تحقيق: ذبح عشوائي...خطر يهدد صحة المستهلكين بالأردن
يمن فيوتشر - أريج_ ندى شحادة الخميس, 08 أغسطس, 2024 - 09:53 صباحاً
تحقيق: ذبح عشوائي...خطر يهدد صحة المستهلكين بالأردن

يوثق التحقيق ضعف الرقابة على المسالخ المخصصة لذبح الحيوانات في الأردن؛ نتيجة نقص عدد الأطباء البيطريين، وتهرب بعض أصحاب المزارع من المعاينة البيطرية، خاصة خارج حدود محافظة العاصمة، ما يؤدي إلى انتشار "الذبح العشوائي"، الذي يعرض صحة وحياة المستهلكين للخطر.

 

لم تمضِ سوى ساعات قليلة، بعد تناول عصام وزوجته منتجات حيوانية من أحد الباعة الجائلين، حتى شعرا بألم شديد في المفاصل والعضلات، صاحبه شعور عام بالتعب والوهن. يروي عصام عبدالله، البالغ من العمر 46 عاماً، تفاصيل هذه الوجبة: "بدأت معاناتنا عندما اشتريت من أحد الباعة المتجولين حليباً وجبنة حيوانية بسعر رخيص، من دون أن نتوقع ما ستؤول إليه الأمور".

أدرك الزوجان أن خطباً ما قد حدث؛ خاصة مع تشابه الأعراض بينهما، فبادرا إلى إجراء الفحوصات الطبية اللازمة. تبين بعدها إصابتهما بالحمى المالطية؛ وهي عدوى بكتيرية خطيرة تنتقل عن طريق تناول منتجات حيوانية ملوثة. يتذكر الزوجان جيداً أن آخر طعام مشترك لهما هو الحليب والجبن، اللذان اشتراهما عبد الله من البائع المتجول؛ الأمر الذي يتوافق مع تأكيد الطبيب المعالج بأن منتجات الألبان الملوثة هي مصدر العدوى.

لم تقتصر معاناة الزوجين على آلام المفاصل والعضلات فقط، بل فقدت الزوجة جنينها قبل بلوغه الشهر الثالث.

وبحسب الإحصاءات الصادرة عن وزارة الصحة الأردنية، فقد سُجلت 424 حالة تسمم عام 2021. ووفقاً للوزارة، فإن حالات كثيرة من التسمم تُعالج بالمنزل؛ ما يعني أن الأرقام المُعلنة غير دقيقة.

يوضح الدكتور أنس صبح، المختص في وزارة الصحة الأردنية، أن الحمى المالطية هي عدوى بكتيرية تسبّبها عدة أنواع من البروسيلا، وتنتج عنها حمّى وأعراض في جميع أجزاء الجسم، مضيفاً أن الإصابة بداء البروسيلات تحدث نتيجة مخالطة حيوانات مريضة، أو استهلاك منتجات ألبان أو لحوم ملوثة بالبكتيريا.

وفي أكثر من عشر جولات ميدانية في عمّان، رافقت فيها معدة التحقيق موظفي قسم الرقابة على المسالخ في أمانة عمان، وثقت خلالها مخالفة تلك المزارع لشروط الترخيص والسلامة، المتمثلة في عدم وجود طبيب بيطري واحد للكشف على الذبائح. وأقرت عدة جهات باختلال عمليات الرقابة وضعفها، بالإضافة إلى عدم تطبيق المعايير والشروط اللازمة، وانتشار ظاهرة الذبح العشوائي التي تؤدي إلى حالات تسمم ووفاة المستهلكين في الأردن.

الحاجة أمينة جابر، ضحية أخرى فقدت حياتها بعد تناول وجبة لحم ملوث. فجأة سقطت أرضاً فنُقلت إلى المستشفى على عجل. تقول ابنتها إيناس: "أخبرنا الأطباء أنها مصابة بالأكياس الكلابية".

كانت هذه المرة الأولى التي تسمع فيها إيناس عن هذا المرض، الذي ينتقل من خلال اللحم الملوث أو الورقات غير المغسولة جيداً، كما أخبرها الأطباء. انفجر أحد الاكياس داخل جسد الحاجة أمينة، ولم يتمكن أطباء المستشفى من إنقاذ حياتها.

وبحسب الأبحاث الطبية فإن مرض الأكياس الكلابية ينتقل عن طريق الكلاب في مناطق تربية الماشية، حيث تصاب به الأغنام والماعز عند أكل العشب الملوث بالبيض الموجود في براز الكلاب؛ ثم تنتقل هذه الأكياس عن طريق اللحوم، كالمشاوي، أو الكبد والكلاوي.

