تقرير: الغارة الإسرائيلية على اليمن تسبب للحوثيين خسائر بالملايين
يمن فيوتشر - "إسرائيل هيوم" - ترجمة غير رسمية السبت, 27 يوليو, 2024 - 02:00 صباحاً
تقرير: الغارة الإسرائيلية على اليمن تسبب للحوثيين خسائر بالملايين

لم يقتصر تأثير عملية "الذراع الطويلة" على الردع والضرر النفسي، بل استهدف بشكل رئيسي قطع شريان الحياة للاقتصاد الحوثي. ما هي تكلفة العملية بالنسبة لإسرائيل؟ وما هي الأضرار الاقتصادية الهائلة التي لحقت بالحوثيين؟

3 ملايين دولار يومياً، هذا هو المبلغ الفلكي الذي يكسبه الحوثيون، بحسب التقديرات، من ميناء الحديدة، الشريان الرئيسي لاقتصادهم، والذي تستورد من خلاله المنظمة "الإرهابية" السلع والأغذية والأسلحة الإيرانية.

السبت الماضي، هاجم سلاح الجو الإسرائيلي ميناء الحديدة، مخلفا أضراراً جسيمة، فما هي الأهداف؟ وما حجم الأضرار التي لحقت بالحوثيين نتيجة الضربة مقارنة بالتكلفة التقديرية للضربة الإسرائيلية؟ وما هو تاريخ الحديدة في الحرب اليمنية في الآونة الأخيرة؟ ولماذا حاولت الإمارات احتلالها منذ عام 2016؟

 

- تكلفة العملية

بحسب جيش الدفاع الإسرائيلي وتقارير مختلفة في اليمن، فإن طائرات سلاح الجو الإسرائيلي قصفت مواقع عسكرية حوثية تستخدم لتخزين الأسلحة من إيران، ومنشآت نفطية، ومحطة كهرباء رأس الكتيب، وهو القصف الذي تسبب في حريق هائل، أعقبه انقطاع واسع النطاق للتيار الكهربائي.

وبحسب عدة مصادر، منها "سكاي نيوز عربية" و"البلد" المصري، فإن جيش الاحتلال قصف 20 منشأة لتخزين الوقود، معظمها داخل الميناء نفسه.

وقال المتحدث باسم جيش الدفاع الإسرائيلي، العميد دانييل هاغاري، في تصريح صحفي: "هاجمنا منطقة الميناء لأنها طريق إمداد لنقل الأسلحة من إيران إلى اليمن ومصدر اقتصادي مهم للإرهاب الحوثي".

وأضاف أن الهدف الرئيسي من الهجوم على ميناء الحديدة هو إلحاق الضرر الاقتصادي بالحوثيين، ثم من المهم دراسة الضرر الاقتصادي في هذا السياق مقارنة بالتكلفة.

وذكر موقع "الجزيرة" بالعربية أن "الأضرار التي خلفها الهجوم على ميناء الحديدة لا تزال غير واضحة، وقد يؤدي حجم الضرر إلى تقليص قدرة الميناء على نقل البضائع وربما يؤدي إلى توقفه. وبحسب تقديرات وسائل إعلام محلية في اليمن، فإن الحوثيين يكسبون أكثر من 3 ملايين دولار يوميا من الواردات والمبيعات، لذا فمن المتوقع أن يخسروا جزءا كبيرا من دخلهم".

ويتوقف حجم الضرر على قدرة الحوثيين على مواصلة التجارة، وكمية ونوع الأسلحة المدمرة، والأضرار الناجمة عن انقطاع الكهرباء والحرائق، وبالطبع إعادة بناء الميناء، والتي تقدر مصادر إسرائيلية أنها ستستغرق ما بين ستة أشهر إلى عام. وأكد وزير الكهرباء في حكومة المتمردين الحوثيين، محمد البخيتي، أن الهجوم تسبب في أضرار جسيمة.

