تقرير: الحوثيون مستعدون لمعركة طويلة في البحر الأحمر
يمن فيوتشر - ذا نيو عرب- ترجمة ناهد عبدالعليم: الثلاثاء, 30 يوليو, 2024 - 12:07 صباحاً
تقرير: الحوثيون مستعدون لمعركة طويلة في البحر الأحمر

بعد وقتٍ قصير من بدء حرب إسرائيل على غزة، أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بدأ الحوثيون شنّ هجماتٍ على سفن التجارة في البحر الأحمر، ومنذ ذلك الحين، لم تفلت الحرب بين الجماعة اليمنية والقوات متعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة من التصاعد.
وتعرضت مئات السفن للهجوم وغرقت ثلاث سفن خلال تلك الفترة، مع مقتل ما لا يقل عن ثلاثة بحارة في البحر الأحمر وخليج عدن أيضًا.
ومن المحتمل أن يتوسع زخم الهجمات في الأسابيع والأشهر القادمة، مع تعهد الحوثيين بضرب المزيد من سفن إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا.
وفي خطابٍ تلفزيوني مؤخرًا، قال رئيس حركة الحوثيين، (عبدالملك الحوثي): "مهما حدث فلن يؤثر ذلك أبدًا على موقفنا الثابت والمبدئي في دعم الشعب الفلسطيني، وسوف تستمر عملياتنا، بغض النظر عما يحدث".
وعلى الرغم من العواقب -حيث يمثل البحر الأحمر حوالي 15% من التجارة العالمية- يبدو أن من غير الممكن إيقاف الحوثيين.
ففي وقت سابق، يوليو/تموز، قال زعيم الحوثيين إن المجموعة استهدفت 170 سفينة ترتبط بالولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا، مشيرًا إلى أنهم يسعون لتعزيز العمليات في المحيط الهندي وبحر البلطيق.
وحتى الآن لا يمكن للناس في اليمن، وخارجها، تصور أن الحوثيين لم تنفد منهم الصواريخ والطائرات المُسيّرة ذات المدى البعيد خلال الثمانية أشهر الماضية. على العكس، أعلنت الجماعة عن إطلاق أسلحة جديدة، بما في ذلك الصواريخ فائقة السرعة والقوارب المُسيّرة والمفخخة.
وأثبت الحوثيون مدى تقدم أسلحتهم وتنوعها، وهجماتهم المستمرة على ممرات الملاحة قبالة سواحل اليمن، وهجومهم الأخير بواسطة طائراتٍ مُسيّرة على تل أبيب، يوضحان أن للجماعة قدراتٍ كبيرة على مواصلة إزعاج القوى العالمية والإقليمية. وهذا يجعل تقديرهم خطأ استراتيجيًا.
وبعد يوم واحد من الضربة الجوية بواسطة الطائرة المُسيّرة على تل أبيب، التي أسفرت عن مقتل شخص واحد، قامت إسرائيل بشنِّ غارات جوية على ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن تسعة وجرح العشرات من المدنيين.
وبدلًا من أن يكون رادعًا، رحب الحوثيون بالهجوم، حيث أشاروا إلى أن الحرب أصبحت مباشرة مع الإسرائيليين، "موقفنا ثابت"، وفقًا لعبدالملك الحوثي، الذي أضاف أن الهجوم الإسرائيلي كان مصممًا لتهدئة جمهورها الغاضب والخائف.


• الحالة المتصاعدة للحوثيين:
عمليات الحوثيين، التي تُنفذ على ما يبدو لدعم الفلسطينيين في غزة، غيّرت وضع الجماعة في اليمن، بعد أن جلبت لها عددًا هائلًا من المؤيدين والمقاتلين، ما منحها مزيدًا من السيطرة على السكان الذين يعيشون تحت حكمها، الذين وضعوا عيوب قيادتها جانبًا.
وبينما اعتمد الحوثيون على استراتيجية عسكرية لرفع وضعهم وتعزيز نفوذهم، فإنهم أيضًا أولوا أهمية لزيادة قاعدة شعبيتهم.
(عبد الرحمن ناصر) البالغ من العمر 28 عامًا وساكن في صنعاء، قال لـ"ذا نيو عرب" إن معركة الحوثيين ضد الولايات المتحدة في البحر الأحمر، وهجماتهم على إسرائيل، قد جلبت لهم شعبية أكبر في المناطق التي تحت سيطرتهم.
وعندما يشارك ناصر في مظاهرات الجمعة ضد حرب إسرائيل على غزة في ساحة السبعين، يقول إنه مندهش من حجم الحشود.
وأوضح لـ TNA قائلًا: "يجتمع هؤلاء الملايين من الناس كل جمعة بناءً على طلب زعيم الحوثيين. وقبل التصعيد في البحر الأحمر وقبل هجمات الحوثيين على إسرائيل، لم يتمكن زعيم الحوثيين من تعبئة عدد هائل من الناس".
أضاف، "تغيرت مواقف العديد من اليمنيين لصالح الحوثيين، وتم تلميع صورتهم. فقط الذين يعيشون في اليمن يمكنهم أن يدركوا هذا التغيير في الرأي العام".
وثقة الحوثيين اليوم تتجاوز حدودها، نظرًا لقدراتهم العسكرية الهائلة وزيادة شعبيتهم. ونتيجة لذلك، فإنهم لا يظهرون أي تردد في الدخول في حرب مع الخصوم المحليين أو القوى الإقليمية والدولية، بما في ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل.