 

•جهاز فحص لا يُستخدم

مدير مسلخ أمانة عمان، الدكتور شادي العثمان، أكد أن المسلخ هو المكان الوحيد الآمن لذبح المواشي والدواجن، إذ يتمّ فحص الذبائح والأغنام والدواجن قبل وبعد الذبح، وفق اللوائح المنصوص عليها.

لكنّ العثمان يقول إن هذه الإجراءات لا تشمل أماكن الذبح العشوائي، التي تزداد خارج العاصمة. يضيف العثمان قائلاً: "هناك عدد هائل من الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان، ويلجأ البعض إلى الذبح العشوائي للهروب من المعاينة والإتلاف"، مشيراً إلى أن وزارتي الصحة والزراعة تمتلكان جهازاً لفحص متبقيات الأدوية البيطرية، وأن أيّ ذبيحة غير مختومة تُعد من الذبائح العشوائية.

ولم يصلنا رد من وزارة الزراعة حول الأسباب التي حالت دون استخدام جهاز فحص متبقيات الأدوية البيطرية، حتى تاريخ نشر التحقيق، رغم وجوده لدى الوزارة منذ عام 2015.

أمينة عام وزارة الزراعة السابقة، ابتهال الخريشة، أكدت أن معظم مزارع الأغنام غير مرخصة؛ لذا لا يوجد فيها طبيب مسؤول. وأشارت الخريشة إلى أن المرخص منها غير مصنف، ويحتاج إلى رقابة وتجديد معلومات الترخيص، كما أن الرقابة غير كافية، مؤكدة وجود تجاوزات داخل بعض المزارع.

وبحسب الخريشة، فإن هذه التجاوزات تتنوع ما بين استخدام الأدوية البيطرية بشكل عشوائي، وعدم وجود أطباء بيطريين في المزارع، إلى جانب عدم خضوع الماشية للتشخيص أو العلاج المناسب، رغم وجود رقابة من قبل لجان الوزارة على الصيدليات والعيادات البيطرية.

وذكرت أمينة عام وزارة الزراعة السابقة، ابتهال الخريشة، أن الوزارة بصدد تعديل تعليمات ترخيص المزارع، وشُكّلت لجنة لوضع التعليمات الجديدة؛ ومن ضمنها "الأمن الحيوي" لتقليل استخدام المضادات الحيوية والأدوية.

ووفقاً لوزارة الزراعة فإن هناك ألفاً و767 مزرعة دجاج، ومئة و50 مزرعة أغنام مرخصة؛ يُقابلها، حتى نشر هذا التحقيق، 48 مراقباً من الأطباء والمهندسين الزراعيين (إنتاج حيواني).

 

 

•قبل الذبح

أفادت دراسة لاختصاصية الأحياء الدقيقة، الدكتورة سلام الراميني، بأن إعطاء الأدوية البيطرية للدواجن يتمّ بشكل عشوائي، ومن دون مراعاة فترة الأمان قبل الذبح، وهي الفترة اللازمة لتخلص أجسام الحيوانات من المضادات الحيوية حتى لا تنتقل للإنسان.

تقول الراميني: "من خلال زياراتي لمزارع الدواجن في محافظات عديدة، وجدت أن المزارعين يضعون الأدوية البيطرية، وبخاصة المضادات الحيوية، في مياه الشرب للدواجن من دون أيّ ضوابط أو نسب محددة، ثمّ يتمّ توريدها إلى المسلخ لذبحها، من دون الانتباه لفترة الأمان اللازمة".

وتؤكد الدكتورة سلام الراميني إمكانية انتقال المضادات الحيوية من الدواجن إلى البيض، ثمّ إلى المستهلك، ما يعني في النهاية ضعفاً في مناعة مقاومة الجسم للأمراض.

 

•مزارع بلا أطباء بيطريين

أكثر من عشر جولات تفتيشية على المزارع، شهدتها معدة التحقيق، بصحبة مدير دائرة الرقابة والصحة المهنية والتفتيش على الذبح العشوائي، الدكتور خلدون الهوادي، في مناطق الماضونة وبلدية الموقر والمزارع المحيطة بحدود أمانة عمان، من دون أن تعثر على طبيب بيطري واحد أثناء هذه الجولات؛ سواء كانت المزارع مرخصة أم غير مرخصة.