 

- حان وقت الأرقام

إذن كم كلّفنا الهجوم؟ وما هي الأضرار المقدرة المتوقع أن يتكبدها الحوثيون؟

تقدر التكلفة التشغيلية لطائرة "إف-35" بدون تكاليف الوقود بنحو 31 ألف دولار في الساعة، في حين تصل تكلفة طائرة "إف-15" بدون وقود إلى نحو 29 ألف دولار في الساعة. وتقدر تكلفة الوقود بنحو 14300 دولار لكل ساعة طيران لطائرة "إف-35" ونحو 29 ألف دولار لطائرة "إف-15". وبالتالي فإن تكلفة ساعة الطيران لكل طائرة "إف-35" تبلغ نحو 45300 دولار، وبالنسبة لطائرة "إف-15" تبلغ نحو 38600 دولار.

أقلعت الطائرات الأولى في الساعة 15:10، ووقع القصف نفسه في الساعة 18:00، مما يعني أنها طارت لمدة ساعتين و50 دقيقة في كل اتجاه، بإجمالي حوالى 5 ساعات و40 دقيقة.

وعلى حد علمنا حتى الآن، فقد شاركت في الهجوم 18 طائرة، أغلبها من طراز "إف-35" إلى جانب عدد قليل من طائرات "إف-15". ولأن عدد الطائرات من كل نوع غير معروف، فمن المستحيل معرفة تكلفة استخدامها على وجه التحديد. ولكن بحساب تكاليف التشغيل والوقود مضروبة في عدد ساعات الطيران، يمكن تقدير التكلفة بنحو 4.4 مليون دولار.

وبالإضافة إلى هذا المبلغ، يتعين علينا أن نأخذ في الحسبان تكاليف التشغيل والوقود لعدة طائرات للتزود بالوقود "رام"، وطائرات "إف-16"، وطائرات الاستطلاع "ناحشون"، وطائرات النقل "شمشون"، وتشغيل السفن البحرية التي دعمت القوات الجوية من البحر الأحمر، وبالطبع تكلفة الذخائر نفسها، والتي يمكن أن تتراوح من مئات الآلاف إلى الملايين. وبصورة متحفظة، يمكننا القول إن الهجوم الإسرائيلي التاريخي على اليمن ربما كلف ما لا يقل عن 6 ملايين دولار، وربما تجاوز 8-10 ملايين دولار، وهذا يتوقف على عدد الطائرات والمعدات الإضافية المشاركة، ونوع الذخائر، وكمياتها، وغير ذلك.

 

- أضرار محتملة تصل إلى مئات الملايين من الدولارات

من ناحية أخرى، وكما ذكرنا سابقا، يكسب الحوثيون نحو 3 ملايين دولار يوميا من ميناء الحديدة، ومن المتوقع أن تستغرق عملية إعادة إعماره ما بين ستة أشهر إلى عام. ووفقا لـ"الجزيرة"، فإن الأضرار التي لحقت به قد تؤثر في قدرته على نقل البضائع وربما تؤدي إلى إغلاقه بالكامل.

إن إغلاق الميناء بالكامل من شأنه أن يجبر الحوثيين على نقل كل التجارة إلى ميناءي الصليف ورأس عيسى، اللذين لن يكونا قادرين على التعامل مع مثل هذه الكميات من البضائع. وفي سيناريو يتم فيه تقليص سعة الشحن في ميناء الحديدة بنسبة 20٪ لمدة ستة أشهر، فإن الحوثيين سيخسرون حوالى 108 ملايين دولار من التجارة وحدها.

وفي سيناريو أكثر خطورة بالنسبة لهم، حيث يتم إغلاق الميناء لمدة عام، بينما يتمكنون خلال الأسبوعين اللذين تتجمد فيهما التجارة من نقل 75% منها إلى الميناءين الأصغر حتى استعادة الحديدة، فإن الحوثيين سيخسرون نحو 312 مليون دولار.

وإلى جانب الأضرار التجارية، لا بد من الأخذ في الاعتبار تكاليف ترميم محطة الطاقة ومرافق التخزين وغيرها، والتي قد تصل إلى عشرات الملايين من الدولارات. وأخيرا، الأضرار المباشرة الناجمة عن القصف، حيث كشفت صور الأقمار الصناعية الأخيرة من القمر الصناعي الإسرائيلي (EROS B) عن تدمير نحو ثلثي احتياطيات النفط والوقود في ميناء الحديدة. وكتب دين شموئيل إلماس في صحيفة "غلوبس" أن الأضرار المباشرة للميناء قد تصل إلى نحو 100 مليون دولار، منفصلة عن الأضرار غير المباشرة المذكورة آنفا.

