيل جُزءًا من استعدادات الجماعة لحربٍ طويلة مع القِوى المحلية والخارجية وسط معركة مستمرة في البحر الأحمر.
ومنذ يناير/كانون الثاني هذا العام، قصفت القوات الأمريكية والبريطانية عديد مواقع في المحافظات التي يسيطر عليها الحوثيون، ما أسفر عن مقتل 73 شخصًا وإصابة 171 آخرين، وفقًا لرئيس حركة الحوثيين (عبد الملك الحوثي).
وتشكل العمليات الجوية الأمريكية البريطانية جزءًا من الرد الغربي على هجمات الحوثيين على ممرات الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن، والتي تقول الجماعة إنها تهدف إلى الضغط على إسرائيل لإنهاء حربها على غزة.
في خطابه، 15 أغسطس/ آب، قال رئيس الوزراء الجديد (أحمد الرهوي) إن إعادة هيكلة الحكومة هي الخطوة الأولى نحو الإصلاحات، مضيفًا، أن "التغيير الناجح يتطلب التعاون بين الشعب والحكومة، خاصة في ظل الظروف المعقدة والحرب الشاملة التي تستهدف البلاد".

 

• احتمال تجدد الحرب:
وتستعد جميع أطراف النزاع في اليمن، جماعة الحوثي في الشمال والحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة في الجنوب، للحرب، ومن المرجح أن تكون الحكومة الجديدة في صنعاء جزءًا من الاستعدادات لجولة جديدة محتملة من الصراع.
ولدى سلطات الأمر الواقع في الوقت الراهن بصنعاء طموحات، بما في ذلك خروج جميع القوات الأجنبية من اليمن، والاستيلاء على موارد النفط والغاز، والحصول على اعتراف المنطقة والعالم، ما يدفعها أكثر نحو الحرب.
وحذّر المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن (هانز غروندبرغ) من تجدد القتال في اليمن.
وقال لمجلس الأمن الأسبوع الماضي: "ما زلنا نشهد استعدادات وتعزيزات عسكرية مصحوبة بتهديدات مستمرة بالعودة إلى الحرب، ما يعتبر بمثابة تذكير صارخ بمدى تقلب الوضع على طول الخطوط الأمامية اليمنية".
وقال مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة السفير (عبدالله السعدي)، الأسبوع الماضي، إن جماعة الحوثي تصر على إطالة أمد الصراع، الأمر الذي لن يؤدي إلا إلى تفاقم المعاناة الإنسانية وزيادة إفشال جهود السلام الإقليمية والدولية.
ودعا مجلس الأمن والمجتمع الدولي إلى "تحمل مسؤولياتهم في الضغط على الحوثيين"؛ حتى لا يجر اليمن وشعبه من حرب إلى أخرى.

 

• ردود فعلٍ متضاربة:
عندما استولت جماعة الحوثي على صنعاء، سبتمبر/أيلول 2014، لم يتوقع أحد أنها ستحكم اليمن لسنوات قادمة، قبل أن يصبح لدى اليمن الشمالي، اليوم، حكومة جديدة، تم اختيار أعضائها بناءً على موافقة قيادة الحوثيين.
ومع هذه الحكومة الجديدة، أعرب المدنيون في اليمن عن ردود فعل متضاربة.
يقول (بشير، 35 عامًا) وهو موظف في مصلحة الجمارك بصنعاء، إن الحكومة الجديدة ستطرح أفكارًا وبرامج مختلفة تساعد في تحسين الظروف المعيشية للناس وتخفيف البيروقراطية في الدوائر الحكومية.
وقال لـ TNA: "إن قيادة الحوثيين جادة بشأن التغيير والإصلاحات. وتريد أن تثبت للجمهور أنها قادرة على حل العديد من القضايا للتخفيف من معاناة المدنيين"، مبديًا تفاؤله بشأن تشكيل الحكومة الجديدة".
ومع ذلك، ثمة آخرون أقل إيجابية، إذ قال (عبد الله علي)، وهو مدرس حكومي في صنعاء، إن بؤس السكان في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون سيستمر سواء تمت إعادة هيكلة الحكومة أم لا.
ووفقًا للأمم المتحدة، فإن حوالي نصف سكان البلاد - أو 18.2 مليون شخص - يحتاجون إلى مساعدات إنسانية هذا العام.

"تخصص الحكومة في صنعاء الجزء الأكبر من الموارد للعمليات العسكرية، مع إيلاء القليل من الاهتمام للقطاعات الأخرى، مثل الصحة والتعليم. وملايين الأشخاص يعانون من الجوع والمرضى والأُميين. كما يعاني الناس هنا من بؤس متعدد الأوجه. نحن المدنيون اليمنيون بحاجة إلى أن تعالج الحكومة الجديدة في صنعاء قضية الرواتب غير المدفوعة للموظفين العموميين وتحسين خدمات الصحة والتعليم والكهرباء"، قال علي لـ"نيو عرب".
ووفقًا لمعلم المدرسة، فإن الحكومة التي تتخذ من صنعاء مقرًا لها لا تعطي الأولوية لهذه القضايا، لأن همها الأساسي هو تحقيق مكاسب على الخطوط الأمامية وتكثيف عملياتها العسكرية.
أضاف علي، "لا نريد أن تستمر هذه الحكومة في وعظنا بأهمية قتال القوات الأمريكية في البحر الأحمر، نحن نعرف عن العدوان الأمريكي في اليمن. ما نحتاج إليه هو برامج عملية للمساعدة في تخفيف محنتنا الإنسانية والاقتصادية".


التعليقات