وبحسب الهوادي، فإن هذه المزارع تقع داخل محافظة العاصمة، لكنّها غير خاضعة لأمانة عمان، مؤكداً أن البلديات هي المسؤولة عن بعض هذه المزارع وليست الأمانة؛ مثل مناطق سحاب وناعور والموقر والجيزة وحسبان وأم البساتين، بعد أن اختارت البلديات التي كانت تتبع الأمانة تولي مهام الرقابة؛ بسبب اختلاف الرسوم والضرائب والإجراءات القانونية.

وأشار الهوادي إلى أن المحافظات التابعة لوزارة البلديات هي: إربد، والمفرق، ومادبا، والكرك، والطفيلة، ومعان، والعقبة، وجرش، وعجلون، والزرقاء، والسلط؛ وتتمثل صلاحيات هذه البلديات في معاينة اللحوم وإجازتها للاستهلاك البشري، في نطاق المسالخ التابعة لها، وبعد ذلك تبدأ صلاحية المؤسسة العامة للغذاء والدواء.

ووفقاً لمدير دائرة الرقابة والصحة المهنية والتفتيش على الذبح العشوائي، الدكتور خلدون الهوادي، فإن وزراعة الزراعة هي المسؤولة عن المسالخ والمزارع خارج حدود البلديات.

وبحسب الأرقام الصادرة عن أمانة عمّان، فإن عدد الأطباء البيطريين التابعين لها أقل من 20 طبيباً، يتوزعون على مسلخين فقط في عمّان. وبلغ عدد الذبائح في مسلخ عمّان عام 2023 أكثر من أربعمئة ألف رأس من الأغنام. ويُشار إلى أن جميع المسالخ حكومية، ما عدا مسلخين فقط يتبعان شركات خاصة.

وجدت معدة التحقيق أن المزارع في تلك البلديات ترسل لحوم الذبح غير العشوائي إلى الملاحم وليس المسالخ، علماً بأن أيّ ذبيحة يتمّ التعامل معها خارج المسلخ لا تخضع للمعاينة البيطرية.

وبحسب مدير دائرة الرقابة والصحة المهنية والتفتيش على الذبح العشوائي، الدكتور خلدون الهوادي، فإن هذه المعطيات لا تنطبق على مزارع الأبقار الحلوب، التي قد يشرف عليها أطباء بيطريون. ويؤكد الهوادي أيضاً أن هذه المزارع تقوم بذبح الأغنام وتوزيعها على تجار اللحوم والملاحم.

ومن مهام الأمانة؛ إجراء الكشف الطبي على اللحوم وبيان صلاحيتها، والتأكد من عرضها على دائرة المسالخ وإجازة صلاحيتها، وفحص وإتلاف اللحوم غير الصالحة للاستهلاك البشري، واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين فيما يخص نظام المسالخ. وبحسب جميع الجهات فإن وزارة الزراعة هي المعنية بمراقبة المسالخ المرخصة، ومتابعة غير المرخصة أيضاً.

ووفقاً للهوادي، فإنه خلال الأشهر الستة الماضية (النصف الأول من عام 2024) تمّ اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق مخالفين لنظام المسالخ، وبواقع جولتين يومياً. فبلغ عدد الجولات ألفين و123؛ رُصدت خلالها 445 مخالفة وتمّ إتلاف 71 حالة، بلغ وزنها أكثر من 23 ألف كيلوغرام، ووُجهت خلالها أيضاً تسعة إنذارات.

 

•متبقيات الأدوية البيطرية

الذبح العشوائي يؤدي إلى ظهور أمراض مشتركة بين الإنسان والحيوان، مثل الحمى القلاعية وعدم مقاومة الأجسام للمضادات الحيوية، وهو أمر يؤرق الجهات المعنية العالمية والمحلية.

رئيس قسم الرقابة والمعاينة في أمانة عمان، الدكتور مجدي الرحاحلة، يشير إلى أن الذبح العشوائي يشكل نسبة كبيرة من ذبائح المملكة: "بحسب التعليمات الصادرة عن نظام المسالخ، يُمنع ذبح المواشي والدواجن في غير الأماكن المخصصة لها".

ويرسم الرحاحلة خريطة للذبح المرخص والعشوائي قائلا: "عادة ما تخضع المزارع الكبيرة المرخصة للإشراف الصحي البيطري، في حين يتمّ الذبح العشوائي داخل الملاحم أو البيوت أو المزارع الصغيرة".