• القتال المستمر في البحر الأحمر:
كان إيقاف هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر وخليج عدن مهمة صعبة بالنسبة للقوى الغربية، بما في ذلك واشنطن ولندن.
وعندما بدأت البلدان الغربية بضرب مواقع الحوثيين في يناير/كانون الثاني الماضي، كان من المتوقع أن تحيد هذه الضربات الجوية التهديدات الحوثية وتفرغ قدراتهم من الصواريخ والطائرات المُسيّرة. ومع ذلك، فإن مئات الهجمات الجوية الأمريكية والبريطانية لم تتمكن من تقليل ترسانة الصواريخ والطائرات المُسيّرة للجماعة.
ويعترف مسؤولون عسكريون أمريكيون بمدى صعوبة القتال ضد الحوثيين. حيث قال (برايان كلارك)، البحار السابق في البحرية وزميل كبير في معهد هدسون، في يونيو/حزيران: "هذا هو القتال الأكثر استمرارية الذي شهدته البحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية بلا شك".
ومنذ بدء تصعيد البحر الأحمر في نهاية العام الماضي، أطلقت البحرية الأمريكية أكثر من 100 صاروخ سطح-جو قياسي -تصل تكلفة كل منها إلى 4 ملايين دولار- لإسقاط الطائرات المُسيّرة الحوثية التي تبلغ قيمتها 10 ألف دولار.
وفي 12 يوليو/تموز، وصلت حاملة الطائرات الضخمة يو إس إس تيودور روزفلت إلى البحر الأحمر، لتحل محل حاملة الطائرات يو إس إس دوايت دي أيزنهاور التي غادرت في نهاية يونيو/حزيران، وكانت الأخيرة حيوية للعمليات الجوية على مواقع الحوثيين ولإجراء مهام الإنقاذ بواسطة المروحيات للسفن التي تعرّضت لهجمات الحوثيين.
وعلى الرغم من الأصول العسكرية الضخمة للولايات المتحدة في المنطقة، فإن طائرات الحوثيين والصواريخ والقوارب المفخخة ما زالت تجد وسيلة لضرب السفن. وببساطة، فإن العمليات العسكرية الغربية كانت مكلفة، قبل أن تفشل، لردع هجمات الحوثيين على ممرات الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، أو في أي مكان آخر في المنطقة.

• تجنب الحرب الشاملة:
يقول خصوم الحوثيين إن استعادة محافظة الحديدة وموانئها من يد الحوثيين سيكون الخطوة الأولى نحو وضع حد لتهديدات ممرات الملاحة الدولية.
ومع ذلك، من المتوقع أن تؤدي مثل هذه الخطوة إلى حربٍ شاملة، وهو سيناريو لا تسعى الولايات المتحدة إلى متابعته، وفقًا لباحثين سياسيين يمنيين.
حيث قال (مصطفى ناجي)، باحث يمني، لـ TNA: "الولايات المتحدة لم تعد على استعداد للانخراط في معارك جديدة في الشرق الأوسط، خاصة بعد تجربتها في أفغانستان والعراق".
ويعتقد ناجي أن تورط الولايات المتحدة في حرب في اليمن سيكون "بلا جدوى"، حيث سيعني توسيع الحرب من غزة إلى اليمن، مما سيخدم "مصالح إيران".
لكن الحوثيين الذين يحظون بدعم إيران بشكل كبير، أغلقوا تقريبًا طرق الشحن العالمية في البحر الأحمر، ما أدى إلى تقليص تدفق السفن بنسبة 40% وتأثير اقتصاد العديد من الدول حول العالم.
ومع عدم وجود علامة على انتهاء الأزمة، ستستمر في تكوين عبء ضخم على استقرار المنطقة والتجارة الدولية.
وبالنسبة للحوثيين، الخيار الوحيد الممكن لاستعادة الهدوء هو وقف الحرب الإسرائيلية على غزة. ومع عدم وجود أي علامة على التغيير في استراتيجية تل أبيب، إلى جانب تصاعد التوتر مع حزب الله، يبدو أن معركة البحر الأحمر محتملة الاستمرار.


التعليقات