من جهة أخرى، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز"، الأحد، أن خبراء في الدراسات اليمنية قالوا إن الهجوم لن يردع الحوثيين عن مهاجمة إسرائيل مجددا، بل قد يعزز دوافعهم للقيام بذلك. وتوقعوا أن يكتسب الحوثيون قوة سياسية في اليمن والعالم العربي، في حين سيعاني المواطنون اليمنيون من الهجوم.

ولكن المقال لم يأخذ في الاعتبار الأضرار الاقتصادية التي قد تلحق بالحوثيين، والتي قد تكون هائلة بالنسبة لمنظمة "إرهابية" من بلد فقير يخوض حربا طويلة الأمد، رغم الدعم الإيراني المتزايد المحتمل في أعقاب الهجوم.

 

- الهدف الرئيسي في مكافحة الإرهاب الحوثي

وفي الأشهر الأخيرة، تعرضت الحديدة لهجمات عدة من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، لكن دولة أخرى كانت قد حددت قبل سنوات ميناء الحديدة كهدف رئيسي في الحرب ضد المنظمة الإرهابية: الإمارات العربية المتحدة.

اليمن منقسم عمليا بين ثلاث قوى رئيسية، هي: "مجلس القيادة الرئاسي"، والحكومة اليمنية وحلفاؤهما: القوات المشتركة والمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يسيطر على معظم أنحاء البلاد، والحوثيون وحلفاؤهم، وتنظيم القاعدة.

الحديدة هي مدينة ساحلية تقع في محافظة الحديدة غربي البلاد، ويسيطر الحوثيون على معظمها. ويعد ميناء الحديدة شريان الحياة الرئيسي لأراضي الحوثيين، حيث يستوردون عبره كميات كبيرة من السلع والأغذية، وبحسب عدة مصادر، بما في ذلك تقديرات إسرائيلية، الأسلحة. وعليه، يعتبر نقطة استراتيجية بالغة الأهمية.

وتخضع محافظة تعز، المحاذية للحديدة من الجنوب، لسيطرة القوات المشتركة، وهي تحالف يضم نحو 40 ألف مقاتل بقيادة أحد نواب الرئيس، طارق صالح، وتدعمه الإمارات والسعودية.

 

- "النصر الذهبي"

منذ العام 2016، اقترحت الإمارات العربية المتحدة على الأميركيين شن هجوم بحري على ميناء الحديدة، الذي اعتبرته شريان الإمداد الرئيسي للجماعة "الإرهابية"، وأن الاستيلاء عليه سيجبر الحوثيين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات. عارض الأميركيون العملية، إما لأنهم لا يريدون التورط في حرب أخرى في الشرق الأوسط، وإما لأن الميناء يخدم أيضا في جلب المساعدات الإنسانية.

ورغم المعارضة، لم تستسلم الإمارات، بل قامت بتدريب نحو 25 ألف جندي يمني وأعدتهم لعملية الاستيلاء على الميناء.

وفي يونيو/حزيران 2018، توغلت القوات في الحديدة وحاولت السيطرة عليها في إطار عملية "النصر الذهبي". وحاولت الإمارات إقناع الأميركيين بدعم القوات في حربها ضد الحوثيين، بهدف السيطرة على الميناء في نهاية المطاف. وقال بيتر سالزبوري، كبير المستشارين في المعهد الملكي البريطاني "تشاتام هاوس"، في ذلك الوقت، إن السيطرة على ميناء الحديدة من شأنها أن تحرم الحوثيين من مئات الملايين من الدولارات من الإيرادات.

ولكن للأسف عارض الأميركيون مرة أخرى، وبعد قتال متواصل لمدة ستة أشهر انتهت العملية عملياً بوقف إطلاق النار دون الاستيلاء على الميناء. وفي العام 2021 انسحبت القوات، واستعاد الحوثيون السيطرة الكاملة على الحديدة.

ومن المتوقع أن تؤثر الضربة الإسرائيلية ليس فقط على الحديدة بل على كل أراضي الحوثيين بما في ذلك العاصمة صنعاء. ورغم أن من المبكر تقييم مدى الضرر الذي لحق بالجماعة المدعومة من إيران، إلا أنه يمكن القول بالفعل إنها تضررت بشكل كبير.

 

 


التعليقات