وينفي رئيس قسم الرقابة والمعاينة في أمانة عمان، صرف الأدوية البيطرية بطريقة عشوائية، مؤكداً أن الأشخاص الوحيدين، المخولين بفحص وإجازة وإقرار صلاحية الذبائح للاستهلاك البشري، هم الأطباء البيطريون.

ويشير الدكتور مجدي الرحاحلة إلى أهمية وجود الأطباء البيطريين للتأكد من سلامة الذبائح، وخلوها من متبقيات الأدوية البيطرية داخل أجسامها، التي قد تنتقل إلى الإنسان عبر البيض أو اللحوم، مضيفاً: "جزء كبير من المتبقيات بسبب تراكم الأدوية البيطرية في الذبائح، ومن ثم انتقالها إلى جسم الإنسان".

 

•من يراقب.. ومتى؟

جاء في رد المؤسسة العامة للغذاء والدواء على استفسارات معدة التحقيق، أن مهمة التفتيش هي مسؤولية مديريات المناطق التابعة للمؤسسة، المنوط بها الرقابة على الملاحم، من خلال تطبيق الشروط الصحية المتعلقة بآلية العرض والتخزين، وسلامة اللحوم المعروضة، وفق نظام درجة الخطورة المعتمد بالمؤسسة العامة للغذاء والدواء.

وأضافت المؤسسة في ردها، أن الكشف على الملاحم يتمّ مرة واحدة كل أربعة أشهر، وأن مختبراتها تعمل على إجراء فحوصات متبقيات الأدوية البيطرية في المنتجات الغذائية من أصل حيواني، عن طريق برامج الرصد المتخصصة التي تنفذها المؤسسة دورياً. وأكدت المؤسسة أنه خلال العام الماضي 2023، تمّ تنفيذ برامج لرصد المتبقيات في البيض والحليب والأسماك والدواجن، وأُرسلت هذه النتائج، من خلال قسم تحليل المخاطر، إلى الجهات المعنية، ومنها وزارة الزراعة وغيرها لإجراء اللازم حسب الاختصاص.

 

•تداول عشوائي للأدوية البيطرية

في عام 2015، حصلت المملكة على جهازين لفحص متبقيات الأدوية البيطرية من وزارة الزراعة الأمريكية؛ مُنحت وزارة الزراعة الأردنية أحد الجهازين، والآخر وضع في مؤسسة الغذاء والدواء بحسب مصدر رفض ذكر اسمه. ورغم وجود الجهازين بحوزة الجهات المختصة، لم يستخدم أيّهما على الإطلاق منذ استلامهما، وحتى تاريخ نشر هذا التحقيق. وبحسب مصادر مطلعة فإن الجهاز لم يستخدم من دون ذكر أيّ أسباب مقنعة.

الطبيب البيطري، عضو نقابة الأطباء البيطريين، سامح الفقيه، أكد حدوث الذبح العشوائي، بل وصفه بـ "الظاهرة" رغم وجود إجراءات حدّت منه داخل المدن؛ إلا أنه ما زال يشكل ظاهرة في المناطق البعيدة عن مراكز المدن، مضيفاً: "عادة لا تخضع المناطق الزراعية للرقابة، ولا يتمّ اكتشاف الأمراض الصحية التي تصيب تلك الحيوانات".

واستشهد الفقيه بواقعة الديدان الكبدية، التي عُثر عليها في ذبيحة كانت معدة للطبخ: "هذه الديدان تشكل خطراً على صحة المستهلك، وتُرى بالعين المجردة، وعدم التعامل مع الذبيحة داخل المسلخ وتحت الرقابة يعرض المستهلكين لخطر انتقال تلك الأمراض".

والديدان الكبدية من الأمراض المشتركة التي تصيب الحيوان والإنسان، وتسبب له أكياساً على الكبد والرئتين والدماغ والقلب، وتؤدي إلى الموت المفاجئ في حال انفجارها قبل اكتشافها. وتنتشر هذه الديدان في مناطق تربية الأغنام، ويمكن أن تصيب الإنسان عن طريق تناول غذاء ملوث ببيض المتورقة الكبدية.

وبحسب الطبيب البيطري سامح الفقيه، فإن ضعف الرقابة في المؤسسات الحكومية يرجع إلى نقص الكوادر مقارنة بأعداد المزارع والمنشآت الواجب مراقبتها في المملكة.

 

•مسالخ تستيقظ أبكر من زيارات المراقبة

تكبد المزارع مالك (اسم مستعار) خسارة قدرها عشرة آلاف دينار، جراء نفوق ماشيته لإصابتها بالحمى القلاعية، بعد أن قام بعلاجها بأدوية لا تُعطى لتلك الحالة المرضية للمواشي، يقول مالك: "تمّ تشخيصها بطريقة خاطئة، من خلال أحد المتطفلين على مهنة الطب البيطري، فكلفني ذلك الكثير". وبعد إعطائها الأدوية الخاطئة، بدأت ماشيته بالنفوق واحدة تلو الآخرى. ولمّا لاحظ ذلك، وقبل أن تنفق جميع ماشيته، ذبح مالك المتبقي منها وباعها سريعاً.

اللافت في الأمر، أن مالك يقر بوجود مزرعته غير المرخصة في منطقة عين الباشا منذ أعوام، وعدد مواشيه تجاوز مئة رأس.

ملاحظة إجرائية في غاية الخطورة، أشار إليها الطبيب البيطري سامح الفقيه؛ وهي أن المسالخ في المناطق النائية تباشر الذبح في ساعات مبكرة جداً، وعندما تأتي كوادر الرقابة تكون المسالخ قد أنهت مهمتها.

يأسف الفقيه في كون المشكلة الأساسية هي عدم تطبيق قانون ممارسة المهنة، محملاً وزارة الزراعة المسؤولية عن ذلك، مضيفاً: "تخيلوا في مادبا مُزارع غنم بإمكانه امتلاك صيدلية بيطرية… الوضع إذن كارثي".

ويؤكد الفقيه أن الطبيب البيطري هو الوحيد القادر على معرفة الأمراض في المواشي قبل وبعد الذبح، مضيفاً: "بعد الذبح يتمّ إما إجازتها كاملة للاستهلاك، أو إتلاف جزء معين أو إتلافها كاملة"، محذراً من وجود بعض الأمراض التي تستلزم إتلاف الذبيحة بالكامل، كمرض السل.

ورصدت معدة التحقيق بالعين، قيام صاحب ذبيحة بإزالة الأجزاء التي تدل على المرض وإتلافها، ثم باع بقية ذبيحته مع تأكده من إصابتها بالأمراض.

 

•الزيارات الدورية

"ربما كل شهر مرة، حسب فضاوتهم"، هذا ما أفصح عنه مدير الخدمات البيطرية في وزارة الزراعة، دكتور عصام حوا، وهو يشرح آليات عمل الزيارات الدورية على المسالخ. يضيف حوا: "لكن ليس لها أوقات محددة، أما إذا كانت هناك حالات مرضية، فقد تتحول الزيارات إلى يومية".

يأتي هذا رغم أن المؤسسة المعنية بمتابعة المزارع هي مديريات الزراعة، المسؤولة عن التأكد من متابعة الاشتراطات الصحية والخلو من الأمراض، عن طريق الأطباء البيطريين التابعين لها.

فماذا عن المحاسبة؟ وهل يملك المراقب قوة إدارية عند ضبط أي تجاوزات داخل المسالخ؟ يجيب دكتور حوا قائلاً: "نعم إذا اضطررنا إلى ذلك، نستعين بالشرطة البيئية".

ويؤكد مدير الخدمات البيطرية في وزارة الزراعة، دكتور عصام حوا، أن القانون يفرض وجود طبيب بيطري، على كل مئة رأس ماشية في المزرعة الواحدة، وأن ما يعانيه القطاع هو الصرف العشوائي للأدوية، مضيفاً: "هناك تجاوزات، وأشخاص غير مؤهلين يصرفون الأدوية بشكل عشوائي، ما يعني أننا بحاجة إلى زيادة الوعي حيال ذلك".

 

•مهنة الطب البيطري في الأردن مستباحة

يُقر عضو مجلس إدارة نقابة الأطباء البيطريين سابقاً، الدكتور يسار الخيطان، بأن أصحاب بعض المزارع الخاضعة لوزارة الزراعة، خارج أمانة عمان، يتهربون من المعاينة البيطرية التي تقر صلاحية اللحوم للاستهلاك البشري.

الخيطان وصف مهنة الطب البيطري في الأردن بالمستباحة؛ لوجود عدد هائل من غير المختصين الذين يقومون بالتشريح والتشخيص ووصف الأدوية، مضيفاً أن السبب في ذلك هو "ضعف الرقابة".

وحذر الدكتور يسار الخيطان، من خطورة أكل الذبائح غير الصالحة بالقول: "وجود المتبقيات في جسم الحيوانات قد تكون مسرطنة، وهناك فوضى عارمة في القطاع".

 

 


التعليقات